المنطقة الآمنة في سوريا.. مجهولة العمق والسيادة

A picture taken on October 11, 2017, from the Syrian village of Atme in the northwestern province of Idlib shows Turkish military vehicles driving around a military base on the Turkish side of the border with Syria.Turkey-backed Syrian rebels are preparing for an operation to oust jihadists from the northwestern province of Idlib. Early this week, Turkey's army said it had launched a reconnaissance mission in Idlib days after President Recep Tayyip Erdogan announced an
برج مراقبة تركي في محافظة إدلب على الحدود التركية السورية (غيتي)

معن الخضر-الحدود السورية التركية

منطقة بعمق خمسة كيلومترات، عناصر سوريا الديمقراطية جزء من شرطتها المحلية والجيش الحر خارجها تماما، ومنطقة بعمق أكثر من 30 كيلومترا، لا وجود لسوريا الديمقراطية فيها مطلقا والجيش الحر قوة تنتشر في أطراف مدنها وأريافها.
 
هذان السطران يختصران مباحثات امتدت لثلاثة أيام في أنقرة وشرق سوريا، ففي الأولى اجتمع جيمس جيفري المبعوث الأميركي إلى سوريا مع قادة أتراك رفيعي المستوى وطرح عليهم ما تعتبره واشنطن "خريطة طريق" لمستقبل شرق الفرات.

وفي الثانية، أي شرق سوريا قرب الحدود السورية التركية، اجتمع قائد القيادة الوسطى للقوات الأميركية مع قائد ما يعرف بـ "قوات سوريا الديمقراطية"، عبدي مظلوم، لدفع العجلة التي تهيئ المنطقة لتفاهم أميركي تركي طويل الأمد شرق الفرات.

المبعوث الأميركي إلى سوريا جيمس جيفري ووزير الدفاع التركي خلوصي أكار في لقاء سابق (الأناضول)
المبعوث الأميركي إلى سوريا جيمس جيفري ووزير الدفاع التركي خلوصي أكار في لقاء سابق (الأناضول)

فشل روسي
غير بعيد عن حديث شرق الفرات، في غربه تتصاعد الهجمات الجوية لطائرات نظام الأسد بدعم روسي وتحديدا في شمال غرب سوريا، انعكاسا لفشل روسي غير مسبوق منذ تدخلها العسكري في تحقيق تقدم على الأرض، كما يرى الخبير الإستراتيجي السوري عبد الناصر العايد.

ويضيف العايد أن هذا الواقع سيدفع بالضرورة لميل نحو الاستقرار الإستراتيجي لموازين القوة في ميدان الصراع السوري بأكمله، مما يجعل خيار صياغة اتفاق سياسي دائم مع أنقرة حول تلك المنطقة أمرا لا مفر منه بالنسبة للروس.

الفشل ذاته في خلق واقع مستقر ومجتمعات محلية مستقرة، هو ما يعتبره العايد سببا كذلك لجعل واشنطن تبحث عن صيغة توافقية مع أنقرة لا يصبح فيها المسلحون الأكراد قابضين على الريح ويغلقون باب الزمن الذي تراهن عليه موسكو وحلفاؤها لاستعادة المنطقة، حالما تسحب أميركا آخر جنودها منها.

تحرك أحادي
الكاتب والباحث في الشأن التركي، سعيد الحاج، يعلق على مآل النقاشات المستقبلية بين واشنطن وأنقرة حول مسألة شرق الفرات، مؤكدا أن التحرك الأحادي هو الأقرب من تفاهم على خطوات مشتركة، فما كان مقررا بشأن اتفاق منبج حتى الآن لم تنفذ أي من خطواته.

ويضيف أن الطرفين بعيدان جدا عن التفاهم حول المنطقة الآمنة، وما جرى هي محاولة من واشنطن للتخفيف من التهديدات التركية باقتحام المنطقة عسكريا.

ويشير الباحث الذي خبر السياسة التركية أن أوراق أنقرة في الملف السوري وحاجة واشنطن الإستراتيجية للإبقاء عليها في الحلف الغربي، يجعلها حريصة على عدم خسرانها لصالح روسيا.

الحاج: أنقرة وواشنطن بعيدتان جدا عن التفاهم بشأن المنطقة الآمنة (الجزيرة)
الحاج: أنقرة وواشنطن بعيدتان جدا عن التفاهم بشأن المنطقة الآمنة (الجزيرة)

عمليات محدودة
ويرى الحاج أن تركيا مع امتلاكها لأوراق قوة في الملف السوري فإنها سوف تذهب لتحرك أحادي يتمثل بعمليات عسكرية محدودة في مناطق مثل تل أبيض والمناطق الحدودية، لكسر المماطلة الأميركية في إنهاء مخاوفها الأمنية على الحدود.

على الطرف الآخر، وبصورة متزامنة مع فشل واشنطن في التوصل لاتفاق مع أنقرة بخصوص المنطقة الآمنة، احتفل قادة "سوريا الديمقراطية" بوصول قائد القيادة الوسطى للقوات الأميركية إلى مناطق سيطرتهم بعد أيام من زيارة جيمس جيفري.

فالدعم المستمر، سياسيا وعسكريا، لمتابعة مكافحة ما تبقى من خلايا تنظيم الدولة وضمان استقرار المنطقة هي الوعود التي قدمها لهم الأميركيون، وفق ما ذكر عبد الكريم عمر، مسؤول العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية التابعة لسوريا الديمقراطية.

يرى كثير من السوريين على منصات التواصل الاجتماعي أن الدماء التي تسيل وحركة طائرات الأسد وحلفائه هي العامل الوحيد الذي يكسر ركود التفاهمات حول حل القضية السورية بين الدول الفاعلة في الملف.

وتلتقي تشعبات التحالفات الإستراتيجية في تفاهمات روسية تركية بشأن إدلب وخلاف حول طريقة تطبيقها، في حين تضيق دائرة أمل العودة لمنطقة آمنة بالنسبة لأكثر من مليون سوري من سكان شرق سوريا.

المصدر : الجزيرة