لوموند: خيارات واشنطن محدودة تجاه إيران
وقال مراسل الصحيفة بالعاصمة الأميركية جيل باريس إن واشنطن تكرر منذ 13 يونيو/حزيران أن إيران مسؤولة عن الهجمات التي تعرضت لها حاملتا نفط بالقرب من مضيق هرمز، وأضاف أن الدليل على هذه المسؤولية الذي تصر الولايات المتحدة على أنه بيدها يوفر لها الفرصة لكسر العزلة التي فرضتها على نفسها منذ عام بالانسحاب الأحادي من الاتفاق النووي الإيراني الذي تم التوصل إليه عام 2015.
ورأى أن نتائج تلك المبادرة الغريبة (الخروج من الاتفاق النووي) تعتبرها واشنطن إيجابية، خاصة أنها أرفقتها بتهديدات انتقام شبه صريحة، بدءا بحلفائها من الموقعين الأوروبيين على الاتفاق، ثم بفرض حصار على النفط الإيراني، مما أغرق اقتصاد البلاد في حالة من الركود.
ولكن إدارة الرئيس دونالد ترامب -كما يرى المراسل- يقف أمامها عائقان على الأقل، الأول هو المصداقية، وتظهر في تشكك دولة مثل ألمانيا في الأدلة التي قدمتها واشنطن، وإن كان وزير الخارجية مايك بومبيو حاول إزالته باتهام بعض البلدان بالجبن، إلا أن الاتهامات الأميركية في الشرق الأوسط صارت موضع شك منذ فشلها الذريع في إثبات وجود أسلحة الدمار الشامل العراقية التي برت بها غزو العراق عام 2003، ولم يعثر عليه قط.
وقد أساء وزير الخارجية الدفاع مرة أخرى عن قضيته عندما اتهم النظام الإيراني بالمسؤولية عن هجوم وقع يوم 31 مايو/أيار في كابل بأفغانستان، رغم أن حركة طالبان أعلنت مسؤوليتها عنه، كما يقول المراسل.
أما العائق الثاني -وهو الأهم حقيقة حسب المراسل- فهو غموض إدارة ترامب فيما يتعلق بالملف الإيراني، إذ إنها رسميا تبنت إستراتيجية منذ خروجها من الاتفاق النووي تقوم على "الضغط الأقصى" لإجبار طهران على العودة إلى طاولة المفاوضات، وهي لا تنتظر من طهران الرضوخ فقط لمطالب جديدة بشأن برنامجها النووي المثير للجدل، بل أيضا التخلي عن اختباراتها البالستية ونفوذها الإقليمي.
تغيير النظام؟
وقال ترامب إنه يشعر بأن هذا البلد المحاصر "يريد التحدث". وأضاف "إذا كانوا يريدون التحدث، فأنا مستعد" إلا أن فشل مهمة المساعي الحميدة لرئيس الوزراء الياباني شينزو آبي -التي تزامنت مع الهجمات على ناقلتي النفط- أظهرت أن الأمر ليس كما يرى الرئيس.
وذكر المراسل أن اختبارات الصواريخ الإيرانية لم تتوقف لمدة عام، وأن المقاتلين الحوثيين الذين تدعمهم إيران في اليمن أصبح نشاطهم أكثر من أي وقت مضى، بل إن إيران حسب وكالة "تسنيم" المقربة من الجيش يمكنها أن ترفع من لهجتها وتتخذ حرية أكثر بشأن برنامجها النووي، استنادا إلى اتفاق عام 2015، عند حرمانها من الفوائد السياسية والاقتصادية بسبب الإملاءات الأميركية.
وأوضح أن وجود "صقور" إلى جانب ترامب -من أمثال بومبو ومستشار الأمن القومي جون بولتون- يبعث شكوكا بأن هناك نية لتغيير النظام في إيران، خاصة مع وجود إشارة بولتون بمناسبة الذكرى الأربعين للثورة الإيرانية عندما كتب على تويتر "لا أعتقد أنه سيكون لديكم الكثير من أعياد الميلاد مستقبلا".
المعضلة
وعلق مراسل لوموند بأن كل شيء يحدث كما لو أن الضغط الأقصى لواشنطن غذى التشدد في طهران، مما يزيد من خطر الانزلاق في أمور قد يستغلها البيت الأبيض، رغم تراجع حدة خطاب الرئيس الأميركي.
ورغم إعلان ترامب أنه "إذا أرادت إيران الحرب فستكون النهاية الرسمية لها" فإن تأجيج الحرب يتعارض مع إستراتيجية "فك الارتباط بمستنقع الشرق الأوسط" الأثيرة عند ترامب.