قوات من الجيش تنتشر بالخرطوم.. وتساؤلات عن غيابها في الأيام الماضية

Deputy Chairman of the Transitional Military Council Mohamed Hamdan Daklu - - KHARTUM, SUDAN - MAY 4: Sudanese soldiers take security measurements as Deputy Chairman of the Transitional Military Council, Mohamed Hamdan Daklu visits people who got injured during ongoing protests in Sudan, at a hospital in Khartoum, Sudan on May 4, 2019.
قوات تابعة للدعم السريع في أحد الشوارع بالعاصمة الخرطوم (الأناضول)
الخرطوم-الجزيرة نت
 
انتشرت أمس قوات من الجيش السوداني في ولاية الخرطوم خصوصا في أم درمان، وأظهرت مقاطع بثت على الإنترنت ترحيب المواطنين بقواتهم المسلحة لكن ذلك لم يضع حدا لتساؤلات كثير من السودانيين عن غياب الجيش طيلة الفترة الماضية، بعد مقتل أكثر من مئة شخص وإصابة المئات في مجزرة فض الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش في 3 يونيو/حزيران التي اتهم ناشطون قواتِ الدعم السريع التي يقودها نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان حميدتي بارتكابها.
 
وما كان يتم التعبير عنه همسا في الشارع السوداني حول تراجع دور مؤسستهم العسكرية أصبح جهرا، بعد سيطرة مليشيا الدعم السريع على مقاليد السلطة في البلاد بما فيها قيادة الجيش نفسها، بحسب متابعين.
 
وعبرت عن هذا الواقع الصعب المقاطع التي جرى تداولها بعد فض اعتصام القيادة العامة الذي راح ضحيته أكثر من مئة شخص وجرح أكثر من خمسمئة آخرين، والتي أظهرت أيضا عناصر تابعة للقوات المسلحة وهم يبكون بسبب العجز عن التصدي لما حدث، لأن أسلحتهم جمعت منهم قبل الحادثة كما قالوا.

مقاطع مصورة
وأججت المَشاهد التي ظهر فيها جنود القوات المسلحة وهم يتفرجون على حلقة الإعدامات التي مارستها قوات الأمن وقوات الدعم السريع أمام القيادة العامة للجيش، وفق ما ظهر في المقاطع المتداولة، الحديث عن مهمة القوات المسلحة السودانية وموقفها من التجاوزات المرتكبة بحق الشعب السوداني.

وبدا واضحا أن ما قاله قائد الدعم السريع محمد حمدان حميدتي حول "عدم وجود جيش في الدولة السودانية" عين الحقيقة، وفق مراقبين.

العميد متقاعد منصور الحارث يرى أن حكومة الرئيس المعزول عمر البشير عملت منذ مجيئها على ما سماه "تدمير القوات المسلحة وبناء أجسام موازية لها ممثلة في الدفاع الشعبي وقوات الدعم السريع، وكتائب الظل".

وبرأي الحارث الذي كان يتحدث للجزيرة نت أنه بجانب إضعاف الجيش، فإن ما تبقى منه في الوحدات بالعاصمة لا يملك أسلحة "ويبدو أنها قد جمعت منه قبل ارتكاب المجزرة، ما أجبر بعضهم على البكاء في مناظر شاهدها الجميع".

تحجيم الجيش
ويضيف أن تحجيم الجيش وتهميش دوره قد "يفتح على القتلة أبواب جهنم، لأن هناك رتبا وسيطة وصغرى تتذمر الآن مما حصل".

وسبق لحميدتي أن ذكر في خطاب له أمام قواته في التاسع عشر من مايو/ أيار 2014 أن " مفتاح السودان بيده، لأننا نحن أسياد الحل والربط"، حسب قوله.

وبلغة وصفت بأنها لا تخلو من غرور قال "لا يوجد من يمكن أن يخرج لنا لسانه -في إشارة لانتقادات السيد الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي الذي وصف قوات الدعم السريع بالمليشيا الفوضوية"، وزاد "لما نقول اقبضوا على الصادق المهدي يقبضوه (يقبضوا عليه) ولما نقول فكوه يفكوه (أطلقوا سراحه يطلقوه)، والآن لما الحكومة تسوي (تمتلك) جيشا (حينها) يمكن أن تكلمنا".

تلك العبارات لم تجد استنكارا وقتها من الرئيس المعزول عمر البشير الذي أنشأ عبر قائد القوات البرية حينها العميد عبد الفتاح البرهان قوات الدعم السريع باعتبارها قوة موازية للقوات المسلحة السودانية.



نحروه أم انتحر
وأطلق الصحفي السوداني أحمد يونس -في صفحته على فيسبوك- عددا من التساؤلات حول ما إذا كان "الجيش السوداني نحروه أم انتحر، وكيف لضابط يرى شعبه يقتل وينحني للقاتل، وكيف لقيادة تزعم الوطنية وتكذب لتبرر قتل الأبرياء؟!".

وقال "إن جيشا يحشد الآلاف من المقاتلين والآليات ويستأسد على المواطنين العزل ويجبن من معارك السيادة.. فالقوة التي استخدمها لقتل المعتصمين السلميين يمكن أن تحرر حلايب، والفشقة (بولاية الغضارف شرق السودان)، لكنه الجيش الذي يحرز النياشين وهو يقاتل مواطنيه".

وما لم يتطرق إليه بعض المتابعين من قبل هو أن القوات المسلحة السودانية فقدت كثيرا جدا من قيمتها، بعد برنامج التمكين الذي نفذته حكومة البشير وتحويلها إلى قوات "عقائدية" لا ترى في السودان غير الحركة الإسلامية الحاكمة، كما يقول العميد متقاعد سيف الدين الكناني.



ويلفت الكناني إلى تدمير قومية الجيش بما سماه تصفية كل ضباط المدرعات التي كانت تسهم في التحولات العسكرية في السودان وتحويل أطقمها إلى أبناء الحركة الإسلامية ومن بعدها مؤيدو المؤتمر الوطني.

ويعتقد الكناني في تعليقه للجزيرة نت أنه بالرغم مما حدث للجيش السوداني وتسليم الأمور إلى حميدتي، فإن انتقام مؤيدي عمر البشير هو من يسوق البلاد إلى الكارثة الآن.

 

المصدر : الجزيرة