صحف فرنسية: الجيش السوداني يغتال الأمل في انتقال ديمقراطي

أعربت بعض الصحف الفرنسية عن خيبة أمل السودانيين والعالم إزاء التوصل لفترة انتقالية ديمقراطية وسلمية بعد فض العسكر اعتصام قيادة الجيش السلمي بعنف، مما أودى بحياة العشرات وإصابة أكثر من مئة.

وتقول صحيفة ليبيراسيون الفرنسية إن الأقنعة سقطت إزاء انتقال سلمي للسلطة، وإنه ظهر أن الجنرالات الذين أزاحوا الرئيس السوداني عمر البشير عن السلطة لم يكونوا جادين ولا راغبين في تسليم السلطة للمدنيين رغم المفاوضات.

وأضافت أن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) لم يكن ينوي حماية المعتصمين رغم وعده بذلك، بل إن هؤلاء جميعا أسهموا في مقتل بعض المعتصمين وقضوا على أي حل للأزمة السياسية في الأجل المنظور.

وتشير الصحيفة إلى أن الخرطوم بدت أمس مدينة محاصرة، تجوبها أرتال من سيارات قوات الدعم السريع التي تشكل جيشا داخل الجيش، حيث كان أفرادها يطلقون النار في الهواء في الشوارع المهجورة لتخويف الناس.

وتشير إلى إعلان المجلس العسكري إنهاء الحوار مع المدنيين وعزمه خوض انتخابات خلال تسعة أشهر، وعلقت على هذه الخطوة بالقول إن من أغرب مفارقات الربيع العربي أن تصبح صناديق الاقتراع هي السلاح المفضل لدى الدكتاتوريين، وذلك كما يحدث في السودان والجزائر، لأن الشعب يعرف تمام المعرفة أن التصويت الذي ينظمه النظام القديم سيؤدي حتما إلى مصادرة السلطة.

من جهتها، قالت صحيفة لوموند إن رئيس المجلس العسكري اللواء عبد الفتاح البرهان أسقط قناعه في الساعات الأولى من يوم الثلاثاء، وذلك عندما ألغى على شاشة التلفزيون الوطني كل ما توصلت إليه المفاوضات مع المعارضة المدنية فيما يتعلق بانتقال السلطة وتنظيم فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات والاستعاضة عنها بانتخابات في الشهور المقبلة.

انقسامات
وتشير لوموند إلى أن المدنيين بدوا منقسمين في مقابل العسكر، وأنهم وإن كانوا يأملون في مواصلة المفاوضات مع المجلس العسكري من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن انتقال قادر على إخراج السودان من مثلثه المدمر (العسكر والإسلاميين ورجال الأعمال)، إلا أن فض الاعتصام أغلق الباب، فلم تعد هناك مفاوضات، ولكن دوامة من العنف.

وخلصت إلى أن الحركة الحالية تعبر عن استعادة النظام القديم مع تغيير بسيط في رأس البلد، وإن كان الأمر في النهاية متعلقا بمدى نجاح المجلس العسكري في فرض إرادته على جميع وحدات القوات المسلحة السودانية.

ونبهت الصحيفة إلى أن هناك عائقين أمام هذه المحاولة، وهما التنافس الداخلي بين القوات المسلحة بما في ذلك داخل الجيش، واستعداد الحركة المدنية لمتابعة ما قاله زعيم حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير الذي عبر عن بداية "حلقة جديدة من ثورة الشعب السوداني" سماها "مجد الشهداء".

وتقول لوموند إن مصادر قريبة من حركة الاحتجاج تحذر من أن تزيد هذه الأحداث من التطرف بين السكان، مشيرة إلى قول أحد المتظاهرين "سنبدأ من نقطة الصفر ولكن هذه المرة سيكون الأمر صعبا جدا".

أما موقع ميديا بارت فقال إن الجيش السوداني -بقمعه الاعتصام ووقفه أي مفاوضات بشأن نقل السلطة- كشف عن خطته للاحتفاظ بها ووضع حد لهذه الثورة الشعبية الجديدة التي تقلق حماته في الخليج.

فض الاعتصام
ونبه الموقع إلى أن طريقة فض الاعتصام بدت أمام الكاميرات عنيفة ودون أدنى مبرر، وذلك حسب السفير البريطاني عرفان صديقي الذي شاهد إطلاقا كثيفا للرصاص أمام مقر إقامته بالخرطوم.

وقال إن مصر والسعودية والإمارات دفعت بعض قادة المعارضة السودانية إلى التفكير في أن هذه الدول الثلاث كانت وراء "الثورة المضادة" بقيادة الجنرالات، خاصة أن أيا من هذه الدول لا تريد رؤية انتقال ديمقراطي ينتصر في المنطقة.

وقدم الموقع دليلا على ذلك ما قال إن أنور قرقاش نائب وزير خارجية الإمارات تمناه عندما قال في الشهر الماضي "نتمنى للسودان انتقالا منظما. لدينا تجربة فوضى كاملة في المنطقة. لسنا بحاجة إلى فوضى إضافية".

وتساءل الموقع في ختام مقاله، هل (فض الاعتصام) هي النصيحة أو الأمر الذي تلقاه المسؤولون العسكريون السودانيون الذين تناوبوا الشهر الماضي على زيارة الخليج؟، في إشارة إلى زيارة حميدتي للسعودية وزيارة البرهان لمصر والإمارات بعده.

المصدر : الجزيرة + ليبراسيون + ميديابارت