موقع لوب لوغ: كيف يعاد تشكيل نظام البشير في السودان؟

يقول الكاتب عبد العزيز كيلاني إنه من المرجح أن رئيس المجلس العسكري الانتقالي بالسودان الفريق أول عبد الفتاح البرهان ونائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي" كانا قد حصلا على الموافقة الخليجية لاقتراف المذبحة بحق المتظاهرين السلميين.


ويشير كيلاني إلى أن البرهان قام بزيارة إلى مصر والإمارات الشهر الماضي، وأثناء وجوده في أبو ظبي، كان نائبه حميدتي، موجودا في جدة ليلتقي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وذلك قبل توجه البرهان إلى مكة لحضور القمم التي كانت تنظّمها الرياض.

ويقول الكاتب في مقال نشره موقع "لوب لوغ" الأميركي إنه بمجرد عودة القائدين المؤقتين من زيارتهما تبنى المجلس العسكري الانتقالي في السودان أسلوب تعامل جديدا تجاه المتظاهرين.

وينسب الكاتب في هذا السياق إلى مدير برنامج إدارة النزاعات بكلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة دانييل سيروير القول إن "الإمارات والسعودية لا ترغبان في رؤية أي انتقال ديمقراطي ناجح بأي مكان في الشرق الأوسط، بما في ذلك السودان، كما أنهما تفضلان كثيرا بقاء الجيش بالسلطة".

ويشير الكاتب إلى ارتفاع عدد القتلى بين المتظاهرين في السودان، وإلى تعليق الاتحاد الأفريقي عضوية البلاد بسبب القمع الوحشي الذي يستخدمه الجيش السوداني، وإلى دعوة الأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق في الأمر.

نسخة جديدة
ويقول إن القوة المستخدمة ضد المتظاهرين في السودان تشير إلى إمكانية بروز نسخة جديدة من نظام الرئيس المعزول عمر البشير، مما يبدد أي آمال في تحقيق الديمقراطية، ويتساءل: هل يهدف الانقلاب الذي قاده المجلس العسكري بتحريض من المتظاهرين ضد البشير إلى إنقاذ السودان أو إلى إنقاذ أنفسهم؟

ويشير الكاتب إلى أن المتظاهرين أصروا على تنحي المجلس العسكري خوفا من التعرّض للقمع ذاته الذي شهدوه خلال عهد البشير، وإلى أنهم يريدون تغيير النظام بأكمله وليس فقط بعض الأفراد، مضيفا أن المجلس العسكري الانتقالي يمثل العقبة الرئيسة أمام تحول نظام الحكم في السودان إلى نظام مدني.

ويقول الكاتب إنه من المرجّح أن المجلس العسكري يسعى لكبح تقدم المتظاهرين ويعطي انطباعا بأن استخدام القوة هو أفضل وسيلة للبقاء في السلطة.

ويضيف أن السعودية والإمارات أرسلتا مساعدات مالية للمجلس العسكري وأنهما تهدفان إلى تقوية النفوذ الخليجي في السودان، أكثر من مساعدة السودانيين أنفسهم وإنعاش اقتصاد البلاد.

تنفيذ المذبحة
ويقول الكاتب إنه من المرجّح أيضا أن البرهان وحميدتي حصلا أثناء زيارتهما الخليجية على الموافقة الضرورية من أجل تنفيذ المذبحة التي ارتكباها عند عودتهما إلى السودان.

وينقل عن مدير الأبحاث بالمركز العربي للأبحاث في واشنطن عماد حرب القول إن "ما يثير السخرية هو أن الداعمين الرئيسين للمجلس العسكري الانتقالي داخل المجتمع السوداني هم قوى إسلامية تطالب بمواصلة فرض الشريعة، وإنه على الرغم من تصدر السعودية والإمارات الحملات المضادة للإسلاميين في بعض الدول الأخرى من العالم العربي، فإنهما لا تمانعان من دعم المجلس العسكري في السودان، الذي يشكل الإسلاميون دائرته الانتخابية الرئيسة، وأعتقدُ أن جلّ ما يهمّهم هو قمع الأصوات التي تدعو إلى التغيير السياسي، أينما وجدت".

ويقول الكاتب إن السعودية والإمارات تفضلان تجنب اندلاع ثورة في البلدان التي لها نفوذ فيها، ويشير إلى أن وزارة الخارجية الأميركية كشفت عن بعض ما دار خلال المحادثات الخاصة بين وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل، ونائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان ووزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش بشأن السودان.

ويضيف أنه وفقا لوزارة الخارجية الأميركية فإن هيل أشار إلى "أهمية تحقيق الانتقال إلى الحكومة المدنية وفقا لرغبات الشعب السوداني"، ما يكشف عن مدى قلق واشنطن إزاء الدور الذي تلعبه السعودية والإمارات في السودان.

ويرى الكاتب أنه من أجل تحقيق حل حقيقي، فيجدر بالمجلس العسكري الانتقالي أن يغير الطريقة التي يتعامل بها مع المحتجين، وأن يمنع دولا مثل السعودية والإمارات من التدخل في شؤون السودان، وبالتالي لا يمكن لأي محادثات أن تنجح إلا في حال كان السودانيون مسيطرين بالكامل على العملية.

المصدر : الجزيرة + الصحافة الأميركية