من مشرَّفة إلى رمضان.. لماذا يموت علماء مصر في ظروف غامضة؟
عبد الرحمن أحمد-القاهرة
رغم الإعلان الرسمي عن وفاة الخبير النووي المصري أبو بكر رمضان نتيجة إصابته بسكتة قلبية أثناء مشاركته في مؤتمر علمي بالمغرب، فإن الواقعة أثارت الجدل وأعادت إلى الأذهان حوادث الوفاة الغامضة التي ارتبطت بعلماء نابغين، خاصة في المجالات النووية.
وأعلنت وسائل إعلام مغربية يوم الجمعة عن وفاة رمضان، أستاذ القياسات الإشعاعية والبيئية المتفرغ بهيئة الرقابة النووية (حكومية)، في ظروف غامضة يوم الأربعاء الماضي أثناء مشاركته في ورشة تنظمها الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مدينة مراكش المغربية.
ونقلت صحف مغربية عن مصادر طبية أن الخبير المصري، الذي شغل سابقا منصب رئيس الشبكة القومية للمرصد الإشعاعي في هيئة الرقابة النووية والإشعاعية المصرية، شعر بمغص في معدته بعدما شرب كوبا من عصير البرتقال وتم نقله إلى المستشفى حيث توفي.
وفتحت السلطات المغربية تحقيقا في ظروف وملابسات الحادث، وأرسلت عينات من دمه لأحد المختبرات الطبية لمعرفة ما إذا كان قد سُمّم، وأمرت النيابة العامة بتشريح الجثة لتحديد سبب الوفاة.
وذكرت تقارير أن رمضان كان مكلفا من قبل وزراء البيئة العرب عام 2015 بدراسة الآثار المحتملة للمفاعلات النووية في ديمونة في إسرائيل وبوشهر في إيران، وهو ما زاد من الشكوك بشأن ظروف الوفاة.
ولكن في اليوم نفسه نقلت صحيفة "الجريدة 24" المغربية عن مصادر طبية أن سبب وفاة العالم المصري هو "تناوله عقاقير طبية أثرت على وضعه الصحي".
وبينما أشار السفير إلى أن رمضان ازداد تعبه وطلب من إدارة الفندق نقله إلى المستشفى، قال في تصريحات أخرى إن أحد الأشخاص شاهد رمضان على سريره في حالة إعياء حيث كان باب غرفته مفتوحا ويعاني من عدم قدرته على التنفس.
وفيما يتعلق برواية تناول "العصير" التي أثارت الكثير من الجدل حول وفاة الخبير النووي، ذكر السفير المصري أن وراءها زميلا تونسيا للعالم الراحل قال إن رمضان شعر بالتعب عقب تناوله عصير برتقال، ولكنه أشار في تحقيقات الشرطة إلى أنه اعتاد تناول هذا العصير يوميا.
ورغم تأكيد الصحف المغربية والتقارير الأولى للصحف المصرية أن الوفاة حدثت يوم الأربعاء الماضي 4 سبتمبر/أيلول الجاري، وهو تاريخ آخر منشورات العالم المصري على صفحته على فيسبوك، فإن التصريحات الرسمية المصرية تحدثت عن وقوع الحادث يوم الخميس، دون تبرير سبب تأخر الإعلان الرسمي إلى السبت أو غياب الحضور الطبي المصري لعملية التشريح، في حين تصاعدت دعوات تطالب بإعادة تشريح الجثة في مصر.
|
وكان مشرفة، الملقب بأينشتاين العرب، أول عميد مصري لكلية العلوم وواحدا من العلماء القلائل الذين اكتشفوا سر تفتت الذرة، كما كان أول من طرح فكرة صنع القنبلة الهيدروجينية.
وتوفي مشرفة يوم 15 يناير/كانون الثاني 1950 عن عمر يناهز 52 عاما، وجاء الإعلان الرسمي وقتها عن موته إثر سكتة قلبية قيل إنها ناجمة عن الإجهاد، إلا أن العديد من التقارير تحدثت عن تعرضه لعملية اغتيال ووفاته مسموما.
وتشير أصابع الاتهام في عملية الاغتيال إلى جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (الموساد) الذي تأسس قبل هذا الحادث بشهر واحد وتحديدا يوم 13 ديسمبر/كانون الأول 1949، وكان من مهامه الأساسية إحباط النشاطات التي تراها إسرائيل معادية لها، واشتهر عبر تاريخه بعمليات اغتيال العقول العربية.
وتعرضت العالمة المصرية لحادث اصطدام يوم 15 أغسطس/آب 1952 أثناء ذهابها لزيارة معامل نووية في ضواحي كاليفورنيا بالولايات المتحدة، وأظهرت التحريات أن سائقها الذي فر هاربا كان يحمل اسما مستعارا، وأن إدارة المفاعل لم ترسل أحدا لاصطحابها، واعترفت صحف أميركية وقتها بأن الحادث كان مدبرا.
ولكن نجيب رفض هذه العروض خاصة بعد هزيمة يونيو/حزيران 1967، وقرر العودة لبلاده، وحجز مقعدا في الطائرة المتجهة للقاهرة يوم 13 أغسطس/آب 1967، وفي الليلة المحددة لعودته فوجئ بسيارة نقل تتعقبه واندفعت تجاهه بسرعة كبيرة لتصدم سيارته وتحطمها ليلقى مصرعه بداخلها، والغريب أن الحادث قُيد ضد مجهول.
وعُثر على المشد جثة هامدة مهشمة الرأس يوم 13 يونيو/حزيران 1980 في أحد فنادق باريس، وقُيدت القضية وقتها أيضا ضد مجهول، ولكن إسرائيل اعترفت لاحقا رسميا باغتيال المشد من خلال الفيلم التسجيلي "غارة على المفاعل" الذي عرضته قناة ديسكفري الوثائقية الأميركية عام 2012.
وبالإضافة إلى كل ما سبق، يحفل ملف وفاة العقول المصرية في ظروف غامضة بالعديد من الأسماء الأخرى من بينها أستاذ الجغرافيا السياسية جمال حمدان، والعالم المصري في مجال الفضاء سعيد السيد بدير، وعالم الذرة الشاب أحمد محمد الجمال وغيرهم من الأسماء، فضلا عن الاختفاء الغامض لعالم الذرة المصري نبيل القليني.