مع تفاقم الأزمات.. هل أصبح العراق على خطى التقسيم؟

مجلس النواب العراقي
جلسة سابقة للبرلمان العراقي (الصحافة العراقية)
عماد الشمري-الجزيرة نت
 
في ظل الظروف التي يمر بها العراق، خاصة من ناحية استخدامه كساحة لتصفية الحسابات بين أميركا وإيران، ارتفعت أصوات تطالب بتشكيل إقليم سني في العراق مثل إقليم كردستان، معتبرين أن في ذلك حلا لجانب كبير من الأزمات التي تواجهها البلاد.  
 
إزاء ذلك، رجح رئيس مركز التفكير السياسي في بغداد إحسان الشمري عدم وجود نية حقيقية لإنشاء أقاليم.
 
وأضاف أنه في حال صح وجود مطالبات بذلك فهو عبارة عن أسلوب للضغط على القوى السياسية المتنفذة للحصول على مكاسب سياسية، أو أن ما يطرح في هذا الاتجاه هو جزء من بالونات الاختبار لموازنة المعادلة المرتبطة بالحكومة والترتيبات المنتظرة. 
المحتجون في ساحة التحرير وغيرها من الساحات شددوا على وحدة العراق (الأناضول)
المحتجون في ساحة التحرير وغيرها من الساحات شددوا على وحدة العراق (الأناضول)

وهو ما ذهب إليه المحلل السياسي واثق الهاشمي قائلا إن التصويت في جلسة البرلمان الذي طالب بإخراج القوات الأجنبية من البلاد، والذي حضرته الأحزاب الشيعية وامتنع عن حضوره الأكراد ومعظم السنة، جاء الرد عليه بالمطالبة بإنشاء الأقاليم كورقة ضغط لإبقاء القوات الأميركية بالعراق.

 

ويؤيد المحلل السياسي غانم العابد عدم صحة ما يشاع حول الأقاليم قائلا إن إيران هي من تقف وراء الإشاعة بهدف التشويش على المظاهرات التي لا تريدها، وترى فيها معارضة لمناصريها داخل البرلمان، وقد اختارت التوقيت المناسب لإفشال الاحتجاجات.

تميز معظم مناطق الوسط والجنوب العراقي بالطابع العشائري وهو ما قد يدفع لنزاعات مسلحة للهيمنة على خيرات المحافظات من كبرى العشائر حال نفذت فكرة الأقاليم، بحسب المحلل السياسي حسن العلوي.

ويضيف العلوي أن الأقاليم ليست ضرورة سياسية أو اجتماعية إلا في حال وجود أقليات من غير العرب للحفاظ على حقوقهم القومية، كما حصل مع الأكراد بإقليم كردستان.

 الهاشمي: الشارع العراقي بشقيه السني والشيعي يرفض فكرة الإقليم (الجزيرة)
 الهاشمي: الشارع العراقي بشقيه السني والشيعي يرفض فكرة الإقليم (الجزيرة)

تحذير
وحذر الشمري من فكرة الأقاليم، معتبرا أن من شأن ذلك أن يأخذ منحى طائفيا فيكون الوضع أمام إقليمين جديدين سني وشيعي إلى جانب الكردي المقام أصلا، وبهذا يكون العراق قد تهيأ للتقسيم الفعلي. 

وسبق أن رُفض مشروع الأقاليم مرات عدة، خاصة بتزامنه مع الأزمات المتوالية، كما حدث بفترة مظاهرات الأنبار والحويجة بكركوك، ووفق الهاشمي ستواجه الفكرة اليوم الرفض ذاته من الشارعين السني والشيعي، خاصة بساحات التظاهر الهادفة لوحدة العراق.

وهو الرأي الذي تبناه الشمري، مؤكدا أن المشروع سيؤول للفشل، وكما أن الشارع السني يريد الحفاظ على وحدة العراق ورفض مرارا الأقاليم، فإن النظير الشيعي يبدو أكثر تمسكا بوحدة البلاد.

الأكراد
بينما يذهب البيت الكردي لرأي مغاير، وبحسب قول رئيس منظمة باو القانوني هوكر جتو، هناك مؤيدون وبشدة لفكرة الأقاليم، وإن ما يدفع للتأييد اعتبارها تمنح الحفاظ على وجود إقليم كردستان وخصوصيته، وهو المبتغى الأساس للأكراد. 

وقد تكون الفوائد الاقتصادية أهم الدوافع والمقومات لتأسيس أي إقليم، وفي العراق رغم ضعف المجال الصناعي الإنتاجي فإن هناك ثروات من شأنها التمكين لإقامة أقاليم، فيقول الخبير الاقتصادي همام الشماع إن المناطق الغربية بالعراق، وخاصة الأنبار، ثرية بالمعادن النادرة وتمتلك مقومات اقتصادية.

ويضيف أن المحافظات الجنوبية تزخر بالنفط الذي يشكل العمود الفقري لاقتصاد العراق حاليا.

من جهته، اعتبر الكاتب الصحفي علي البيدر أن الأزمات والصراعات التي مرت بها المناطق السنية على وجه التحديد قد تدفع بأهلها نحو التفاهم واغتنام الخيرات للحفاظ على التقاليد والأعراف وتجنب وقوع أي صراعات جديدة، خاصة الطائفية منها.

الشمري رجح أن تؤول فكرة إقامة الأقاليم إلى الفشل (الجزيرة)
الشمري رجح أن تؤول فكرة إقامة الأقاليم إلى الفشل (الجزيرة)

أغلبية رافضة
رغم أغلبية الرفض بالشارعين السني والشيعي للأقاليم وتخوف الكثيرين من وقوع النزاعات إلا أنها لا تخلو من إيجابيات حال توفرت بعض الخصوصيات، ويقول الشمري "تولد الثقة بالحكومة الاتحادية ووفائها لوحدة جغرافية العراق وتطبيق الدستور بصلاحيات عراقية تخلو من الضغوط الخارجية كافية للتكامل المطلوب ليكون الإقليم جزءا من تطبيق الدستور إذا ما توفرت الرغبات الحقيقية".

ويقول البيدر لو أن الحكومة الاتحادية طبقت الفدرالية دستوريا منذ 2005 مع بداية وضع الدستور الجديد لتمكن العراق من حل مختلف المشكلات، ويعزز البيدر قوله بتجربتي ماليزيا التي استطاعت حفظ حقوق المواطنين وإقليم كردستان كنموذج محلي، خاتما قوله بأن نظام الأقاليم هو الحل الأمثل لإخراج البلاد من نكباتها المتوالية.
 
دستوريا
يقول جتو إن المادة 119 من الدستور بينت أحقية كل محافظة أو أكثر بتكوين إقليم بناء على تقديم ثلث أعضاء مجلس المحافظة طلبا يقدم رسميا لرئاسة مجلس الوزراء لرفعه للمفوضية العليا للانتخابات أو بطلب عشر الناخبين لكل محافظة، للتصويت عليه كحق مصان دستوريا.

ولفت العابد إلى أن إنشاء إقليم لا يحدده اجتماع عشرة أشخاص، مؤكدا أن الدستور يشترط أن يكون ذلك عبر استفتاء شعبي ويوافق عليه بنسبة تتجاوز 50%.

المصدر : الجزيرة