تعرف على مبادرة ظريف لمعاهدة عدم التعدي

وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في زيارة لبيروت يوم الأحد 10 فبراير شباط 2019 (الأوروبية)
وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قدم مبادرة معاهدة عدم التعدي بين دول المنطقة (الأوروبية)

عماد آبشناس-طهران

خلال زيارته للعراق عرض وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مشروع عقد معاهدة عدم التعدي بين دول الخليج وإيران. وقد تم عرض تفاصیل المشروع بأشكال مختلفة في مؤتمرات (فالداي في روسیا عام 2018، وراسينا بالهند عام 2019) للأمن الإقلیمي.

وحسب رؤية ظريف، فالعالم يحتاج إلى نظام عالمي جديد يعتمد على التعاون الإقليمي بين الدول، لأن مشاكل كل منطقة محصورة بها، ولا يمكن حلها إلا من خلال دول المنطقة نفسها.

وحسب مقترح وزير الخارجیة الإيراني فإن السبيل الوحيد لخروج دول منطقة غرب آسيا من الأزمات التي تشهدها حاليا هو تعاونها لأجل السلم وتوفير الأمن فيما بينها، ولا يمكن لهذه الدول أن تعول على مساعدة دول خارج المنطقة لتأمين أمنها القومي.

وحسب رؤية ظريف التي أشار إليها في المؤتمرين، فإن الخطوة الأولى تبدأ بحوار إقليمي بين جميع دول المنطقة، يعتمد على خطوات متزامنة ومتعادلة بين هذه الدول، في أجواء من الاحترام وحفظ المصالح المتبادلة.

ويقدم ظريف مثالا بالاتحاد الأوروبي الذي واجه أعضاؤه حربين عالميتين، وفي النهاية وصلوا إلى نتيجة حتمية التعاون بينهم بدل الحروب، وتجاوز الماضي والمضي نحو المستقبل.

ويقوم مشروع ظريف على بدء دول المنطقة حوارا إقليميا على مستويات مختلفة، سواء حكومية أو خاصة، لوضع الخلافات على طاولة الحوار وبحث سبل حلها وبناء الثقة فيما بين هذه الدول.

ويمكن لجلسات الحوار هذه أن تقود إلى اتفاقيات جزئية لحل القضايا الخلافية الواحدة تلو الأخرى، مثل قضايا البيئة والمناخ والاستفادة من النفط أو المنابع المشتركة، خاصة بين إيران وجيرانها على الضفة الأخرى للخليج.

ويأمل ظريف من خلال جولات الحوار هذه أن تحقق دول المنطقة إنجازات مهمة مثل:
– تحقيق استقرار وثبات سياسي إقليمي مشترك.
– الوصول إلى صيغة تعاون أمني وقانوني مشترك.
– الوصول في مراحل متقدمة إلى التشارك في المواطنة والهوية لأبناء المنطقة.
– المشاركة في المؤسسات العالمية ككتلة موحدة.
– فتح الأسواق والتعاون المشترك في داخل المجموعة للتجارة والتعاون في جميع المجالات.
– التعاون الاقتصادي والصناعي والتكنولوجي فيما بين الشعوب من شأنه جعل العلاقات السياسية بين الدول وثيقة وتحول دون تهديد بعض هذه الدول دولا أخرى في المنطقة.
– خلق ثقافة أمن المنطقة بدل أمن الدولة، وهذا من شأنه أن يربط ويشمل أمن الجميع ببعضه البعض.
– إيجاد سبل لمواجهة الإرهاب والتطرف بشكل مشترك.
– وبالطبع التوقيع على معاهدة عدم التعدي من قبل الدول تجاه بعضها البعض.

تتمتع إيران بعلاقات جيدة مع بعض دول الخليج منها سلطنة عُمان (الأناضول)
تتمتع إيران بعلاقات جيدة مع بعض دول الخليج منها سلطنة عُمان (الأناضول)

ويرى ظريف أن هذه المعاهدة يمكن أن تبدأ بين إيران وجيرانها العرب، وإذا نجحت تنضم لها باقي دول المنطقة، ويمكن لباقي الدول أن تقوم بالتوقيع على اتفاقيات مشتركة أيضا.

وحسب معاهدة عدم التعدي التي يتحدث عنها ظريف، يجب على الدول أن تضمن عدم التعدي على بعضها أو استغلال أراضيها من قبل طرف ثالث للتعدي على الدولة الموقعة على هذه المعاهدة.

وتشمل هذه الاتفاقية عدم السماح لأي تنظيم أو مجموعة بالقيام بأي تحرك ضد دولة أخرى، ومنع أي تحرك إعلامي أو سياسي أو عسكري أو أمني من شأنه إيجاد أي نوع من الخطر تجاه دولة أخرى.

ويقضي المشروع بألا تنضم الدول الموقعة على المعاهدة لأي معاهدة أو اتفاقية أو ائتلاف ضد دول أخرى. ومثل هذه المعاهدة معمول به حاليا بين الولايات المتحدة وكندا وأستراليا واليابان وبعض الدول الأوروبية.

وحسب ظريف، فإن هذا المشروع لقطع الطريق على الشائعات عن أطماع أو تهديد إيران لدول الخليج أو التهديد الذي يمكن أن تشكله بعض دول الخليج لإيران.

وقد بدأت إيران بالفعل طرح المبادرة مع العراق وقطر والكويت وعُمان، لإقناع هذه الدول بالانضمام إلى معاهدة عدم التعدي في المرحلة الأولى، وفيما بعد لربما تستطيع إقناع السعودية والإمارات والبحرين وباكستان وتركيا وأفغانستان بالانضمام إلى المجموعة.

وترى طهران أن العائق الأكبر أمام هذه الدول للتوقيع على هكذا اتفاقية هي الاتفاقيات الموقعة بين بعض هذه الدول والولايات المتحدة للتعاون العسكري. وهو ما يجعل مشروع ظريف صعب التحقيق، إن لم يكن مستحيلا، في الظروف الحالية، لأنه يجب على هذه الدول فض اتفاقياتها مع واشنطن، إذا ما أرادت التوقيع على اتفاقية عدم التعدي مع إيران.

المصدر : الجزيرة