ترامب وبولتون.. لعبة التشدد والدبلوماسية في الملف الإيراني

WASHINGTON, DC - APRIL 09: U.S. President Donald Trump is flanked by National Security Advisor John Bolton as he speaks about the FBI raid at his lawyer Michael Cohen's office, while receiving a briefing from senior military leaders regarding Syria, in the Cabinet Room, on April 9, 2018 in Washington, DC. The FBI raided the office of Michael Cohen on Monday as part of the ongoing investigation into the president's administration. Mark Wilson/Getty Images/AFP== FOR N
هل يتقاسم ترامب وبولتون أدوار التشدد والدبلوماسية في الملف الإيراني؟ (غيتي)
محمد المنشاوي-واشنطن 
تُربك مواقف وبيانات وتغريدات المسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تجاه الملف الإيراني، حسابات متابعي الشأن الأميركي، خاصة في ظل وجود رئيس غير تقليدي لا يلتزم بالحسابات التقليدية للسياسة الأميركية. 
 
وفي الوقت الذي يعبر فيه كبار مسؤولي إدارة الرئيس دونالد ترامب -ونعني صانعي السياسة الخارجية تجاه إيران- وهما وزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي جون بولتون، بلهجة متشددة وتصعيدية، يظل الرئيس ترامب محافظا على عدم رغبته في التصعيد عسكريا ضد إيران.
 
قبل ثلاثة أيام وفي أثناء زيارته لليابان عبر ترامب بوضوح عن أهدافه التي قال عنها إن "أميركا لا تسعى لتغيير النظام الحاكم في إيران، أريد أن يكون ذلك واضحا.. ما أريده هو أن لا تملك إيران أسلحة نووية".
 
عقب ذلك خرج بولتون بتصريح مثير من العاصمة الإماراتية أبو ظبي عندما تحدث عن هجمات ميناء الفجيرة، ووجه اتهامات مباشرة لإيران، إذ قال "من الواضح أن هذه الهجمات كانت باستخدام ألغام بحرية، ومن شبه المؤكد أن تكون من إيران". وأضاف "لا أحد في واشنطن يجهل ذلك، وأعتقد أنه من المهم أن تعرف القيادة في إيران أننا نعرف".
 
وأشار بولتون كذلك إلى هجوم وقع قبل ذلك في ميناء ينبع السعودي، واستدعى ذلك استغراب خبراء الشأن الإيراني، لعدم معرفتهم بما يشير إليه بولتون حيث إنها المرة الأولى التي يشار فيها لهجوم في الميناء السعودي. وقال جريج كارسلون مراسل مجلة الإيكونوميست في تغريده لأكثر من أربعين ألف متابع "هل يعرف أحد أي شيء عن هذه الحادثة؟". 
 
وقبل تصريحات بولتون، عبرت وزارة الخارجية الأميركية على لسان المتحدثة الرسمية مورجن أورتاجوس عن موقف متشدد آخر عندما ذكرت أن بلادها مستعدة للحديث مع إيران حول النقاط الـ 12 التى حددها وزير الخارجية مايك بومبيو، إذا كانوا مستعدين لذلك. 
 
وتعد طهران هذه النقاط بمثابة إعلان استسلام. وتتضمن هذه الشروط وقف طهران جميع عمليات تخصيب اليورانيوم، ووضع حد لإنتاج الصواريخ الباليستية، والانسحاب من سوريا، بالإضافة إلى وقف التدخلات فى المنطقة، ودعم الجماعات التي تراها واشنطن إرهابية في دول المنطقة. 
بولتون يتبنى بحماس الأجندة الإسرائيلية في قضايا الشرق الأوسط (الجزيرة)يتبنى
بولتون يتبنى بحماس الأجندة الإسرائيلية في قضايا الشرق الأوسط (الجزيرة)يتبنى
هل يبقى بولتون؟ 
تعتقد الكاتبة جينيفر روبين أن إدارة ترامب لا تملك إستراتيجية واضحة للتعامل مع إيران. وتؤكد أن "سياسة ترامب تأتي بنتائج عكسية، خاصة بعدما منح وزير خارجيته بومبيو اليد العليا في إدارة ملف إيران، ثم منح الصلاحيات نفسها لمستشاره للأمن القومي جون بولتون، ومن ثم تم فرض عقوبات جديدة وتهديد الحلفاء ذاتهم بعقوبات أيضا". 
 
وتحدثت هازر ويليام المسؤولة السابقة بالاستخبارات المركزية وخبيرة الشئون الإيرانية للراديو القومي الأميركي، مؤكدة أنه لا توجد أدلة على تورط إيران في عمليات ضد أهداف أميركية. وأنه من المهم أن ندرك أن جزءا كبيرا من الأزمة الحالية يرتبط بأشخاص في إدارة ترامب، ويقوم هؤلاء بعرض بعض المعلومات الاستخباراتية دون وضعها في الصورة الأكبر والأكثر دقة.
 
وحذرت ويليام من تكرار أخطاء استغلال تقارير الاستخبارات لأهداف سياسية كما حدث في العراق عند غزوها عام 2003. وفي هذا الخصوص، ذكر تقرير للنيويورك تايمز أن ترامب يسخر من مستشاره بولتون وطريقته العنيفة، وقال إنه هو الذي يكبح جماح بولتون وليس العكس. "لو استمعت لبولتون، لكنا الآن نخوض أربعة حروب"، كما جاء على لسان ترامب. وهذه إشارة لرغبة بولتون استعمال الخيار العسكري ضد كل من كوريا الشمالية وإيران وفنزويلا ونظام الأسد بسوريا. واستدعى ذلك أن يتساءل بعض الخبراء عن الجدوى من إبقاء ترامب على جون بولتون. 
 
يقول البروفيسور بجامعة ميريلاند والباحث بمعهد بروكينجز شبلي تلحمي "لماذا يحتفظ ترامب ببولتون الذي كاد يورطه في أربعة حروب؟.. ربما لأنه يتمتع بدعم من الملياردير اليهودي شيلدون إيدلسون، أحد أكبر ممولي حملة ترامب، أو لأن ترامب نفسه سيبدو معتدلا إلى جانب بولتون".
 
أما مدير مؤسسة الدفاع عن الحريات بواشنطن مارك دوبفيتز، فيعتقد أن بولتون مفيد جدا للرئيس ترامب، ويقول "بولتون من الصقور الأشداء، لذا تكرهه كوريا الشمالية وتكرهه إيران، وهذا يرحب به بولتون بشدة والرئيس كذلك". ويضيف دوبفيتز "هذا يفتح الباب أمام مساحة دبلوماسية يمكن لترامب استغلالها للمراوحة بين التصعيد والرغبة في التفاوض".
 
وتحدث أحد المساعدين بالكونغرس للجزيرة نت وقال "إن الرئيس ترامب لا يدير وحده ملفات السياسة الخارجية، وإضافة لكبار المساعدين والمسؤولين من الصقور، هو أيضا يستمع كثيرا لأصوات عاقلة، خاصة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين، ممن لا يرغبون في الانزلاق لحرب لا جدوى من ورائها ولا يمكن الانتصار فيها ضد إيران". 
المصدر : الجزيرة