بريطانيا.. سباق الأمتار الأخيرة للتوصل إلى اتفاق تاريخي لمرحلة ما بعد بريكست

Britain's Chief negotiator to the EU David Frost walks to Brexit trade negotiations, in London
كبير المفاوضين البريطانيين لدى الاتحاد الأوروبي ديفيد فروست يجري اليوم مباحثات في بروكسل (رويترز)

بعد 8 أشهر من المحادثات الشاقة في خضم الأزمة الصحية، بدأ الاتحاد الأوروبي وبريطانيا الأحد الجولة الأخيرة من المفاوضات التجارية حول مرحلة ما بعد بريكست للتوصل في ختامها إلى اتفاق تجاري غير مسبوق، مع إصرارهما على عدم التنازل رغم خطر الفشل.

وأكد المفاوض البريطاني ديفيد فروست الأحد أن بلاده لن تبدل موقفها خلال محادثاتها الرامية للتوصل إلى اتفاق بشأن مرحلة ما بعد بريكست مع الاتحاد الأوروبي.

وقال فروست عبر تويتر لدى وصوله إلى بروكسل حيث تنطلق الجولة الأخيرة من المحادثات، "نعمل على التوصل إلى اتفاق، لكن الاتفاق الوحيد الممكن هو ذاك المتوافق مع سيادتنا والذي يعيد سيطرتنا على قوانيننا وتجارتنا ومياهنا. هكذا كان موقفنا الثابت منذ البداية ولن نبدله".

ويأتي هذا التحذير ردا على تساؤلات حول احتمال تخفيف حدة النهج البريطاني، بعد رحيل العديد من الشخصيات المؤيدة لبريكست في محيط رئيس الوزراء بوريس جونسون.

وخرجت بريطانيا رسميا من الاتحاد الأوروبي في 31 يناير/كانون الثاني الماضي، إلا أن تأثير الانفصال لن يظهر قبل الأول من يناير/كانون الثاني 2021، بعد انتهاء الفترة الانتقالية التي يُفترض أن يتواصل خلالها تطبيق المعايير الأوروبية.

وفي هذه الفترة أيضا، تعهدت لندن وبروكسل بإبرام اتفاقية تجارية باسم "لا رسوم جمركية، وصفر حصص" للحد قدر الإمكان من العواقب السلبية لبريكست والتي لا يمكن تجنبها.

لكن قبل أقل من 50 يوما من نهاية العام، تراوح المحادثات مكانها رغم أنها مكثفة.

ويعتبر دبلوماسي أوروبي أن "المنطق والعقل يجب أن يسمحا بالتوصل إلى اتفاق". ويتابع "لكن ما اتضح خلال السنوات الأخيرة هو أن المنطق الاقتصادي والحس السليم لا يكفيان لشرح ما يحصل في ملف بريكست".

تقلبات

من الاستفتاء على بريكست في يونيو/حزيران 2016 إلى التوصل في نهاية عام 2019 في اللحظة الأخيرة إلى اتفاق ينص على خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، كان مسلسل الانفصال مليئا بالتقلبات.

وكان آخر تطور في هذا الملف استقالة دومينيك كامينغز مهندس حملة 2016 لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الجمعة من منصب كبير مساعدي رئيس الوزراء بوريس جونسون. وجاء ذلك بعد استقالة لي كاين، مدير الاتصالات لدى جونسون، والذي يعد حليفا مقربا من كامينغز.

ويقول النائب الأوروبي المدافع عن البيئة فيليب لامبيرتس إن هاتين الاستقالتين "تسمحان بالتفكير بأنه (جونسون) مستعد لتقديم التنازلات الضرورية للتوصل إلى اتفاق على الأقل".

ويرى أن جونسون "أجرى تقييما" للأمر، فبين انتخاب جو بايدن "رئيسا أميركيا أقل ودا من (سلفه…) ووضع اقتصادي مأساوي، لا يمكن أن يدفع ثمن بريكست من دون اتفاق".

وفي الوقت الذي تم استئناف المفاوضات في بروكسل، بقيادة ميشال بارنييه من الجانب الأوروبي وديفيد فروست من الجانب البريطاني، يصعب توقع النتائج.

هناك أمر مؤكد وحيد هو أنه يجب التوصل إلى اتفاق في الأيام المقبلة للتمكن من المصادقة عليه في الوقت المناسب من جانب البرلمانين البريطاني والأوروبي.

ويمكن أن يشكل مؤتمر عبر الفيديو الخميس يجمع رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي -وهو مخصص حتى الآن لأزمة "كوفيد-19"- موعدا نهائيا للتوصل إلى اتفاق، لكن لا يمكن استبعاد تمديد جديد للمحادثات.

عقوبات مباشرة

وفي حال لم يتم التوصل إلى اتفاق، ستخضع المبادلات بين بريطانيا والاتحاد إلى قواعد منظمة التجارة العالمية، مع إعادة فرض رسوم جمركية كبيرة جدا في بعض الأحيان، لكن أيضا ستواجه عقبات غير متعلقة بالرسوم الجمركية (مثل الحصص والمعايير التقنية والصحية).

وسيتسبب الخروج من الاتحاد من دون اتفاق بمزيد من التداعيات للاقتصادات المتضررة أساسا جراء وباء "كوفيد-19″، لكن بشكل أكبر للاقتصاد البريطاني، إذ إن المملكة المتحدة تصدر 47% من منتجاتها إلى القارة، في وقت لا يصدر الاتحاد سوى 8% من بضائعه إلى بريطانيا.

وفي حال الانفصال دون اتفاق، تعتبر لندن أن 7 آلاف شاحنة يمكن أن تعلق في منطقة كينت (جنوب شرق) لحوالي يومين من أجل عبور النفق.

وتتعثر المفاوضات بسبب 3 مسائل، هي الضمانات المطلوبة من لندن فيما يتعلق بالمنافسة، ووصول الأوروبيين إلى مناطق الصيد في المياه البريطانية، وطريقة إدارة الخلافات في الاتفاق المستقبلي.

فيما يخص المنافسة، يريد الاتحاد الأوروبي التأكد من أن المملكة المتحدة لن تنحرف عن المعايير البيئية والاجتماعية النافذة، بالإضافة إلى أنها لن تقدم مساعدات لشركاتها بشكل غير محدود، في حين هو مستعد ليفتح أمامها أسواقه التي تضم 450 مليون مستهلك.

وفي حال لم يتم احترام ذلك، يرغب الاتحاد في فرض عقوبات فورية لحماية شركاته، الأمر الذي ترفضه لندن.

ويوضح دبلوماسي أوروبي أنه "إما أن يوافق البريطانيون وننتقل إلى مفاوضات صعبة بشأن الصيد، وإما أن يرفضوا وسنكون قد تخطينا الوقت المتاح، وحينذاك لن تتوصل المفاوضات إلى أي نتيجة".

المصدر : الجزيرة + وكالات