هل تخدع الحكومة المصرية الموظفين بدعوتهم للتقاعد المبكر؟

epa02932522 Egyptian teachers hold banners and shout slogans during a protest in front of the prime minister?s office in Cairo, Egypt, 24 September 2011. According to media reports, teachers from different Egyptian governorates organized the protest to demand the sacking of the minister of education and better wages. Hundreds of Egyptian teachers on 18 September went on strike at the beginning of the new school year. Activists said most teachers in the eastern city of Suez had refused to turn up for work, while several schools in Cairo were closed due to the strike. EPA/KHALED ELFIQI
مظاهرة احتجاجية للمعلمين على تردي أوضاعهم (الأوروبية-أرشيف)

محمود صديق-القاهرة

بينما يعيش المواطن المصري صعوبات عديدة، يوجد لدى فئة الموظفين صعوبات عديدة تدفع البعض أحيانا إلى خيار التقاعد المبكر مع اللجوء للبحث عن عمل خاص، لكن التقاعد المبكر أصبح على ما يبدو ينطوي على مخاطر عديدة مما يتطلب النظر في الأمر قبل الإقدام عليه.

فقد أثارت نائبة حالة من الجدل لدى الموظفين وأرباب المعاشات حين نصحت هاني محمود مستشار رئيس الوزراء للإصلاح الإداري بعدم إطلاق تصريحات دون الوقوف على التشريعات التي تخرج من البرلمان من أجل المصلحة العامة.

وكان محمود قد صرح بأن من يتقدم للحصول على المعاش المبكر وتجاوز سن الخمسين سيحصل على ترقية استثنائية ومعاش كامل كأنه وصل للستين عاما، وهو سن التقاعد الرسمي.

ورفضت مايسة عطوة (وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب) ما رأته دعوة حكومية للمعاش المبكر لأنها تضر بمصلحة بعض العاملين، فالمخاطبون بالقانون الذي تتحدث عنه الحكومة سيحرمون من العديد من الامتيازات حال لم تنطبق عليهم الاشتراطات المنصوص عليها في القانون الجديد.

فما هي أهم شروط الحصول على المعاش المبكر بالقانون الجديد؟ وما أهم المصاعب التي سيواجهها من أنهوا خدمتهم ولم يطلبوا تسوية المعاش بعد إقرار القانون؟ وهل يعني كلام النائبة أن الحكومة تخدع العمال والموظفين بدعوتهم للخروج إلى المعاش مبكرا إذا لم تنطبق عليهم الشروط؟

‪هل تصدق الحكومة في الحديث عن كثرة الموظفين؟‬ (الصحافة المصرية)
‪هل تصدق الحكومة في الحديث عن كثرة الموظفين؟‬ (الصحافة المصرية)

شروط المعاش المبكر
بدأ تطبيق القانون رقم 148 لسنة 2019 الخاص بالتأمينات الاجتماعية منذ الأول من يناير/كانون الثاني الماضي بعد أن صدق عليه رئيس الجمهورية صيف العام الماضي. وقد وضع القانون شروطا ينبغي توافرها في من يريد الخروج إلى المعاش المبكر، أهمها وجود مدد اشتراك في تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة تعطي الحق في معاش لا يقل عن 50% من أجر أو دخل التسوية الأخير.

ولا بد أن يتضمن الاشتراك التأميني -طبقا لنصوص القانون- مدة اشتراك فعلية لا تقل عن 240 شهرًا، وتكون لمدة ثلاثمئة شهر فعلية بعد خمس سنوات من تاريخ العمل بالقانون الجديد.

وذلك يعني -حسب تعليقات نقابيين عماليين- أنه لن يكون بمقدور من لم تتوفر لديهم مدة اشتراك عشرين عاما (ستصل إلى 25 عاما بدءا من تطبيق القانون) طلب الخروج إلى المعاش المبكر.

ويرى المحامي العمالي محمد ماهر أن هناك أزمة كبرى من وراء القانون الجديد تتمثل في عدم تحديد فترة انتقالية بين تطبيق القانونين القديم والجديد تستوعب المضارين من التطبيق الفوري للقانون الجديد.

‪جانب من معاناة المراجعين بالجهات الرسمية‬ (الصحافة المصرية)
‪جانب من معاناة المراجعين بالجهات الرسمية‬ (الصحافة المصرية)

حرمان من المعاش
وأشار المحامي للجزيرة نت إلى أن من يخرج على المعاش قبل نهاية 2019 ولو بيوم واحد سيختلف معاشه تماما عن زميله الذي قضى نفس المدة بالخدمة، ودفع نفس نسبة الاشتراك وخرج بعد الأول من يناير/كانون الثاني 2020.

بل إن الذي يخرج للمعاش المبكر بعد تطبيق القانون الجديد سوف يحرم من المعاش كاملا، لكن من خرج قبل 31 ديسمبر/كانون الأول 2019 من نفس جهة العمل ومدة الخدمة ونسبة الاشتراك يستحق معاشا طبقا للقانون القديم، على حد قول المحامي العمالي.

ويؤكد محمد قطب النقابي العمالي عضو حركة الدفاع عن أصحاب المعاشات أن القانون الجديد لم يأت بأي كلمة تذكر عن مكافأة نهاية الخدمة التي كانت تصرف من قبل التأمينات بواقع شهر عن كل سنة من مدة التأمين.

خداع حكومي
وأضاف قطب للجزيرة نت أن المعاش يتم احتسابه بالقانون الجديد طبقا لمتوسط أجر العامل خلال مدة الاشتراك، وهذا سيضعف المبلغ النهائي للتسوية الذي كان يحتسب بالقانون القديم على متوسط الأجر خلال السنوات الخمس الأخيرة من مدة الخدمة التي يصل فيها العامل أو الموظف لأعلي راتب.

وعلق على تصريحات مستشار رئيس الوزراء المحفزة للخروج على المعاش المبكر ووعدهم بمزايا عديدة بأنها بمثابة خداع للموظفين الذين سيخرجون على المعاش المبكر ليصدموا بحرمانهم من أي معاش طبقا للقانون الجديد.

شبه مستحيل
ويعتقد مجدي البدوي نائب رئيس اتحاد العمال رئيس النقابة العامة للعاملين بالصحافة والطباعة والإعلام أن حصول المؤمن عليه على المعاش المبكر شبه مستحيلة نظراً لصعوبة تحقيقه في ظل الأوضاع الحالية بالنسبة لمدد متوسط الأجور للعاملين بجميع القطاعات، سواء الحكومي أو القطاع العام أو الخاص.

وأكد -في تصريحات صحفية- أن الكثيرين يضطرون إلى المعاش المبكر للظروف الصحية وعدم القدرة على الاستمرار بالعمل، وشرط 50% لا يحقق المعاش على أى حالة، حتى لو كانت السن فوق 55 سنة، إلا القليل جداً، فلا يستطيع من يبلغ 38 إلى 52 سنة الحصول على معاش مبكر وهو قادر على العمل إلا في وجود حالة مرضية يتم إثباتها عن طريق التأمين الصحي ولجان العجز.

وطالب البدوي بتعديل شرط 50% من أجر التسوية الأخيرة إلى 50% من متوسط أجر التسوية عن المدة السابقة للقانون، والمدة اللاحقة للقانون، أو إضافة عبارة "يُستثنى من هذا الشرط من تجاوز سن الخمسين" حتى يمكن تطبيق ذلك على من تجاوز سن 53 سنة فما فوق.

دفاع وزيرة التضامن
على الجانب الحكومي، أكدت وزيرة التضامن الاجتماعي نيفين القباج أن هذا القانون يمنح جميع أطراف العلاقة التأمينية مزايا عديدة سواء العامل أو صاحب العمل أو صاحب المعاش أو المستحقين عن أصحاب المعاشات.

وقالت القباج -في تصريحات متلفزة- أن المزايا تشمل قانونا موحدا يطبق على جميع فئات المصريين ويقوم على أساس توحيد الاشتراكات والمزايا وشروط الاشتراك والاستحقاق، إضافة إلى تخفيض نسب الاشتراكات لصاحب العمل والمؤمن عليه.

وقد استحدث القانون الجديد -وفق الوزيرة- معاشا إضافيا اختياريا للمؤمن عليهم الذين تتجاوز أجورهم الحد الأقصى للأجر التأميني بهدف تحسين المعاشات، والحفاظ على كل الحقوق الإضافية التي يحصل عليها المؤمن عليهم وأصحاب المعاشات والمستحقون عنهم دون تخفيض.

يُذكر أن الدراسة الاكتوارية لقانون التأمينات والمعاشات الجديد أشارت إلى أن هناك تعارضاً بين المعاش المبكر وقانون التأمينات والمعاشات الجديد، وجاء فيها "من المثير للتساؤل وجود نظام للمعاش المُبكر يشجع الموظفين على التقاعد، بينما يضع قانون التأمين الاجتماعي والمعاشات الجديد في نفس الوقت خطة للزيادة في سن التقاعد".

ورصدت الدراسة التي أجريت بمشاركة منظمة العمل الدولية خروج 45 ألف موظف سنويا إلى المعاش المبكر.

المصدر : الجزيرة