الإفراج عن "غريس 1".. هكذا كانت ردود الفعل في إيران

REFILE - CORRECTING BYLINE Oil supertanker Grace 1 on suspicion of being carrying Iranian crude oil to Syria is seen near Gibraltar, Spain July 4, 2019. REUTERS/Stringer
المحكمة العليا في جبل طارق قررت الخميس الإفراج الفوري عن "غريس 1" (رويترز)

الجزيرة نت-طهران

بعد سماح سلطات حكومة جبل طارق التابعة لبريطانيا، للناقلة الإيرانية "غريس 1" بمغادرة مياهها الإقليمية، طالب إيرانيون بمقاضاة لندن لقرصنة الناقلة والأضرار التي ألحقتها بكل من إيران والجهة المستوردة والشركة المالكة للناقلة.

وقررت المحكمة العليا في جبل طارق أمس الخميس الإفراج الفوري عن الناقلة، بعد ساعات من إطلاق سراح طاقمها، وهو ما اعتبره مراقبون تجاوزا للمطالب والضغوط الأميركية بتمديد احتجازها.

وعلقت المؤسسة العسكرية الإيرانية بشكل مقتضب -على لسان الجنرال علي فدوي نائب القائد العام للحرس الثوري- على الإفراج عن الناقلة بأن "جميع المستكبرين في العالم سيرضخون -مما لا شك فيه- أمام صمود جبهة الحق وسوف يستسلمون لها".

لا ضمانات للإفراج
ونفت الخارجية الإيرانية، ما جاء في بيان نظيرتها البريطانية عن ضمانات قدمتها طهران لحكومة جبل طارق بعدم ذهاب الناقلة إلى سوريا.

ونشر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، رسالة سبق أن قدمتها سفارة بلاده إلى لندن تؤكد أن وجهة الناقلة "غريس 1" لم تكن جهات خاضعة لعقوبات الاتحاد الأوروبي ولن تكون، وأن القوانين الدولية لا تسمح للاتحاد بتطبيق عقوباته المفروضة على جهة ما، على أطراف ثالثة.

سلطات حكومة جبل طارق احتجزت
سلطات حكومة جبل طارق احتجزت "غريس 1" مطلع يوليو/تموز الماضي (رويترز)

وأرفق ظريف الرسالة -التي نشرها باللغتين الفارسية والإنجليزية- بتغريدة كتب فيها أنه "لا يستطيع أحد أن يغير الحقيقة، وهي أن توقيف (غريس 1) لم يكن قانونيا 100%".

وفي السياق، أكد السفير الإيراني لدی لندن حميد بعيدي نجاد، أن طهران لم تقدم أي تعهدات أو ضمانات مكتوبة بشأن الإفراج عن الناقلة أو وجهتها، مضيفا أننا منذ البداية أكدنا أن "غريس 1" لم تكن متوجهة إلى سوريا.

وتحدث بعيدي نجاد، عن جهود "مستميتة" بذلتها أميركا لمنع الإفراج عن الناقلة، لكنها منيت "بهزيمة نكراء"، في حين اتهم ظريف واشنطن بمحاولة القرصنة بسعيها لمنع سلطات جبل طارق من الإفراج عن "غريس 1".

البحر الأبيض
من جانبه، أعلن مساعد الشؤون البحرية في منظمة الموانئ والملاحة الإيرانية جليل إسلامي، أن وجهة الناقلة ستكون "موانئ في البحر الأبيض المتوسط" دون تحديد الدولة المتجهة إليها، بيد أن بعض وسائل الإعلام الإيرانية تحدثت عن المغرب باعتبارها المقصد النهائي للناقلة.

وفي تصريح صحفي للتلفزيون الإيراني، جدد إسلامي موقف بلاده الرافض لاحتجاز بريطانيا ناقلة "غريس 1" الذي وصفه بأنه "جاء تلبية لأوامر أميركية للضغط أكثر على الجمهورية الإسلامية"، مضيفا أن لندن لم تمتلك دليلا للاستمرار باحتجاز الناقلة التي أوقفتها في المياه الدولية.

‪
‪"غريس 1″ محملة بمليوني برميل نفط إيراني‬ (رويترز)

ونفى إسلامي عقد صفقة لمقايضة ناقلتي "غريس 1″ الإيرانية و"ستينا إمبيرو" البريطانية، وتحدث عن عزم بلاده مقاضاة بريطانيا بسبب الأضرار التي لحقت بها جراء توقيفها ناقلة النفط العملاقة لفترة تجاوزت الأربعين يوما، فضلا عن الأعباء الاقتصادية التي فرضت على الجهة المستوردة والشركة المالكة لـ"غريس 1″.

منطق وقوة
من ناحيته، اعتبر الدبلوماسي الإيراني السابق هادي أفقهي، الإفراج عن الناقلة انتصارا سياسيا وحقوقيا لبلاده على ما أسماه "الغطرسة البريطانية"، مؤكدا أن توقيف إيران الناقلة البريطانية "ستينا إمبيرو" لمخالفتها القوانين الدولية بالمياه الخليجية أسهم في الإفراج عن "غريس 1".

وشدد في حديث خص به الجزيرة نت،على أن عملية الإفراج تظهر أن ما قامت به بريطانيا من قرصنة ناقلة نفط إيرانية، مخالف لقوانين الملاحة الدولية، موضحا أنه لا مقايضة بين طهران ولندن لتبادل الناقلات وأن مصير الناقلة البريطانية بيد السلطة القضائية في إيران.

وطالب أفقهي الجهاز الدبلوماسي الإيراني بالتحرك لإدانة لندن في الأوساط القانونية الدولية، ومطالبتها بتعويضات مالية لاحتجازها ناقلة نفط عملاقة بشكل غير قانوني، مشددا على ضرورة اعتذار لندن للشعب الإيراني لارتكابها "إرهابا بحريا" وعملية "سرقة"، على حد تعبيره.

وفي إشارة له إلى انتصار "قوة المنطق الإيراني على منطق القوة البريطاني"، ذكّر الدبلوماسي الإيراني السابق بمساعي بلاده ودعوتها الدول الخليجية للجلوس إلى طاولة المفاوضات من أجل ضمان أمن المياه الخليجية وسد الطريق على الدول الأجنبية التي تريد العبث بأمن المنطقة.

‪نشطاء إيرانيون اعتبروا أن الإفراج عن
‪نشطاء إيرانيون اعتبروا أن الإفراج عن "غريس 1" جاء بفعل الصمود‬ (رويترز)

ورأى أن عدم امتثال بريطانيا للطلب الأميركي بتمديد احتجاز "غريس 1" يمثل صفعة لواشنطن، وأضاف أن إيران ودول المنطقة مجتمعة هي المسؤولة عن ضمان أمن المنطقة وليس واشنطن، وأن أميركا أضحت وحيدة في تشكيل تحالف تأمين الملاحة البحرية في المياه الخليجية.

صمود ومقاومة
وفيما رأى مراقبون في إيران أن الإفراج عن "غريس 1" يمهد الطريق أمام عملية إيرانية مماثلة لإطلاق سراح الناقلة البريطانية "ستينا إمبيرو"، طالب مغردون على شبكات التواصل الاجتماعي حكومة بلادهم بالتحفظ على الناقلة البريطانية أسبوعين آخرين، لتصل فترة احتجازها إلى عدد الأيام التي أوقفت فيها الناقلة الإيرانية بجبل طارق.

واعتبرت حسابات مؤيدة للتيار المحافظ على شبكات التواصل الإجتماعي، أن الإفراج عن "غريس 1" جاء بفعل الصمود، إذ تمنى رئيس تحرير وكالة أنباء تسنيم كيان عبد اللهي على طهران أن تتبنى هذا الخيار في التعاطي مع الغرب فيما يخص الاتفاق النووي.

كما أشار الناشط السياسي علي خضريان، إلى مقولة المرشد الإيراني الشهيرة "لن تحدث حرب ولن نتفاوض مع أميركا"، معتبرا في تغريدة له على "تويتر" أن الإفراج عن الناقلة دون تقديم تنازلات، هو ثمرة منطق المقاومة.         

وكانت سلطات حكومة جبل طارق احتجزت ناقلة "غريس 1" المحملة بمليوني برميل نفط إيراني مطلع يوليو/تموز الماضي، للاشتباه في انتهاكها العقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على النظام السوري، وهو ما نفته طهران.

المصدر : الجزيرة