صحيفة إثيوبية: مصر بيت من زجاج وعلينا بناء آلاف السدود

أزمة سد النهضة تنتقل إلى ساحات دولية
إثيوبيا تواصل بناء سد النهضة رغم مخاوف مصر من تأثيره على حصتها من مياه النيل (الجزيرة)

واصلت الصحف الإثيوبية حملتها الإعلامية المؤيدة لاستكمال مشروع بناء سد النهضة، منتقدة مساعي مصر لفرض اتفاقيات أُبرمت في عهد الاستعمار، حسب وصفها.

فقد نشرت صحيفة "كابيتال" الأسبوعية مقالا لكاتبة تطلق على نفسها اسم "ملكة سبأ" اقترحت فيه أن تدرس أديس أبابا إمكانية بناء آلاف السدود الصغيرة إلى جانب سد النهضة الذي تصفه بأم كل السدود.

ووفقا للكاتبة فإن رياح التهديد والتحريض على إثيوبيا بالحرب تهب عبر صحارى جمهورية مصر العربية لفرض اتفاقيات تعود للحقبة الاستعمارية "في تجاهل تام" لاقتسام مياه النيل الأزرق على نحو منصف وعادل.

وأوضحت في هذا الصدد أن إثيوبيا قد تضطر للانخراط -رسميا وغير رسمي، وبشكل ضمني أو صريح- في بناء سدود صغيرة في كامل منطقة تجمعات مياه النيل الأزرق على امتداد عدة مئات من الأميال داخل حدود البلاد، تحسبا لأي هجوم من جانب مصر.

ومضت الصحيفة إلى القول إن إثيوبيا قد تطلق حملة متواصلة لاستغلال كل مسطحاتها المائية، التي تشكل نهر النيل العظيم، بعزم وحزم وبدوافع انتقامية ردا على موقف مصر "العدائي الدائم".

تهديد مصري
وتزعم الكاتبة أن إثيوبيا ظلت تتعرض لتهديد واضح ومحاولات تخريب صريح من الحكومات المصرية المتعاقبة منذ عهود موغلة في القدم لتثنيها عن الاستفادة من المسطحات المائية التي وهبها الله لها دون الإضرار بحقوق دول المصب.

وخلال الأسبوع الماضي، تصاعدت أزمة سد النهضة بعد إعلان إثيوبيا انسحابها من المفاوضات مع مصر والسودان برعاية أميركية، مؤكدة حقها في مياه النيل، وأنه لا توجد قوة تمنعها من استغلال مواردها في التنمية، وهو ما رفضته القاهرة، واعتبرته تصعيدا غير مبرر.

وأشارت "ملكة سبأ" إلى أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تنحى للتو من رئاسة الاتحاد الأفريقي حيث كان يُفترض منه أن يضطلع بدور مهم في إيجاد "حل أفريقي لمشكلة أفريقية"، على حد تعبير المقال.

‪كاريكاتير نشرته صحيفة كابيتال رفقة موضوعها‬ كاريكاتير نشرته صحيفة كابيتال رفقة موضوعها 
‪كاريكاتير نشرته صحيفة كابيتال رفقة موضوعها‬ كاريكاتير نشرته صحيفة كابيتال رفقة موضوعها 


أنانية السيسي
وبرأي الكاتبة، فإن السيسي أصر "بأنانية وبشكل مخادع وغير لائق على إقحام وسطاء غير أفارقة للتدخل في مخالفة تامة لاتفاقية الإطار التعاوني" لدول حوض النيل المبرمة في مدينة عنتيبي الأوغندية عام 2015.

وبلغة اتسمت بإطلاق نعوت حادة، واصلت ملكة سبأ انتقاداتها الصارخة للحكومة المصرية بسبب "تنصلها بشكل مخزٍ من التزامها القاري ومسؤوليتها تجاه التقيد والوفاء واحترام المبدأ الأساسي للاتحاد الأفريقي الذي يتبنى حلا أفريقيا لأي مشكلة أفريقية".

ووفقا للمقال، فإن من تصفهم الكاتبة بـ"المراقبين المنحازين الذين نصبوا أنفسهم وسطاء ووكلاء" لم يتركوا لإثيوبيا مجالا كبيرا للمناورة والاستمرار في المفاوضات، في إشارة على ما يبدو للولايات المتحدة وأطراف أخرى عربية وغيرها.

وأعربت الكاتبة عن أملها في أن تتمكن رئاسة الاتحاد الأفريقي في دورتها الجديدة -التي تولتها جمهورية جنوب أفريقيا- من الاضطلاع بدور إيجابي في هذه القضية.

الاستعداد للحرب
وأثار المقال شكوكا حول نوايا النظام المصري، حيث ذكرت الكاتبة أن القاهرة ربما تكون منهمكة "بشكل محموم" في التخطيط لشن حرب "مفتوحة وسافرة" على إثيوبيا بهدف تدمير قرابة 70% مما أُنجز من أعمال بناء سد النهضة.

وبنبرة تنطوي على نوع من التهديد، أقر مقال صحيفة كابيتال بأن إثيوبيا قد تبدو دولة من الوزن الخفيف إذا ما قورنت بتفوق القاهرة العسكري الظاهر بفضل ما تتلقاه من دعم خارجي، إلا أن مصر تملك أيضا سد أسوان العملاق "وتعيش في بيت من زجاج". ولفتت الصحيفة إلى أن سد أسوان (السد العالي) بُني دون استشارة إثيوبيا "أم النيل الأزرق!".

وكما ألمح رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد ضمنيا قبل مدة، فقد تراود مصر نزعة لإطلاق بعض الصواريخ نحو السد أو على شبكات البنية التحتية.

على أن ملكة سبأ آثرت تخفيف حدة لهجتها في خاتمة المقال داعيةً مصر إلى استنفار شعبها لتوحيد جهوده من أجل دعم حملة إثيوبيا الخضراء التي ستعود بالنفع العميم عليها وإرواء ظمئها للماء.

وقالت إن الوقت قصير لتعيد مصر ضبط ساعتها الدبلوماسية بالكف عن إطلاق التهديدات والأعمال التخريبية. على أن الكاتبة تستدرك قائلة إن تلك النصيحة قد تبدو ساذجة، إن لم تكن سخيفة، بالنظر إلى ما تصفه بتاريخ مصر "المثبت والمستمر والمؤسف" الذي يتسم بالتآمر من أجل إبقاء إثيوبيا "ضعيفة ومتشظية ومتخلفة".

وختمت الصحيفة بالقول إنها إهانة وإساءة "لكل الأفارقة وأحفاد الأفارقة في جميع أرجاء العالم الذين هزموا الاستعمار بشجاعتهم"، أن تطل مصر "برأسها القبيح" وهي تسعى بشكل خطير لفرض أجندتها على إثيوبيا وجاراتها.

المصدر : الجزيرة