فنزويلا.. مادورو يؤكد إحباط "الانقلاب" وأميركا تهدد بتدخل عسكري

أعلن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أن الجيش دحر مجموعة صغيرة حاولت الانقلاب. في حين هدد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بالتدخل عسكريا، معتبرا أنه لا مجال لبقاء مادورو، كما هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض حصار "شامل وكامل" على كوبا لدعمها مادورو.

وفي أول ظهور له بعد الحديث عن محاولة انقلاب ضده، قال مادورو إن الجيش دحر مجموعة صغيرة حاولت الانقلاب على السلطة، مؤكدا أنه تمت استعادة ثماني دبابات استخدمها "الانقلابيون"، وأن 80% من الضباط المشاركين في "محاولة الانقلاب" تراجعوا عن مسعاهم.

واتهم مادورو -في كلمة وجهها عبر التلفزيون الرسمي صباح اليوم الأربعاء- رئيس البرلمان خوان غوايدو -الذي أعلن نفسه رئيسا- بالتحريض على انقلاب عسكري ضده، وقال إن الخطة جاءت من الولايات المتحدة وكولومبيا. 

في المقابل، قال بومبيو لشبكة "سي إن إن" إن كل الخيارات مطروحة في التعامل مع الأزمة الفنزويلية، بما فيها الخيار العسكري، موضحا أن الجيش الأميركي قادر على تلبية رغبة الرئيس في حال اختياره الخيار العسكري للتعامل مع فنزويلا.

وأضاف بومبيو أن مادورو كان على وشك الفرار إلى كوبا صباح الثلاثاء ليعيش فيها منفيا، لكن الروس "أشاروا عليه بضرورة البقاء"، مضيفا أنه "لا مجال لبقاء مادورو في فنزويلا".

وقبل ساعات، قال بومبيو على تويتر إن واشنطن تدعم بشكل كامل الشعب الفنزويلي في سعيه إلى الديمقراطية والحرية، وتدعم دعوة غوايدو لإطلاق انتفاضة عسكرية ضد مادورو.

بدوره، قال ترامب في تغريدة على تويتر "إذا لم توقف القوات المسلحة والمليشيات الكوبية فورا العمليات العسكرية، وتلك التي تسبب موتاً وتدمر دستور فنزويلا، فسيتم فرض حصار كامل وشامل، إلى جانب عقوبات على أعلى مستوى، على جزيرة كوبا.. آمل أن يعود كل الجنود الكوبيين بسرعة وسلام إلى جزيرتهم".

أما مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، فقال إن غوايدو هو الرئيس الشرعي للبلاد، وإن كل الخيارات مطروحة للتعامل مع الأزمة.

وقالت وكالة رويترز إن إريك برنس مؤسس شركة بلاك ووتر الأمنية والمؤيد البارز لترامب يخطط لإيفاد نحو خمسة آلاف جندي أميركي للمساعدة في الإطاحة بمادورو، حيث ذكرت عن مصادر مطلعة أن برنس عقد سلسلة اجتماعات بشأن خطته مع أشخاص مقربين من ترامب وعدد من أثرياء الجالية الفنزويلية، كان أحدثها في منتصف أبريل/نيسان الماضي.

ونفت المعارضة الفنزويلية مناقشة أي خطط أمنية مع برنس، في حين رفض المتحدث باسم مجلس الأمن القومي التعليق بشأن إذا كان البيت الأبيض قد استجاب لخطة برنس.

‪غوايدو‬ (رويترز)
‪غوايدو‬ (رويترز)

محاولة انقلاب
وأكد غوايدو عزمه على المضي قدما من أجل إنهاء حكم مادورو، ودعا أنصاره للخروج في الشوارع الأربعاء لتنظيم "أكبر مسيرة رافضة لنظام مادورو في تاريخ فنزويلا".

وجُرح 69 شخصاً على الأقل، بينهم اثنان بالرصاص، في مواجهات وقعت الثلاثاء في كراكاس خلال مظاهرات داعمة للمجموعة العسكرية المنشقة.

في المقابل، جدد قائد الجيش الفنزويلي -بعد تفريق المظاهرة- دعمه لمادورو، وحمّل المعارضة مسؤولية حدوث أي أعمال عنف أو سفك دماء في البلاد، كما أكد وزير الدفاع فلاديمير بادرينو أن الجيش ما زال يدافع بحزم عن الدستور الوطني وسلطاته الشرعية.

وفي نيويورك، قال المندوب الفنزويلي لدى الأمم المتحدة سامويل مونكادا إنه ينبغي على مجلس الأمن الدولي أن يجتمع لبحث "محاولات إجرامية تهدف إلى زعزعة استقرار بلاده"، وأعرب خلال مؤتمر صحفي عقده عن ثقته بأن وضع مادورو آمن في السلطة.

وأضاف "إذا كان ما أظهره هؤلاء الأشخاص هذا الصباح هو كل ما عندهم فسنكون آمنين على مدار العشرين عامًا القادمة. يعني ليس لديهم شيء. الشيء الوحيد الذي لديهم -وهو أمر خطير- هو الحكومة الأميركية. هذا يمكن لهم حقا أن يعولوا عليه. نحن لسنا خائفين من شعبنا، نحن نتوخى الحذر واليقظة بشأن هذه القوة العظمى التي تحدث الفوضى في جميع أنحاء العالم، وتحاول فعل الشيء نفسه في فنزويلا".     

من جهة أخرى، لجأ زعيم المعارضة السابق في فنزويلا ليوبولدو لوبيز برفقة عائلته إلى سفارة تشيلي في العاصمة كراكاس، وأعلن وزير الخارجية التشيلي روبرتو أمبيرو أن بلاده "تؤكّد مجددًا التزامها مع الديمقراطيين الفنزويليين".

وكان القضاء في فنزويلا حكم على لوبيز بالسجن 14 عامًا بتهمة التحريض على العنف خلال احتجاجات عام 2014، كما حُكم عليه بالسجن ثلاث سنوات في يوليو/تموز 2017، ووضع قيد الإقامة الجبرية. 

وأعلن مسؤول في الرئاسة البرازيلية أن جنوداً فنزويليين طلبوا اللجوء إلى سفارة البرازيل في كراكاس، ممن يعتقد أنهم شاركوا في "محاولة الانقلاب"، وبحسب وسائل إعلام برازيلية فإن عدد الذين طلبوا اللجوء هو 25 عسكرياً.

مسلحون من المعارضة بشوارع العاصمة كراكاس (الأناضول)
مسلحون من المعارضة بشوارع العاصمة كراكاس (الأناضول)

مواقف دولية
وفي ردود الفعل الدولية، اتهمت الخارجية الروسية المعارضة في فنزويلا بإشعال نزاع المواجهات في البلاد بدل التوصل إلى تسوية سلمية لاختلاف وجهات النظر السياسية، وأنها اختارت مسار التحريض وانتهاك النظام العام عبر الاشتباكات.

كما دعت في بيان إلى الابتعاد عن العنف وتجنب الاضطرابات وإراقة الدماء، مشددة على ضرورة حل المشاكل التي تواجه فنزويلا من خلال عملية تفاوض مسؤولة دون شروط مسبقة.

من جهته، عبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه البالغ من التطورات، ودعا جميع الأطراف إلى ضبط النفس وتجنب العنف، مؤكداً أن الأمم المتحدة على تواصل مع الأطراف المعنية.

وقالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني إن الحل الوحيد للأزمة في فنزويلا هو عبر الوسائل السياسية والسلمية والديمقراطية، مضيفة أن الاتحاد يرفض جميع أنواع العنف، ويدعو إلى ضبط النفس لتخفيف التوتر وتجنب الخسائر في الأرواح.

وأعلن الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو على تويتر دعمه لـ"التحول الديمقراطي الجاري في فنزويلا"، كما قالت الرئاسة البرازيلية في بيان "نحثّ كل الدول التي تتفق مع المُثل العليا للحرية على الوقوف مع خوان غوايدو في البحث عن حلّ لإنهاء ديكتاتورية مادورو".

أما وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاند فدعت مادورو إلى "التنحّي الآن"، وقالت في مؤتمر صحفي إن "الفنزويليين يعبّرون اليوم في الشوارع عن رغبتهم في العودة إلى الديمقراطية حتى في مواجهة القمع العنيف".

ولفتت فريلاند إلى أن مؤتمرا طارئا عبر الهاتف سيعقد لاحقا مع وزراء خارجية دول مجموعة "ليما" لمناقشة التطوّرات في فنزويلا، وأنها ستتواصل مع خوليو بروغيس ممثّل غوايدو في مجموعة ليما والموجود حاليا في كندا.

المصدر : الجزيرة + وكالات