قبيل اتفاق السلام مع طالبان.. ماذا جنت واشنطن من أطول الحروب في تاريخها؟

epa07542558 US soldiers attend a training session for the Afghan Army in Herat, Afghanistan, 02 May 2019. The 12,000 NATO-led troops in the country have a mainly training and backup role in the context of operation Resolute Support, since the...
جنود أميركيون خلال مهمة تدريبية في هيرات الأفغانية (الأوروبية)

محمد المنشاوي-واشنطن

تسود حالة من الترقب والحذر في واشنطن بعد صدور أنباء عن قرب التوصل إلى اتفاق سلام مع حركة طالبان تنتهي بموجبه الحرب الأطول في التاريخ الأميركي والمستمرة منذ 2001.  

وكان وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر قد أكد خلال مشاركته في مؤتمر ميونيخ الأمني مؤخرا أن اتفاقا يمكن أن يؤدي إلى انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان البالغ عددها 12 ألف عسكري، وذلك بعدما بدأت بالفعل هدنة مدتها سبعة أيام بين الطرفين.

وذكر مسؤول بارز في وزارة الخارجية في إفادة صحفية أن الاتفاق قد يمهد لانسحاب القوات الأميركية، وستتبعه عملية سلام بمشاركة كل الأطراف الأفغانية.

واستطلعت الجزيرة نت آراء خبراء الشؤون الأفغانية في واشنطن لإلقاء الضوء على أهداف الرئيس دونالد ترامب من توقيع الاتفاق في هذا التوقيت، وأي دور ستلعبه واشنطن في أفغانستان بعد التوقيع.

‪ترامب يحضر تشييع ضابط قتل في أفغانستان العام الماضي‬ (رويترز)
‪ترامب يحضر تشييع ضابط قتل في أفغانستان العام الماضي‬ (رويترز)

شكوك بشأن التوقيت
ورأى السفير السابق ديفد ماك أن كل ما يريده ترامب هو الادعاء بأنه أنهى التواجد الأميركي العسكري المستمر من 19 عاما في أفغانستان، لذا هو يريد الإسراع بعقد الاتفاقية قبل انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وقال السفير ماك -الذي يعمل حاليا خبيرا في المجلس الأطلسي بواشنطن- في حديث للجزيرة نت "لقد كرر ترامب أنه يريد أن يخرج من النزاعات العسكرية المسلحة، ويهدف إلى أن يظهر أنه استطاع تحقيق النجاح في قضية فشل فيها الرئيسان جورج بوش الابن وباراك أوباما".

واتفق خبير الشؤون الأفغانية في معهد الشرق الأوسط بواشنطن مارفين واينباوم مع السفير ماك، وقال "سيقبل ترامب بأي اتفاق يعطيه مصداقية في عام الانتخابات الرئاسية، ويستطيع ترامب الادعاء أنه أنهى حربا تواجدت فيها القوات الأميركية لأكثر من 19 عاما".

وتحدث واينباوم للجزيرة نت عن رغبة ترامب في التوقيع على الاتفاق أثناء وجوده في جنوب آسيا حتى يربط الاتفاق مباشرة به، فمن المقرر أن يزور الهند يومي 24 و25 من الشهر الجاري، وتلعب الهند دورا متزايدا في الشؤون الأفغانية.

من ناحيته، قال جوناثان واينر مساعد وزير الخارجية الأسبق لشؤون تطبق القانون الدولي إن ترامب يريد أن يعلن أنه ينفذ أحد تعهداته بسحب القوات الأميركية من صراع لا ينتهي ويعيد الجنود لأرض الوطن.

وأضاف واينر للجزيرة نت أن "ترامب أعطى تعليمات للسفير زلماي خليل زاد، وهو المبعوث المثالي لهذه المهمة كونه أميركيا من أصول أفغانية بضرورة التوصل لانسحاب أميركي".

وحذر من أن الاتفاق النهائي سيكون صعبا وقاسيا على الطرفين، وقال إن على طالبان إظهار قدرتها على وقف الهجمات على القوات الأميركية حتى اكتمال الانسحاب، وإذا قتل أي أميركي فسيتعين على ترامب الانتقام وقد يحرق ذلك الاتفاق.

وكان ترامب قد رفض في اللحظة الأخيرة توقيع اتفاق مع طالبان في سبتمبر/أيلول الماضي بعد هجوم أدى إلى مقتل جندي أميركي.

‪جنود أميركيون يقصفون بالمدفعية أثناء مواجهات مع طالبان في 2011‬ (رويترز)
‪جنود أميركيون يقصفون بالمدفعية أثناء مواجهات مع طالبان في 2011‬ (رويترز)

أهداف واشنطن
ودفعت أنباء قرب التوصل إلى اتفاق لطرح سؤال يتعلق بما جنته واشنطن من أطول حروبها، إذ قال السفير ديفد ماك إن بلاده نجحت في تحقيق هدفها المبدئي، وهو القضاء على تنظيم القاعدة في أفغانستان وتحجيم نفوذ طالبان، لكنها لم تنجح في تحقيق الأهداف اللاحقة.

وأضاف ماك "استهدفت إدارة بوش الابن تحقيق الاستقرار لأفغانستان وتشكيل حكومة إصلاحية والدفاع عن حقوق النساء، لكن على الرغم من النجاح في بعض المدن فإن مناطق واسعة من أفغانستان بقيت خارج سيطرة الحكومة المركزية"، مما استدعى بقاء القوات الأميركية هناك طول هذه السنوات.

ويختلف الخبير مارفين واينباوم مع ماك، إذ يرى أنه من المبكر الحكم على تحقيق الأهداف، مضيفا للجزيرة نت أن "واشنطن تأمل أن تعرف أفغانستان طريقها للسلام والاستقرار، خاصة بعد تحقيق مكاسب اجتماعية واقتصادية خلال السنوات الماضية بمساعدة أميركية، لكن إذا لم يتم الحفاظ على هذه المكاسب تكون واشنطن قد فشلت".

واستبعد ماك أن تهتم إدارة ترامب بأفغانستان إذا تم الانسحاب بصورة كاملة، ولن تستطيع هذه الإدارة المساعدة في تشكيل حكومة ائتلافية تضم ممثلين عن طالبان.

أما واينباوم فيعتقد أن الأمر يتوقف على ما إذا كانت واشنطن ستترك هناك بعض القوات الخاصة عدة سنوات لمكافحة الإرهاب، وإلا ستتمكن "الجماعات الإرهابية" من العودة لأفغانستان واتخاذها ملجأ آمنا.

المصدر : الجزيرة