إندونيسيا.. ما الذي يقلق 192 مليون ناخب؟
بدأ الجدل منذ عدة أشهر عندما قدم تحالف أحزاب المعارضة -التي ترشح العسكري المتقاعد برابوو سوبيانتو- دراسة بشأن ما قال فريقها التحقيقي إنها أخطاء وإشكالات في سجل الناخبين، مثل تركز تواريخ ميلاد 17 مليون مواطن في ثلاثة تواريخ من أيام السنة، إضافة إلى عدد آخر يضم ملايين الأشخاص الذين تنطوي سجلاتهم على إشكالات في بياناتها مثل أخطاء في الرقم الوطني ورقم المحافظة، أو كون مئات الأشخاص مسجلين في بطاقة عائلية واحدة، وغير ذلك من الإشكالات حسب فريق المعارضة.
وفي آخر رد رسمي من مفوضية الانتخابات على شكاوى المعارضة في مؤتمر صحفي مساء الاثنين وقبل يومين من الاقتراع، قال فريان عزيز أحد الأعضاء المفوضين في المفوضية إنه لا يمكن حذف بيانات 17 مليون ناخب ممن تقول المعارضة إن بياناتهم غير صحيحة، مفندا حديث المعارضة عن مكامن الخطأ في تواريخ الميلاد وغيرها.
وقال فريان إن المفوضية قامت بتحقيقها في البيانات التي تقدمت بها المعارضة على عدة مراحل مع وزارة الداخلية وخبراء السكان والإحصاء، كما قامت بتدقيق ميداني لـ 1604 عينات أو حالات في مختلف القرى وتبين أن 98.7% من المعلومات صحيحة بين ما هو مدون في السجلات وما أدلى به المواطنون الذين تمت مقابلتهم.
وتقول د.حُسنُ المرئية مارليم أستاذة القانون والعلوم السياسية في جامعة إندونيسيا إن كل من ينتقد مفوضية الانتخابات يُتهم بأنه معارض، وأنه يسعى للتشكيك في مصداقية المفوضية، لكن في نظرها "المفوضية قد أنفقت نحو 26 تريليون روبية (1.8 مليار دولار أميركي) من الموازنة العامة للدولة، ولهذا من الضروري أن تتعرض للنقد، وحتى الآن مفوضية الانتخابات لم تبذل جهدها بصورة إيجابية من أجل تحسين وتنظيف قوائم الناخبين من البيانات غير الصحيحة".
وتضيف حسن المرئية -في حديثها للجزيرة نت- أن النظام الإلكتروني السابق الذي عمل به في انتخابات عام 2004 كان قادرا على تجميع النتائج الأولية من 458 ألف مركز اقتراع في البلديات، مقارنة بنحو 1700 مركز كانت تعتمد على نتائجها مراكز الاستطلاع الخاصة أو التجارية، مما جعل مفوضية الانتخابات في تلك الفترة تتفوق على كل مراكز الاستطلاع الخاصة أو غير الحكومية، ولا يعرف إن كانت مفوضية الانتخابات ستقدر على إصدار نتائج أولية بشكل سريع أم أن مراكز استطلاع ومؤسسات إعلامية ستتفوق عليها.
ويُعد المال السياسي للأثرياء من السياسيين والممولين للمرشحين والأحزاب من الأمور التي يتحدث عنها ناشطون كثر في مجال مكافحة الفساد، وقد كشفت وحدة مكافحة المال السياسي في هيئة مراقبة الإنتخابات عن 25 حالة مال سياسي في 13 إقليما إندونيسيا خلال الأيام الماضية، وقد بدأت إجراءات التحقيق والتعامل القانوني مع المرشحين المتهمين بذلك.
يأتي هذا في الوقت الذي قالت فيه لجنة مراقبة الفساد قبل أيام من الاقتراع إن وزراء حكومة الرئيس جوكوي لم يعلنوا عن ثرواتهم أو ممتلكاتهم لهيئة مكافحة الفساد هذا العام، وهو ما يطالبون به قانونا، باستثناء وزير واحد أعلن عن ممتلكاته قبل عامين.
وفي بلدان أخرى عربية وآسيوية وأوروبية، حدثت إشكالات عديدة مثل عدم كفاية الوقت المخصص للاقتراع في ظل إقبال كبير من الجاليات الإندونيسية على التصويت، كما سجل شهود عيان بعدسات هواتفهم حدوث جدال ونقاشات ساخنة بين الناخبين والمسؤولين في تفاصيل عديدة.
وتحدث خبراء في وسائل إعلام إندونيسية عديدة عن حالة الإرباك التي شهدتها مراكز الاقتراع بالخارج في ظل تزامن الانتخابات التشريعية والرئاسية في يوم واحد، وإمكانية تكرار الإشكاليات الإجرائية واللوجستية في كثير من المناطق لاسيما النائية.
وما يزيد الأمر تعقيدا أن على الناخب أن يؤشر على أربع أو خمس بطاقات اقتراع، فعليه أن يختار الرئيس ونائبه، ومرشحا للبرلمان المركزي، ولمجلس الشيوخ، والمجلسين التشريعيين للإقليم والمحافظة أو للإقليم والمدينة، وهو ما يستغرق وقتا، ويطرح تساؤلا عن كفاية الساعات المسموح خلالها بالاقتراع، حيث يبدأ الاقتراع السابعة صباحا وحتى الواحدة ظهرا، ولا تستمر إلى المساء كما في دول أخرى.