كسبت منضمين جددا خلال العام 2020.. تعرف على القطاعات المشاركة في المظاهرات بفرنسا

Protests in France over proposed curbs on identifying police, in Paris
مظاهرة في باريس ضد مشروع قانون الأمن الشامل (رويترز)

يقترب العام 2020 وزخم المظاهرات الاحتجاجية في فرنسا في ازدياد نتيجة انضمام قطاعات جديدة لساحات الاحتجاج، وسط انخفاض في شعبية الرئيس إيمانويل ماكرون الذي حصل على تأييد 38%، أي أقل بـ3 نقاط مما كان عليه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وفقا لأحدث مقياس من معهد إيفوب لاستطلاعات الرأي، والذي نشر أول أمس الأحد 20 ديسمبر/كانون الأول الجاري.

وبعد أن كانت ثقة الفرنسيين برئيسهم في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية عند 69% يوجد اليوم أكثر من 60% من المواطنين "غير راضين" عن سياسة ماكرون في فرنسا بحسب استطلاعات الرأي.

فمنذ توليه الرئاسة في العام 2017 كثرت مواضيع الخلاف وارتفعت الأصوات المعارضة، أبرزها حركة السترات الصفراء في نهاية 2018 وأعقبتها توترات مجتمعية وأمنية زاد وتيرتها وباء كورونا، وما صحبه من عمليات الإغلاق والأزمة الاقتصادية التي تركت أثرا عميقا في مختلف القطاعات، فضلا عن مشروع قانون "الأمن الشامل" الذي اعتبرت عدة أطراف أنه يضيق على الحريات، مما أدى إلى تعبئة الشارع رغم الوباء.

نقابة العمال مع السترات الصفراء.. الهدف واحد
عندما ظهرت حركة السترات الصفراء لأول مرة -والتي شارك فيها آلاف الفرنسيين من العمال ودافعي الضرائب- وجدت النقابات نفسها في وضع حساس ولم تشارك في المظاهرات، لكنها انضمت لاحقا للاحتجاجات رافعة نفس الشعارات لأن الهدف واحد.

أكد ذلك الأمين العام لاتحاد العمال فيليب مارتينيز عندما قال إن "السترات الصفراء تعكس جميع الجهات النقابية، وهي: الشركات الصغيرة والمتوسطة، المتقاعدون، العمال غير المستقرون، والعاطلون عن العمل..".

ودعا عدد كبير من نقابات العمال إلى مظاهرات في فرنسا بسبب تداعيات كورونا على مجال التوظيف، وللتنديد بخطط الإقالة وتراجع الأجور والمطالبة بضرورة تقليص ساعات العمل المرتبطة بالأزمة دون خسارة الراتب.

وقد عبرت قطاعات السياحة والثقافة والفنادق والمطاعم عن عدم رضاها، وطالبت الحكومة بتحمل المسؤولية عن خسائر التشغيل والوضع المالي المتأزم، إضافة إلى مقدمي الرعاية الطبية الذين يعانون من نقص الموارد والمحامين وأصحاب المهن الحرة المعادين لنظام التقاعد.

وانطلقت مسيرات بدعوة من نقابة الصحفيين وشركات التحرير وجمعيات رابطة حقوق الإنسان ومنظمة العفو الفرنسية بسبب المادة 24 من قانون الأمن العام التي تحد من الحريات.

French President Macron meets Belgium's Prime Minister De Croo in Paris
أكثر من 60% عبروا عن عدم رضاهم عن سياسات ماكرون وفق أحدث استطلاع للرأي (رويترز)

الشباب والانضمام للمظاهرات
وبالإضافة إلى دفاع الاتحاد العام للعمال عن حقوق الشباب في العمل بسبب تضاعف خطط التسريح من جانب الشركات الكبيرة قدم الاتحاد العام للجمعيات الطلابية والاتحاد الوطني لطلاب فرنسا -وهما المنظمتان الطلابيتان الرئيسيتان في فرنسا- تقارير عن ارتفاع تكلفة الحياة الطلابية للعام 2021/2020.

وبحسب المنظمتين، سينفق كل طالب ما لا يقل عن 32 يوروا شهريا لشراء الكمامات فقط بسبب الأزمة الصحية، ويرتفع الإيجار الذي يستنزف 69% من ميزانية الطلاب الشهرية بنسبة 5% في مدن مثل باريس وبوردو.

وانضم الشباب إلى المظاهرات، ورفعوا شعارات منددة بزيادة إجراءات "قتل الحرية" بسبب قانون الأمن الشامل وحظر التجول الليلي وإغلاق المطاعم والمقاهي والنوادي الرياضية.

وبالتالي، انخفضت شعبية ماكرون بشكل واضح بين أولئك الذين تقل أعمارهم عن 35 عاما، إذ انخفض معدل آرائهم الإيجابية بمقدار 6 نقاط بين 18 و24 عاما، و7 نقاط بين 25 و34 عاما، وفقا لمعهد "إيفوب".

ماكرون بين نارين: المظاهرات وانتقاد السياسيين وحتى الشرطة
تأثرت شعبية ماكرون بالتوترات المتعددة، وأصبح وعده للفرنسيين "بمجتمع سلمي والتوفيق بين الفرنسيين في نهاية ولايته في عام 2022" -كما جاء في برنامجه الانتخابي- أمرا صعبا كما يقول مراقبون.

بدوره، يقول بيير بيرسون عقب استقالته من منصب نائب الأمين العام لحزب الجمهورية إلى الأمام الحاكم في فرنسا "إن الحزب لم يعد ينتج أفكارا جديدة، يجب أن نعود إلى الوعد الأساسي للحملة الرئاسية المتمثل في "التصالح مع الفرنسيين"، المجتمع الفرنسي لم ينقسم إلى هذا الحد من قبل".

من جهة أخرى، صبت ردود إيمانويل ماكرون المزيد من الزيت على النار خلال مقابلته مع منصة بروت (Brut) الرقمية في 4 ديسمبر/كانون الأول الجاري عندما اعترف بفشله في "مكافحة التمييز"، وجعلت المئات من أفراد الشرطة يخرجون للتظاهر.

ويقول فيليب دوسبا سكرتير نائب عام التحالف الوطني للشرطة مستنكرا "لقد فوجئنا كثيرا بكلمات رئيس الجمهورية، إنه يشكك في شرعية مهامنا، وهذا يضعنا في مأزق، إن الشرطة تتظاهر للتنديد بعدم مراعاتها".

ووفقا لفريدريك دابي نائب المدير العام لمعهد إيفوب "إن ماكرون عالق بين نارين هما الشباب الذي يدينون عنف الشرطة وقانون الأمن العام، وكبار السن والمتعاطفون الجمهوريون الذين يلومونه على تعليقاته المؤيدة للشرطة خلال مقابلته مع منصة بروت".

وقد يؤثر تراجع شعبية رئيس الوزراء جان كاستيكس بنقطتين ووزير التعليم جان ميشيل بلانكير بـ6 نقاط بشكل سلبي على ثقة الفرنسيين في الحكومة الحالية.

وفي الوقت الذي بزغ فيه نجم شخصيات مثل زعيم أقصى اليسار الفرنسي جان لوك ميلنشون المناصر لاحتجاجات السترات الصفراء والمعارض لسياسات ماكرون الاقتصادية -الذي أعلن ترشحه للرئاسة الفرنسية المقبلة يوم 8 نوفمبر/تشرين الثاني- لم يعلن الرئيس إيمانويل ماكرون بشكل واضح نيته الترشح لإعادة انتخابه لعام 2022 في آخر مقابلة له عبر وسائل الإعلام الإلكترونية.

فهل سيغيب ماكرون عن الساحة الانتخابية بالفعل؟ أم أنه "لا يجب استبعاد أي شيء" على حد قوله؟

المصدر : الجزيرة