عائلة نجت في اللحظة الأخيرة.. قصص مؤثرة عن العبارة المنكوبة بالموصل

عائلة الحاج عيدان

أحمد الدباغ–الموصل

لا يزال علي حسين مصدوما من هول ما حدث، وكيف أنه نجا بأعجوبة من موت محقق من كارثة غرق عبارة الموصل الخميس الماضي.

وكان علي وعائلته -المكونة من ثمانية أشخاص- ركبوا العبارة متجهين إلى الجزيرة السياحية، لكنه وبسبب الازدحام الشديد على متنها قرر الانسحاب من العبارة والعدول عن الذهاب للجزيرة السياحية.

علي -الذي كان حجز بطاقات ركوب العبارة- أصر على ألا يذهب أي من أفراد عائلته إلى الجزيرة السياحية، إذ إنه لو لم تكن بطاقات الركوب معه، لكانت بقية العائلة في عداد الأموات الآن، حسب قوله.

ويختتم علي حديثه للجزيرة نت بالقول "كان يوم النكبة، الخميس، هو عيد ميلاد ابنتي الرابعة، وكان سيتحول إلى يوم وفاتها، الحمد لله على كل حال".

مهند وهبي انتشل امرأة من المياه لكنها فارقت الحياة(الجزيرة)
مهند وهبي انتشل امرأة من المياه لكنها فارقت الحياة(الجزيرة)

قصص لا تنتهي
قصة أخرى، لكن هذه المرة من تحت الجسر العتيق، فرغم مرور خمسة أيام على غرق العبارة، فإن عائلة الحاج عيدان ما زالت تأتي يوميا إلى هذه المنطقة، التي تبعد خمسمئة متر جنوب موقع الحادث، أملا في العثور على جثث أحبتهم الذين لم تعثر عليهم فرق الإنقاذ حتى اللحظة.

هول المشهد ودموع النساء لم تدع فرصة للحديث للعائلة مباشرة، فكان الحديث مع أحد أقارب الضحايا من الذين حضروا معهم.

قريب الحاج عيدان، ويدعى محمد، كشف للجزيرة نت عن أن العائلة فقدت شابا وامرأتين مع طفلين، إذ إنهم كانوا على متن العبارة وقت غرقها، ويبدو أن تيارات الماء جرفتهم إلى قاع النهر ولم تطفو جثثهم حتى الآن.

وبمرور الأيام، يتخوف ذوو المفقودين من تراجع أمل العثور على جثث الغرقى، مع ارتفاع كبير في منسوب مياه نهر دجلة.

قصص العبارة لا تتوقف عند الضحايا وذويهم، إذ إنها تمتد لتشمل معظم من كان شاهدا عليها؛ فأحد عمال المقاهي في منطقة الغابات، ويدعى مهند وهبي، تحدث للجزيرة نت عن أهوال ما عايشه في الساعة الأولى للحادث.

إذ إنه ومع الدقائق الأولى للحادث، شاهد وهبي الضحايا وهم يستنجدون لإنقاذهم، ويضيف أنه قفز فورا إلى النهر، واستطاع سحب إحدى النساء إلى الشاطئ بعد صراع طويل مع تيارات المياه القوية التي تحاول جرها بعيدا.

فرحة وهبي لم تكتمل بإنقاذها، فلم تلبث المرأة أن فارقت الحياة بعد دقيقتين من إنقاذها، ورغم أنه أجرى لها عمليات الإنعاش والتنفس الصناعي، فإنها لفظت أنفاسها الأخيرة أمامه.

واستطاع بعض سكان منطقة الحادث من الصيادين الذين يعملون في نهر دجلة إنقاذ بعض من كانوا على متن العبارة؛ محمد الخياط كان أحد أصحاب الزوارق من الذين استطاعوا إنقاذ أربعة أشخاص، بينهم طفلان.

الخياط أوضح للجزرة نت أن جلّ من تم إنقاذهم من الغرق أنقذوا بجهود أصحاب الزوارق الأهلية، فالشرطة النهرية لم تكن مجهزة بمعدات لمثل هذه الحوادث، حسب قوله.

أعداد الضحايا
وما زالت حصيلة الضحايا متضاربة؛ فبينما أكد مدير الطب العدلي في الموصل الدكتور حسن واثق رؤوف للجزيرة نت العثور على 98 جثة، من بينهم 64 امرأة و18 طفلا، تحدث مجلس محافظة نينوى عن 103 قتلى.

وما تزال فرق الدفاع المدني تحاول انتشال ما تبقى من مفقودي العبارة، التي كانت تحمل نحو مئتي راكب، نجا منهم 55 فقط، حسب المصادر الأمنية والطبية.

وعن غرق العبارة وأسبابها، كشف عضو مجلس محافظة نينوى علي خضير للجزيرة نت أن الجهة المستثمرة لمشروع جزيرة أم الربيعين تتحمل الجزء الأكبر من مسؤولية الحادث.

وتمر الأيام وعيون ذوي الضحايا شاخصة أمام نهر دجلة، أملا في أن تسفر الجهود عن انتشال بقية المفقودين، وسط تخوف من توقف عمليات البحث بسبب قوة تيارات المياه.

المصدر : الجزيرة