الأزمة الإيرانية الأميركية.. خيارات الحرب وفرص السلام

The Nimitz-class aircraft carrier USS Abraham Lincoln (CVN 72) and the Wasp-class Amphibious Assault Ship USS Kearsarge (LHD 3) sail alongside, as the Abraham Lincoln Carrier Strike Group (ABECSG) and Kearsarge Amphibious Ready Group (KSGARG) conduct joint operations, in the U.S. 5th Fleet area of operations in the Arabian Sea, May 17, 2019. Picture taken May 17, 2019. Mass Communication Specialist 1st Class Brian M. Wilbur/U.S. Navy/Handout via REUTERS ATTENTION EDITOR
حاملة الطائرات الأميركية "أبراهام لنكولن" في بحر العرب (رويترز)
محمد المنشاوي-واشنطن
يُثري التصعيد المستمر بين إيران والولايات المتحدة النقاش داخل العاصمة الأميركية حول الإستراتيجية والأهداف التي تتطلع إليها إدارة الرئيس دونالد ترامب منذ انسحابه من الاتفاق النووي مع طهران في مايو/أيار 2018.

ويشغل خيار الحرب واحتمالات التصعيد العسكري النقاش، خاصة بعد وقوع حوادث الهجمات على ناقلات النفط في خليج عمان الأسبوع الماضي وميناء الفجيرة قبل ذلك، مع استمرار إلقاء كبار المسؤولين الأميركيين بالمسؤولية المباشرة على إيران.

وجاء إعلان الناطق باسم المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية أن احتياطات اليورانيوم المخصب لدى إيران ستتجاوز الحدود التي ينص عليها الاتفاق النووي بعد عشرة أيام -أي بحلول 27 يونيو/حزيران الجاري- لتضيف المزيد من التوتر على نقاشات واشنطن حول المرحلة القادمة في النزاع مع إيران.

إدارة موحدة خلف ترامب
تتسق مواقف أركان الإدارة الأميركية مع موقف الرئيس ترامب الذي كرر أنه لا يسعى للحرب مع إيران، ولم يتحدث أي من أركان هذه الإدارة عن ضرورة القيام بعمل عسكري ضد طهران رغم أن عبارة  "كل البدائل على الطاولة" أشير إليها ضمنيا في تصريحات ترامب عند تحذيره القادة الإيرانيين من إغلاق مضيق هرمز.

وأكد باتريك شاناهان القائم بمهام وزير الدفاع بالإنابة على مسؤولية طهران عن الهجمات وذلك خلال زيارته لبروكسل عقب وقوع الهجمات، وذكر أن ذلك يُحمل الجماعة الدولية والولايات المتحدة مسؤولية بناء إجماع دولي لمعالجة أزمة الملاحة في الخليج، مؤكدا بوضوح أن بلاده تعول على "الدبلوماسية كوسيلة لخفض التوتر".

 
وكرر وزير الخارجية مايك بومبيو في لقاء تلفزيوني نفس موقف البنتاغون، إذ لم يشر إلى نية بلاده القيام بأي عمل عسكري، مشيرا فقط إلى أن بلاده "ستعمل على اتخاذ الإجراءات الدبلوماسية اللازمة وغيرها لضمان استمرار الملاحة في خليج هرمز".
جواد ظريف أثناء اجتماع في موسكو (الأناضول)
جواد ظريف أثناء اجتماع في موسكو (الأناضول)
حرب أم لا حرب؟
في المقابل لا يمتلك الحزب الديمقراطي والدوائر القريبة منه نفس حماس الجمهوريين تجاه التصعيد مع إيران، ويعتقد بعض خبراء ومسؤولي الحزب من المعارضين للتصعيد أنه على فرض مصداقية الرواية الأميركية الرسمية عن مسؤولية طهران على هذه الهجمات فإن هذا لا يعد دليلا كافيا للتصعيد العسكري من جانب واشنطن.

ويرتبط بحديث التصعيد نقطتان هامتان تحددان أطر النقاش خاصة مع وضوحهما، أولاهما أنه لا يوجد من لا يدرك حجم وقوة الآلة العسكرية الأميركية التي تمتلك الجيش الأقوى في العالم بلا منافس. وترتبط هذه النقطة بإدراك قادة إيران لحجم القوة الأميركية.

أما النقطة الثانية فترتبط بأنه لا يمكن استبعاد لجوء الرئيس ترامب إلى الخيار العسكري إذا ما تم استفزازه بصورة جادة، و"حتى الآن لم ينتج عن هجمات إيران سقوط أي ضحايا، ولم ينتج عن الهجمات كذلك غرق أي ناقلة نفط، ولم ينتج عن الهجمات إغلاق مضيف هرمز" كما يقول الخبير جويل ماثيس في مقال له.

من ناحية أخرى خرجت أصوات تدعو مباشرة إلى القيام بعمليات عسكرية ضد إيران، وعبر الكاتب المحافظ بصحيفة "نيويورك تايمز" بريت ستيفنز عن ضرورة اهتداء واشنطن بما جرى عام 1988 عندما هاجمت إيران سفينة حربية أميركية ونتج عنها إصابة عشرة أميركيين، وبعد أربعة أيام دمرت البحرية الأميركية نصف الأسطول الإيراني خلال ساعات، وعلى إيران إدراك أن الأميركيين يستطيعون فعل ذلك مرة ثانية.

بولتون من أبرز المتشددين في إدارة ترامب (رويترز)
بولتون من أبرز المتشددين في إدارة ترامب (رويترز)
كونغرس منقسم
يضغط عدد قليل من كبار قادة الحزب الجمهوري بمجلس الشيوخ على إدارة ترامب كي يتخذ الرئيس قرارا بعمل عسكري ضد إيران. وكانت دراسة لمركز أبحاث الكونغرس قد أشارت إلى أن واشنطن وضعت ثلاثة خطوط حمراء لطهران.
 
وتلك الخطوط هي منع إيران شحن النفط من خلال مضيق هرمز، واقترابها من الحصول على سلاح نووي، وآخرها وجود تهديد عسكري حقيقي من طهران لأحد حلفاء واشنطن الخليجيين. ورغم عدم تخطي طهران لهذه الخطوط فإن قوة الأصوات الداعية إلى التحرك العسكري زادت عقب هجمات خليج عمان.

ودعا السيناتور البارز من ولاية كارولينا الجنوبية ليندسي غراهام الرئيس ترامب بصورة مباشرة إلى إغراق حاملات النفط الإيرانية وتدمير مصافي تكرير النفط والغاز الإيرانيين كرسالة واضحة لطهران بضرورة عدم التعرض لخطوط الملاحة في الخليج.

وخلال لقاء تلفزيوني له يوم الأحد، أكد السيناتور كوتون لبرنامج "واجه الأمة" أن الرئيس ترامب يملك حق اتخاذ قرار بتوجيه ضربات عسكرية دون الحاجة إلى موافقة الكونغرس المسبقة. ومن شأن هجمات عسكرية على طهران أن تبعث برسالة واضحة مفادها أن "الولايات المتحدة لن تتسامح مع أي هجمات على حاملات النفط في المياه الدولية".

لوبيات وأجندات
ما ذكره بومبيو يوم الأحد عن ضرورة بناء "تحالف دولي" للضغط على طهران يُعقد من موقف واشنطن إذا رغبت في اللجوء إلى البديل العسكري، فلا يريد حلفاء واشنطن الأوروبيون أي حرب ضد إيران ولا أي حرب جديدة في المنطقة، ونفس الموقف يتبناه الكونغرس رغم وجود أصوات تدعو إلى ضرورة الانتقام من طهران بعد هجماتها الأخيرة.

غير أن وجود دائرة مؤثرة من الخبراء المتشددين حول الرئيس الأميركي يترك المجال دائما مفتوحا على إمكانية تغيير ترامب لموقفه المتذبذب، خاصة إذا تأكد شن طهران بالهجمات أو وقوع هجمات إضافية.

المصدر : الجزيرة