بعد إعلان نتائج الانتخابات.. ما تأثير البرلمان المحافظ على السياسة الخارجية الإيرانية؟

A poll worker opens a ballot box after the parliamentary election voting time ended in Tehran, Iran February 22, 2020. Nazanin Tabatabaee/ WANA (West Asia News Agency)/Nazanin Tabatabaee via REUTERS ATTENTION EDITORS - THIS IMAGE HAS BEEN SUPPLIED BY A THIRD PARTY.
أثناء عملية فرز الأصوات في الانتخابات البرلمانية الـ11 (رويترز)

الجزيرة نت-طهران

توقعت أوساط إيرانية أنه لن يكون هناك تأثير كبير على سياسة طهران الخارجية بعد سيطرة المحافظين على البرلمان الـ11، في حين تبادل التياران المتنافسان المحافظ والإصلاحي الاتهامات بالعمل على تقويض المشاركة الشعبية في الانتخابات الأخيرة.

وأعلن المتحدث باسم هيئة الانتخابات الإيرانية إسماعيل موسوي الأحد النتائج النهائية لفرز أصوات المقترعين في الانتخابات التشريعية الـ11، حيث أظهرت سيطرة شبه مطلقة للتيار المحافظ (221 مقعدا) على البرلمان المقبل حتی الآن مقابل 16 مقعدا للإصلاحيين و34 للمستقلين.

ومن المقرر أن تحسم الجولة الثانية المقررة يوم 18 أبريل/نيسان المقبل المقاعد المتبقية البالغ عددها 19.

ووفقا لقائمة أسماء الفائزين عن دائرة طهران الكبرى، فقد نجح أعضاء لائحة "مجلس التحالف للقوى الثورية" بزعامة عمدة طهران الأسبق والمرشح الرئاسي الخاسر محمد باقر قاليباف بالحصول على جميع مقاعد العاصمة، وعددها 30 من أصل 290 مقعدا.

ووفق النتائج الرسمية، فشل جميع المرشحين عن قائمتي حزب "كوادر البناء" و"تحالف من أجل إيران" الإصلاحيتين في طهران الذين اختاروا خوض السباق التشريعي خارج إطار قرار المجلس الأعلى لوضع سياسات الجبهة الإصلاحية.

وكان المجلس الإصلاحي قرر عدم طرح أي قائمة انتخابية في العاصمة طهران بسبب رفض مجلس صيانة الدستور أهلية أغلب مرشحيه، مؤكدا أنه يحترم قرار الأحزاب المنضوية تحت عباءته في خوض السباق الانتخابي بشكل منفرد دون الانتماء إليه.

ويرى مراقبون في إيران أن حصول كافة أعضاء القائمة المحافظة على كل مقاعد طهران ينبئ بعودة قوية للتيار المحافظ إلى المشهد السياسي في الجمهورية الإسلامية.

‪القائمة المحافظة بزعامة قاليباف سيطرت على جميع مقاعد طهران‬ (الصحافة الإيرانية)
‪القائمة المحافظة بزعامة قاليباف سيطرت على جميع مقاعد طهران‬ (الصحافة الإيرانية)

السياسة الخارجية
ورأى الباحث في مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية عباس أصلاني -الذي رجح أن تتعرض حكومة الرئيس حسن روحاني في ما تبقى من عمرها لضغوط من قبل التيار المنافس- أن البرلمان المقبل على الرغم من أنه سيبذل مساعي حثيثة للتأثير على السياسة الخارجية فإن تأثيره سيكون محدودا، بل سيدعم ما ذهبت إليه الحكومة بشأن الملفات الإقليمية، ومنها دعم محور المقاومة، كما أن البرلمان المحافظ سيعمل على تعزيز القدرات الدفاعية الإيرانية.

أما بشأن تأثير البرلمان المحافظ على علاقات طهران مع القوى الغربية -ولا سيما الولايات المتحدة- فيعتقد أصلاني أن الأمور ستتجه للتصعيد، وأن البرلمان المقبل سيقضي على أي فرصة للحوار المباشر مع واشنطن، لكنه استبعد أن تواجه الخارجية الإيرانية ضغوطا حيال سياساتها مع الدول الأوروبية.

وفيما يخص العلاقات الإيرانية مع روسيا والصين، قال إن قرار التحالف مع موسكو وبكين قد اتخذ على أعلى المستويات في البلاد، وإنه لا يرى مجالا للإخلال به، مرجحا أن تشهد البلاد حراكا برلمانيا للتوجه نحو الشرق أكثر من قبل.

وتوقع أصلاني أن يضغط المحافظون في البرلمان المقبل على الحكومة للضغط على الترويكا الأوروبية وحثها على الوفاء بالتزاماتها في الاتفاق النووي، كما أنه لا يستبعد أن يعمل البرلمان المقبل على خروج إيران من معاهدة الحد من انتشار السلاح النووي، مستدركا أن مثل هذا القرار يتخذ على أعلى المستويات، وأنه لا فرق بين برلمان إصلاحي أو محافظ في هذا المجال.

‪أصلاني يتوقع أن يكون تأثير البرلمان المقبل على سياسة إيران الخارجية محدودا‬ (الجزيرة نت)
‪أصلاني يتوقع أن يكون تأثير البرلمان المقبل على سياسة إيران الخارجية محدودا‬ (الجزيرة نت)

المشاركة الشعبية
من جانبه، أعلن وزير الداخلية الإيراني عبد الرضا رحماني فضلي عن أن نسبة المشاركة في الانتخابات بلغت 42% في ربوع البلاد، في حين بلغت النسبة في طهران 25%، مضيفا أن عدد الناخبين بلغ 24 مليونا من 58 مليون ناخب كان يحق لهم التصويت.

وأظهرت نسبة المشاركة تراجعا كبيرا مقارنة بالانتخابات التشريعية الماضية، إذ بلغت 62% في كل أرجاء البلاد، ونحو 50% في العاصمة، حيث شارك فيها 34 مليون ناخب ممن يحق لهم التصويت والبالغ عددهم 54 مليون مقترع.

وقد تبادل الإصلاحيون والمحافظون الاتهامات بشأن تقويض المشاركة الشعبية باعتبارها أكبر مظاهر الديمقراطية.

من جانبها، اتهمت سكرتيرة المجلس الأعلى لوضع سياسات الجبهة الإصلاحية آذر منصوري مجلس صيانة الدستور المحسوب على التيار المحافظ بتقويض المشاركة الشعبية عبر إقصائه مرشحي ثلثي الأحزاب الإصلاحية وحرمانهم من خوض السباق التشريعي.

واعتبرت منصوري في حديثها للجزيرة نت أن أهم عامل كان يحث المقترعين على صناديق الاقتراع في الانتخابات الماضية هو "التنافس" الحقيقي بين التيارات السياسية، ولا سيما في طهران أكثر المدن الإيرانية تأثرا بالسياسة، وقالت إن الانتخابات الأخيرة كانت بعيدة كل البعد عن مقومات التنافس الحقيقي.

في المقابل، حمل حسين كنعاني السياسي المحافظ الأمين العام لحزب "سبز" فيروس كورونا جزءا من مسؤولية تراجع المشاركة الشعبية، وألقى باللوم على التيار المنافس بإحباط أمل الشعب من خلال أدائه الضعيف لحلحلة المشاكل الاقتصادية والمعيشية.

وقال كنعاني في حديثه للجزيرة نت إن تراجع المشاركة الشعبية كان متوقعا حتى قبل انطلاق الحملات الدعائية، لكن لا يمكن إنكار دور الأخبار التي تحدثت عن تفشي فيروس كورونا في البلاد قبيل دخول البلاد مرحلة الصمت الانتخابي.

المصدر : الجزيرة