ستراتفور: العراق يظل ساحة مواجهة بين أميركا وإيران.. فما السبب؟

epa08101847 People attend a funeral procession of slain Abu Mahdi al-Muhandis and Qassem Soleimani in central Baghdad, Iraq, 04 January 2020. Thousands of Iraqi Shiite armed groups members have joined the funeral procession in Baghdad for Iraqi militia commander Abu Mahdi al-Muhandis and Qassem Soleimani, the head of Iran's Islamic Revolutionary Guard Corps' elite Quds Force, and the eight others killed in a US drone strike at the Baghdad international airport on 03 January 2020. EPA-EFE/MURTAJA LATEEF
أعداد كبيرة من أنصار الحشد الشعبي شاركت في تشييع جثماني سليماني والمهندس في بغداد الشهر الماضي (الأوروبية)

حذر مركز ستراتفور الاستخباراتي الأميركي من احتمال أن يكون العراق ساحة للمواجهة بين الولايات المتحدة وإيران في الأشهر المقبلة، نظرا لعلاقات طهران الراسخة بالعديد من المليشيات العراقية المسلحة التي تتسم بالعنف ووجودها على مقربة من القوات الأميركية المنتشرة هناك.

وفي مقال مشترك لاثنين من خبرائه، يرى المركز أن الإحساس بوجود تهديد أميركي سيدفع المليشيات المتحالفة مع إيران إلى توطيد العلاقات فيما بينها على المدى القصير.

وأضاف كبير المحللين العسكريين عمر العمراني ومحللة شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إميلي هوثورن في مقالهما المشترك، أن قتل واشنطن زعيما بارزا لإحدى المليشيات العراقية -في إشارة إلى قائد قوات الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس- سيذكي في نهاية المطاف أوار الصراع بين القوات الأمنية المتنافسة في العراق.

ومن شأن ذلك التنافس أن يصعّب على بغداد كبح جماح العنف الذي تقوده تلك المليشيات، وكذا العنف السياسي الذي يتسبب فيه المحتجون المناوئون للحكومة.

وأوضح مقال مركز ستراتفور -الذي يعد أحد أهمّ المؤسسات الخاصة التي تعنى بقطاع الاستخبارات- أن وجود خليط من الجماعات المسلحة العنيفة بالعراق في ظل سياسات متقلبة، يوفر الشرارة التي قد تشعل صراعا مسلحا بين إيران والولايات المتحدة، وتعصف معها بقية من استقرار في بغداد.

وبرأي العمراني وهوثورن، فإن التنافس المحتدم بين مختلف المليشيات وعجز بغداد الدائم عن السيطرة على أي منها، سيفاقم غالبا زعزعة الاستقرار في العراق.

ويقول المحللان إن غياب المهندس -باعتباره كان "عنصر توحيد"- عن الساحة بمقتله، سيفتح الباب على مصراعيه لمزيد من التنافس بين المليشيات العراقية، وسيضعف أكثر قبضة بغداد "المرتخية" أصلا على تلك المجموعات التي تناور من أجل الحصول على مزيد من السلطة.

وسيزيد ذلك -حسب المقال- من خطر اندلاع العنف، وسيعيق التعاون بين الأطراف الخارجية، مثل الولايات المتحدة، والحكومة المركزية العراقية وقوى الأمن الاتحادية في مجال مكافحة الإرهاب.

ومما يزيد طين الفوضى بلة في العراق، حركة الاحتجاجات التي اكتسبت جرأة في مطالبتها الحكومة بإجراء إصلاحات. ويعتبر الكاتبان أن قرار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر التحول من دعم الاحتجاجات إلى معارضتها، يعكس رغبته في الحفاظ على سلطته السياسية المتنامية بموازاة سلطة الحكومة المركزية التي تزداد ضعفا.

كما أن هذا التحول يظهر -على ما يبدو- قدرا من التعاون بين الصدر والمليشيات المتحالفة مع إيران.

وبدلا من اصطفاف سياسي أكبر، فإن قرار الصدر التراجع عن موقفه السابق يعبر أكثر عن رغبة مشتركة لدى النخب السياسية العراقية في تجنب إحداث خلل في الوضع الراهن الذي أتاح لهم الازدهار في بغداد، حسب تعبير المقال.

غير أن بروز جبهة أكثر تنسيقا ومعادية للحركة الاحتجاجية المناوئة للحكومة، من شأنه أن يغذي الشعور بالإحباط لدى المحتجين تجاه السلطات الجماعية التي تتمتع بها تلك المليشيات في العراق، مما يهدد بمزيد من الاضطرابات، ومن ثم يزيد من حملات قمع المتظاهرين المزعزعة للاستقرار على المدى القريب.

المصدر : ستراتفور