في حوار مع الجزيرة نت.. لطفي المرايحي: أرفض المساواة بالإرث وهذا برنامجي لحكم تونس

المرشح لطفي المرايحي مقدمة من مصوره الفوتوغرافي
الطبيب والكاتب والسياسي لطفي المرايحي (وكالات)

آمال الهلالي-تونس

يخوض الطبيب والكاتب والسياسي لطفي المرايحي سباق الانتخابات الرئاسية التونسية لأول مرة، مراهنا -كما يقول- على رصيد يخلو من أي عثرات سياسية وتصور جديد لمهام رئيس الجمهورية في المجال الاقتصادي والاجتماعي.

وكشف المرشح عن حزب الاتحاد الشعبي الجمهوري -في حوار مطول مع الجزيرة نت- عن رؤيته لمنصب رئيس الجمهورية، وبرنامجه الانتخابي وموقفه من بعض القضايا الخلافية، وحظوظه من بين 26 مترشحا، في سباق يصعب التكهن بنتائجه.

تخوض سباق الرئاسة، برصيد سياسي متواضع مقارنة ببعض منافسيك الذين عرفهم التونسيون في الحكم أو المعارضة.. ما الذي باعتقادك سيدفع التونسيين للتصويت لك؟

أملك تصورا جديدا لمهام رئيس الجمهورية يقطع مع ما هو سائد حول الصلاحيات المحدودة لرئيس الجمهورية التي تحشره في زاوية العلاقات الخارجية والأمن القومي والدفاع.

لكن هذه المهام ضبطها الدستور، ورئيس الجمهورية هو الضامن لتطبيق ما ورد في فصوله، أم أن لك رؤية مخالفة؟

أغلب الرؤساء السابقين كانت لهم قراءة محدودة للدستور وخاصة الفصل 72 الذي يجعل من رئيس الجمهورية رمزا لوحدتها وضامنا لاستقلالها واستمراريتها ومؤتمنا على تطبيق الدستور، كما أن البعد الاقتصادي والاجتماعي يدخل ضمن هذه الصلاحيات.

ما مرتكزات برنامجك الانتخابي ورؤيتك بشأن صلاحيات الرئيس؟

اهتمامي سيكون على الجانب الاقتصادي الذي أعتبره من الأولويات المحددة لبقية الميادين، لأنه متى توفرت الإمكانيات والموارد المالية يسهل بعدها إصلاح بقية المجالات، في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور الذي تمر به الدولة التونسية. 

في إطار تصوركم الاقتصادي كنتم تحدثتم عن خطة إنقاذ تعتمد على سياسة "حمائية قطاعية ذكية"، لكن ألا ترى أن ذلك يعني التقوقع على الذات وهجرة المستثمرين وخسارة الآلاف من مواطن الشغل أو فرص العمل؟

نعم هو تقوقع، لكنه لحماية النفس ولاستعادة العافية والقدرة مجددا على المنافسة، أما الاستثمار الذي يتحدثون عنه فهو موجه أساسا لقطاع الطاقة ويعمل على نهب ثرواتنا، وبالتالي لا بد من بناء اقتصاد وطني والتعويل على طاقاتنا وكفاءاتنا.

مصطلح السيادة الوطنية والدفاع عن مقوماتها من أهم النقاط التي طرحتها في برنامجك الانتخابي، هل تعتقد أنه بعد ستين عاما من الاستقلال لا تزال السيادة التونسية منقوصة؟

نعم،

وأنت تتحدث عن الوجود الفرنسي في تونس، كيف ستتصرف مع سلوك سفيرهم المثير للجدل؟

لا بد من وضع حد لتصرفاته وصلاته وجولاته دون رقيب في البلاد، وإلزامه باحترام الضوابط الدبلوماسية للدولة التونسية على غرار سائر سفراء الدول.

يرى البعض أنكم كنتم غائبين تماما قبل الثورة ويكاد نشاطكم السياسي يقتصر على بعض الأنشطة الثقافية والموسيقية، فهل كنتم ضمن المهادنين لبن علي والمستفيدين من نظامه؟

لا أدعي درجات النضال زمن بن علي، لكن كانت لي مواقف رافضة لسياساته الثقافية والاجتماعية، من خلال إصداري لكتاب "الفرد الغائب في مشروع التحديث" في 2004، كما رفضت أيضا في 2010 وسام الاستحقاق الثقافي الذي منحني إياه.

رافقتك اتهامات تتعلق بشبهة تزوير التزكيات الشعبية وتم استدعاؤك من قبل القضاء للتحقيق، هل تعتقد أن ذلك قد يضعف حظوظك لمواصلة سباق الرئاسة؟

أنا من ضمن 13 مرشحا تحوم شبهات حول تزكياتهم الشعبية، لكني كنت الوحيد الذي لبّى دعوة القضاء للتحقيق معه بخصوص التزكيات الوهمية، وتحملت مسؤوليتي الأخلاقية قبل القانونية في ذلك، وحظوظي في الانتخابات باقية.

كان لك موقف مثير من قضية المساواة في الإرث وعلاقتها بالحداثة والنمط المجتمعي، لو تحدثنا أكثر عن طرحك؟

موقفي الرافض لمشروع المساواة في الميراث نابع من تدبر وفكر حول دور رجل السياسة الذي لا يمكن أن يتحول إلى ولي أمر الناس ويفرض عليهم رؤيته الشخصية حول قضايا اجتماعية يحددها المجتمع.

البعض يرى أن المرايحي يسعى بدفاعه عن القيم الاجتماعية إلى مغازلة شق بعينه، فمارأيك؟

لا أغازل أي شق بل أمارس السياسة بقناعات، ومواقفي ثابتة منذ سنوات.

الائتلاف المدني من أجل الحريات الفردية دعا في رسالة مفتوحة مرشحي الرئاسة، للعمل على تمرير قانون المساواة في الإرث الذي طرحه الرئيس الراحل السبسي، هل ستستجيب لهذه الدعوة؟

مع احترامي للرئيس الراحل لكن مواقفه تلزمه وحده، وأنا ملزم بتطبيق قناعاتي وما أؤمن به وما أراه صالحا لتونس ومن كان على قناعاتي ذاتها، فليصوت لي ومن خالفني فهو حر في ذلك.

بعض منافسيك في الانتخابات يديرونها من السجون وآخرون من خارج البلاد، كيف ترون المشهد الانتخابي؟

بعض هؤلاء المترشحين مدانون في قضايا وتلاحقهم شبهات، لكن ما يطرح إشكالا هو تداخل الزمن السياسي مع الزمن القضائي وهذا ما فتح باب الشكوك واسعا حول توظيف مؤسسات الدولة لتصفية خصوم بعينهم.

قلتَ سابقا إن الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة هو الوحيد الذي قام بثورة حقيقية، ماذا تقصد بذلك؟ وهل أنت حامل لمشروعه السياسي والاجتماعي؟

لست في جلباب بورقيبة، لكني أحترم الرجل خلال سنوات حكمه الأولى حين قام بخيارات ثورية على مستوى التعليم والصحة، ما أدى لتشكيل معالم المجتمع.

لكنه أيضا ألغى تعدد الزوجات وخالف بذلك خيارات مجتمعية، وهو ما رفضته أنت فيما يتعلق بالمساواة في الإرث؟ 

كان ذلك خيارا شخصيا منه، ولكننا اليوم أمام مواطنين لا رعايا، ثم إن بورقيبة حين مضى في محاولات أخرى مثل المساواة في الإرث وإفطار رمضان وجد ردة فعل عنيفة من شيوخ الزيتونة، فعدل عن قراراته.

إلى أيّ من العائلات والاتجاهات السياسية تصنفون؟ 

أنا لا أنتمي لأي من هذه التصنيفات، فقط أنا اجتماعي في خياراتي الاقتصادية ومحافظ على مستوى الخيارات المجتمعية.

المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية طالب المترشحين للرئاسة بتوضيح موقفهم من اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمق "الأليكا" التي تتفاوض بشأنها تونس مع الاتحاد الأوروبي، ما موقفكم منها؟

أنا ضد إبرام اتفاقية "الأليكا"، لأن موازين قوى التفاوض تميل لكفة الاتحاد الأوروبي وتضعنا في موقف ضعيف وستكبد اقتصادنا وفلاحتنا "زراعتنا" خسائر فادحة.

ما الأخطاء الجسيمة التي تعتقد أن رؤساء سابقين ارتكبوها بحق الدولة والشعب؟

أعتقد تغاضيهم عن إعادة النظر في اتفاقيات استعمارية كبّلت تونس وجعلتها تحت الوصاية الاقتصادية والسياسية، وسأعمل على استعادة السيادة المسلوبة بحال وصلت للحكم.

العلاقات الخارجية من صميم مهام رئيس الجمهورية، فأي تصور لك بشأن العلاقات التونسية في ظل الاستقطاب الذي يميز علاقاتها مع بعض المحاور العربية والدولية؟

أعتقد أن أفضل موقف لتونس بالنظر لحجمها السياسي والاقتصادي والعسكري، أن تبقى على الحياد في علاقتها بجميع الدول وعدم الدخول في أي محور.

من الجهات التي قد لا يقبل المرايحي التعامل معها بتاتا بصفته رئيسا للجهورية؟

الكيان الصهيوني دون شك.

كنت على رأس العديد من المهرجانات الفنية، هل ستعمل على دعم الثقافة والفن حال وصلت للرئاسة؟

سأولي عناية خاصة بالجانب الثقافي والفني، لأني أؤمن أن هذا المجال هو الجامع لكل التونسيين ورافد لتهذيب الذوق العام.

بحال خسرتم رهان الرئاسة، هل أنتم مستعدون لشغل منصب وزاري إذا استدعيتم لحكومة مقبلة؟

أنا مستعد لخدمة تونس من أي موقع كان.

من أقرب مرشح إليكم تتمنون فوزه بالرئاسة، وترون أنه قادر على إنقاذ تونس؟

لا أرى أحدا.

المصدر : الجزيرة