ميدل إيست آي: إسرائيل حاولت استدراج إيران للحرب بقتل فخري زاده.. لكنها فشلت حتى الآن‎

Body of slain top Iranian nuclear scientist to be buried
فخري زاده يشتبه بأنه "مهندس" البرنامج النووي العسكري الإيراني (رويترز)

قال موقع "ميدل إيست آي" (Middle East Eye) الإخباري البريطاني إن محاولات إسرائيل لجر إيران إلى حرب إثر مقتل العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده باءت بالفشل "حتى الآن".

وذكر الموقع -في تقرير من تل أبيب لمحلل الشؤون الأمنية والاستخباراتية الإسرائيلي يوسي ميلمان- أن احتمالات إقدام إيران على الانتقام بعد انقضاء بضعة أيام على مقتل فخري زاده في 27 نوفمبر/تشرين الثاني سرعان ما انحسرت.

واتسمت لهجة كبار القادة الإيرانيين على عملية الاغتيال -في عملية بشرق طهران اتُهم جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) بارتكابها- بالحدة، وتوعدوا بالثأر لا من إسرائيل وحدها؛ بل من الولايات المتحدة و"حلفاء إسرائيل الجدد" في المنطقة، البحرين والإمارات.

غير أن تلك الخطب الملتهبة ما لبث أن تراجعت، وحلت محلها قرارات "هادئة"، حسب تعبير يوسي ميلمان. لكن السؤال الأول الذي يطرح نفسه هو: لماذا قررت إسرائيل اغتيال فخري زاده؟.

ورغم أنه من غير الواضح ما هي الجهة التي تقف وراء عملية الاغتيال، فمن المرجح أنها ستثير توترات كتلك التي أحدثها مقتل القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني في 3 يناير/كانون الثاني الماضي في هجوم أميركي بالقرب من مطار بغداد الدولي.

أسلحة نووية

واشتُهر محسن فخري زاده بأنه مهندس البرنامج النووي الإيراني، حتى أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ذكرت اسمه في تقييمها النهائي عام 2015، والذي تضمن أسئلة مفتوحة بشأن ذلك البرنامج، وما إذا كان الهدف منه إنتاج قنبلة نووية.

ووفقا لموقع ميدل إيست آي، فإن الاعتقاد السائد أن فخري زاده كان ضابطا كبيرا في الحرس الثوري الإيراني، ولطالما أرادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مقابلته في إطار جهودها للتحقق عما إذا كانت إيران قد أجرت بحوثا حول تطوير أسلحة نووية غير مشروعة.

وورد اسمه أيضا في تقرير أصدرته الأمم المتحدة في 2007 باعتباره شخصا له ضلع في أنشطة طهران النووية/ أو تلك المتعلقة بالصواريخ الباليستية.

وكان المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية -وهو تنظيم في المنفى معارض لنظام طهران- قد أصدر تقريرا في مايو/أيار 2011 أدرج في طياته صورة لفخري زاده الحاصل على درجة الدكتوراه في الهندسة النووية من جامعة الإمام الحسين.

وجاء في التقرير كذلك أن الرجل وُلد عام 1958 في مدينة قم، وتولى منصب نائب وزير الدفاع، وكان عميدا في الحرس الثوري.

ويقول الموقع الإخباري البريطاني إن اغتيال فخري زاده يأتي في وقت تتصاعد فيه التوترات، حيث تخشى طهران من أن يشن الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب هجوما عليها قبيل مغادرته البيت الأبيض في 20 يناير/كانون الثاني القادم.

وفي الوثائق، التي قال الموساد إنه سرقها من الأرشيف النووي الإيراني عام 2018، ونشرت أجهزة الإعلام أجزاء منها، هناك "أدلة" -حسب تعبير ميلمان- على ضلوع فخري زاده في أنشطة تطوير أسلحة، وهناك تسجيل صوتي له يتحدث فيه عن 5 قنابل وضرورة إجراء اختبارات.

وبسبب تلك الشكوك، طلبت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مقابلته مرتين؛ إلا أن السلطات الإيرانية رفضت ذلك. وقد حاولت أجهزة المخابرات الغربية تتبع العالم النووي الإيراني، والتنصت على هواتفه وأجهزة حواسيبه، وجمع معلومات عنه.

وذهب جهاز الموساد الإسرائيلي إلى أبعد من ذلك بأن خطط لاغتياله؛ إلا أن الرجل كان "حذرا، شديد الارتياب ومراوغا"، حتى أنه استطاع -حسب تعبير يوسي ميلمان في تقريره- الكشف عن مؤامرات لقتله فاختبأ، وضاعفت السلطات إجراءات الأمن حوله على مدار الساعة.

لكن ذلك لم يكن كافيا في نهاية المطاف، فقد تمكن الموساد من العثور على "نقاط ضعف" في الإجراءات الأمنية الخاصة بفخري زاده، مستعينا في ذلك بأجهزة مراقبة تقنية ورقمية، وعملاء في الميدان.

وطبقا لميدل إيست آي، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -الذي يملك سلطة إصدار أوامر لرئيس الموساد يوسي كوهين بتنفيذ عملية الاغتيال من عدمه- كان قد تشاور قبلها على الأرجح مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

ويمضي الموقع البريطاني إلى الزعم أنه لا بد أن ترامب ومعاونيه الأمنيين والعسكريين كانوا على دراية بالقرار السري، الذي اتخذته إسرائيل حتى تهيئ الولايات المتحدة نفسها لكل الاحتمالات، بما فيها السيناريو الأسوأ، وهو أن تقرر إيران الانتقام بضرب أهداف أميركية مثل قواعدها العسكرية في الخليج.

استفزاز وثأر

وربما يكون السيناريو المأمول أن تثأر إيران لاغتيال عالمها النووي من الولايات المتحدة، الأمر الذي لن يجد ترامب بعده مناصا سوى إعلان الحرب على طهران.

فإن كان ذلك هو مخطط نتنياهو وترامب، فإنهما بذلك يريدان -برأي ميلمان- إحراج الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن؛ إلا أن القادة الإيرانيين أدركوا "المؤامرة الإسرائيلية الأميركية، فقرروا ألا يقعوا في الفخ".

ويمضي الكاتب: بالرغم من أن إيران ما تزال تسعى للانتقام وتتأهب استخباراتها للقيام بذلك؛ إلا أنها تتنظر بفارغ الصبر تولي إدارة بايدن الحكم، على أمل أن يعودوا إلى الاتفاق النووي المبرم عام 2015.

ويختتم ميلمان: على عكس ما يصوره نتنياهو والجمهوريون الأميركيون من أن بايدن "ضعيف ومتساهل" إزاء إيران؛ إلا أنه لا يأتمر بأمرها، فهو يريد إحياء الاتفاق النووي، ويعيد إيران إلى الأسرة الدولية؛ لكن ليس بأي ثمن. كما يأمل بايدن إقناع إيران بتوسيع الاتفاق النووي بحيث يعالج القضايا المتعلقة بالصواريخ بعيدة المدى، وتدخلات طهران "المزعزعة" لاستقرار منطقة الشرق الأوسط ودعمها للجماعات المسلحة.

المصدر : ميدل إيست آي