ما سر تصاعد العنف الأمني ضد متظاهري السودان؟

إصابات وسط المتظاهرين جراء عنف قوات الدعم السريع
محاولات دهم اعتصام الخرطوم خلفت إصابات في صفوف المعتصمين (الجزيرة)

عماد عبد الهادي-الخرطوم

عادت بصورة ملحوظة عمليات قمع المتظاهرين في السودان بعد دعوات أطلقها تحالف قوى الحرية والتغيير للتظاهر والتصعيد في المدن والأحياء، إثر تعثر الاتفاق بينه وبين المجلس العسكري الانتقالي وعدم الوصول إلى أي نتيجة خلال الأيام الماضية، مع تلويح الأخير بإجراء انتخابات عامة في البلاد بعد ستة أشهر رغم مرور نحو 30 يوما على اعتصام القيادة العامة.
 
وتعرض عدد كبير من المواطنين للضرب من قبل جنود يتبعون قوات الدعم السريع، رغم تصريح المجلس العسكري بعدم فض الاعتصام أو التعامل العنيف مع المحتجين.
 
لكن ذلك لم يمنع جنودا بلباس قوات الدعم السريع والشرطة من الانتشار في عدد من المناطق بولاية الخرطوم وبعض مدن ولايات دارفور وقمع المتظاهرين الذين ظلوا يهتفون بسلمية حراكهم أمام تلك الحالة من الهياج العسكري الجديد الذي وصف بغير المبرر.
 
ومع تساؤل الشارع السوداني عن أسباب الاتجاه الجديد لكسر شوكة المتظاهرين، يصف متابعون الأمر بخسران بعض الجهات رهانها على فتور عزيمة الشعب السوداني وتخليه عن الشارع الذي بدا كأنه ملك لقوى الحرية والتغيير تحركه كيفما تشاء ووقتما تشاء.
 
ويكشف أحد المعتصمين -وهو مهندس كهربائي يدعى مهند حمد- أنه تم الاعتداء عليه من قبل أكثر من خمسة جنود يحملون سياطا وهراوات، بينما اشتكى آخر من الاعتداء عليه بطريقة وحشية تسببت في نقله إلى المستشفى.
 
وكانت قوى الحرية والتغيير أصدرت بيانا تفصيليا أول أمس الأحد دعت فيه إلى التظاهر والاحتجاج بكافة مدن السودان المختلفة، بعدما وصفت المجلس العسكري بالمتلكئ.
 
ولم ينتظر المجلس أكثر من ساعة واحدة ليرد على قوى الحرية والتغيير بأنه لن يسمح بتمدد المتظاهرين في مناطق أخرى وشوارع غير ساحة الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش.
 
ووفق لجنة الأطباء المركزية بالخرطوم فإن ثمانية من الشباب أصيبوا مع وجود حالات لاختناق بسبب الغاز المدمع، بينما أعلن في الخرطوم بحري عن مجموعة إصابات متفرقة بين المتظاهرين السلميين بلغت أكثر من عشرين حالة.
 
وبينما لم توضح قوات الدعم السريع أسباب تحولها من داعم وحام للثوار في الخرطوم إلى مهاجم لهم، يقول الكاتب والمحلل أمير أحمد السيد إن هذا العنف "يعني ضيق المجلس العسكري بما هو حاصل الآن بعد فشل مراهنته على فتور عزيمة المعتصمين".
 
وتساءل السيد في تعليقه للجزيرة نت عن أسباب التحول السريع نحو العنف في الوقت الذي يتحرى فيه الجميع حلولا تجنب البلاد الأزمات، حسب قوله.
 
واستنكر معتصمون إطلاق الرصاص الحي عليهم، "مما تسبب في إصابة طفل" عند مدخل الحديد في مدينة الخرطوم بحري.

العنف ضد المعتصمين غالبا ما يستهدف الحواجز والمتاريس التي ينصبها المتظاهرون (رويترز)
العنف ضد المعتصمين غالبا ما يستهدف الحواجز والمتاريس التي ينصبها المتظاهرون (رويترز)

توتر متصاعد
ومع حالة الغضب التي اجتاحت مدن العاصمة السودانية الثلاث، تشوب حالة من التوتر المتصاعد بين العسكريين والمعتصمين في محاولة من الجنود لإزالة المتاريس من بعض الشوارع الرئيسية.
 
وتتحرك قوى الحرية والتغيير بكافة الاتجاهات -كما أكد مصدر منها- للحيلولة دون وقوع مصادمات بين المعتصمين والثوار في أي مكان وبين قوات الأمن أو قوات الدعم السريع.
 
ووفق المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، فإن الثوار لن يبادلوا العنف إلا بمزيد من السلمية "مهما فعلت القوات التي تعمل على لاستفزاز المواطنين لأجل الدخول معها في مواجهة غير محسوبة".
 
وأعلنت لجنة أطباء الاعتصام حول القيادة العامة أن أكثر من عشرة أشخاص أصيبوا منذ صلاة مغرب الاثنين، محذرة من إمكانية تزايد الإصابات بين المعتصمين. 

المصدر : الجزيرة