أهان عائلة من أصول تونسية.. لماذا يمقت سالفيني المهاجرين؟

Leader of Italy's far-right League party Matteo Salvini speaks on stage during a rally ahead of a regional election in Emilia-Romagna, in Ravenna, Italy, January 24, 2020. REUTERS/Flavio Lo Scalzo
سالفيني أثناء تجمع انتخابي قبل أيام في رافينا وسط إيطاليا (رويترز)

محمد حمدانروما

ما زالت ردود الفعل الغاضبة في إيطاليا وتونس تلاحق زعيم حزب الرابطة اليميني وزير الداخلية الإيطالي السابق ماتيو سالفيني، بعد "إهانته" عائلة من أصول تونسية تقيم في مدينة بولونيا وسط إيطاليا.

وتزامنت الحادثة التي أثارت جدلا كبير مع اقتراب موعد الانتخابات التي ستجرى الأحد المقبل، لتجديد رئاسة مجلس إقليم "إيميليا رومانيا" في الحملة الانتخابية لصالح لوتشيا بورغونزوني مرشحة حزب سالفيني.

ووقعت الحادثة عند مشاركة سالفيني -مساء الثلاثاء الماضي- في تظاهرة سياسية أمام مناصريه في حي "بيلاسترو" الشعبي على مشارف مدينة بولونيا.

وبعد انتهاء التظاهرة، قرر عضو مجلس الشيوخ -بناء على معلومة حصل عليها من إحدى مناصراته- السير على الأقدام رفقة مؤيديه إلى إحدى البنايات في ذلك الحي، ثم قرع الجرس الخارجي لشقة عائلة من أصول تونسية، طالبا من مجيبه فتح بوابة العمارة كي يتسنى له الصعود وتبادل الحديث معه.

وعندما رفض الوالد ذو الأصول التونسية طلبه، أردف سالفيني قائلا أمام عدسات المصورين والصحافة "لقد أخبروني أن في ساكن هذه الشقة تاجر مخدرات تونسيا وأنا أريد التحقق من ذلك، هل لك أن تفتح الباب؟".

وأمام رفض الوالد، تمادى سالفيني في رن الجرس مرارا، مردّدا ألقاب أفراد العائلة وأسماءهم، ليعود ساكن الشقة ويجيب سالفيني "هل أنت أيضا تاجر مخدرات؟".

ورغم فشل سالفيني في الصعود إلى الشقة، فإن علامات الرضا كانت تبدو واضحة على محياه جراء تحقيق هدفه أمام عدسات الكاميرات، وظهوره في شكل حامي الديار الذي يتعقب ويتقصى عن المهاجرين تجار المخدرات والمجرمين ومغتصبي الإيطاليات، بحسب رأيه.

يذكر أن الأسرة الضحية هي عائلة تونسية إيطالية، إذ إن رب الأسرة مهاجر من أصول تونسية مقيم في إيطاليا منذ عشرات السنين، أما زوجته فهي إيطالية.

أما ابنهما الشاب (17 عاما) فهو من مواليد إيطاليا، وليست لديه أية سوابق جنائية، بل إنه طالب متفوق في الدراسة ولاعب ماهر لكرة القدم استدعاه المنتخب الإيطالي تحت سن 17 عاما لتعزيز صفوفه أكثر من مرة.

شكوى قضائية
وتباعا لهذه الحادثة، لجأت العائلة إلى المحامية كاثي لا توري، ولا سيما أن الوالد عازم الآن على تقديم شكوى ضد سالفيني.

تجدر الإشارة إلى أن المحامية لا توري أجرت حوارا مصوّرا مع الوالد، قال فيه "أنا لست تاجر مخدرات، لذلك يتعيّن على سالفيني إزالة الفيديو من صفحته الشخصية على فيسبوك نظرا لانتهاكه خصوصيتي".

من جهتها، قالت النائبة البرلمانية أليسيا موراني من الحزب الديمقراطي الحاكم، "لقد تجاوز سالفيني كل الحدود، ما فعله هو دليل واضح على عنصريته".

كما أدان فيرجينيو ميرولا رئيس بلدية مدينة بولونيا الحادثة، قائلا لسالفيني "يتعيّن عليك أن تخجل من نفسك، ولا سيما أنك كنت حتى بضعة أشهر ماضية تتولى مناصب حكومية رفيعة في البلاد".

ووجه السؤال لسالفيني "لماذا عندما كنت وزيرا للداخلية لم يكن لديك نفس الاهتمام؟"، ثم أجاب بنفسه "لأن الأمر الآن يتعلق بمجرد دعاية تثيرها دون ضمير مقابل حفنة أخرى من الأصوات".

‪من مظاهرة لحركة
‪من مظاهرة لحركة "السردين" ضد سالفيني الشهر الماضي في روما‬ (غيتي)

وفي السياق، نشر أحد أعضاء مجلس إقليم "لومبارديا" عن حركة "خمس نجوم" فيديو ردّ عبره بسخرية على فيديو سالفيني، حيث ظهر أمام المقر العام لحزب الرابطة بميلانو قارعا جرس الحزب، ليقول للمجيب على الجرس "لقد أبلغنا المواطنون الإيطاليون أن في هذا المكان 49 مليون يورو، وأنا بصفتي ممثلا لهؤلاء فإنني أريد التحقيق في ذلك".

يشار هنا إلى أن محكمة ميلانو تنظر في اتهامات وجهت لسالفيني باختلاس نحو 49 مليون يورو كان قد حصل عليها حزبه من الدولة على مرّ السنين الماضية، مقابل تكاليف حملات انتخابية سابقة، ثم تبيّن فيما بعد أن لا مؤيدات لها على الإطلاق في الموازنات المالية للحزب.

وفي السياق، قالت حركة "خمس نجوم" بإقليم لومبارديا في بيان لها "ليس بإمكان السيد سالفيني تلقين دروس في الأخلاق والعدالة لأحد، ولا سيما أنه عندما كان وزيرا للداخلية لم يرن مرة واحدة أجراس المرتشين والفاسدين وعناصر المافيا".

احتجاج تونسي
ومن الجانب التونسي، وجه سفير تونس في إيطاليا معز السيناوي رسالة احتجاج رسمية لرئيسة مجلس الشيوخ الإيطالي ماريا إليزابيتا كازيلاتي، استنكر فيها ما أقدم عليه سالفيني.

وقال "لقد تم التشهير بعائلة تونسية مقيمة في إيطاليا من قبل عضو في مجلس الشيوخ لم يحترم حتى حرمة منزلها، وإن هذا السلوك المشين يشوه بالتأكيد سمعة الجالية التونسية في إيطاليا".

من جهته، وصف أسامة الصغير نائب رئيس البرلمان التونسي موقف سالفيني بـ"العنصري والمخزي الذي يقوض العلاقات بين إيطاليا وتونس".

وأضاف الصغير أن "سلوك سالفيني العنصري يهدد بنسف العلاقات الممتازة القائمة بين الشعبين التونسي والإيطالي".

من جهتها، أعلنت جمعية "الأجيال الجديدة" التونسية الناشطة في إيطاليا، اعتزامها رفع دعوى قضائية لدى المحاكم الإيطالية، ضد وزير الداخلية السابق.

يذكر أنها ليست المرة الأولى التي يتصاعد فيها التوتر بين سالفيني والجالية التونسية في إيطاليا، فقد سبق في يونيو/حزيران 2018 أن استدعت الخارجية التونسية السفير الإيطالي المعتمد لديها للاحتجاج على تصريحات لسالفيني.

وكان سالفيني أكد في تلك التصريحات بالحرف الواحد أن "المهاجرين الذين يتدفقون على الشواطئ الإيطالية من أصول تونسية هم في غالب الأحيان من خريجي السجون التونسية".

المصدر : الجزيرة