موقعان بلجيكي وفرنسي: السعودية تمول شركات أوروبية لتلميع صورتها

Pictures of Saudi Arabia's Crown Prince Mohammed bin Salman and Saudi Arabia's King Salman bin Abdulaziz are seen during the launching of National Industrial Development and Logistics Program (NIDLP) in Ritz-Carlton hotel in Riyadh, Saudi Arabia January 28, 2019. REUTERS/Faisal al-Nasser
موقع "إي.يو أوبزيرفر" البلجيكي يقول إن الجهود السعودية تأتي لصرف النظر عما وصفها بسلوك المملكة الوحشي (رويترز)


هشام أبو مريم-باريس


كشف موقعان للصحافة الاستقصائية بلجيكي وفرنسي أن السعودية لجأت إلى معهد دراسات عليا بلجيكي وشركة فرنسية لتحسين صورتها بمقابل مادي، وذلك بعد حرب اليمن التي شهدت أسوأ أزمة إنسانية، ومقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.

فقد أفاد موقع "إي.يو أوبزيرفر" بأنه اطلع على فحوى بريد إلكتروني مسرب أرسله "معهد أوروبا" إلى أحد النواب في البرلمان الأوروبي يفيد بأن المعهد -ومقره بروج- بصدد تنظيم زيارة لسبعة سفراء ومثلهم من كبار المسؤولين في الحكومة السعودية لمؤسسات الاتحاد الأوروبي ما بين 18 و20 فبراير/شباط الجاري.

وأشار المعهد إلى أن بعض أعضاء البرلمان الأوروبي ممن قبلوا العرض سيقابلون سفراء السعودية في النمسا وبلغاريا وكرواتيا وجمهورية التشيك والمجر وبولندا ورومانيا بالبرلمان يوم 19 من الشهر الجاري.

وقال إن اللقاءات المقترحة ستمكن الطرفين من مناقشة القضايا الراهنة في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والمملكة.

لكن موقع "إي.يو أوبزيرفر" نبه إلى أن قواعد الشفافية التي تنظم عمل مجموعات الضغط في الاتحاد الأوروبي، تشدد على وجوب أن تشير المؤسسات الأكاديمية إن كانت تتعاطى مع أنشطة الاتحاد وسياساته وعلى اتصال بمؤسساته. وأكد أن معهد أوروبا ليس مدرجا في سجل الاتحاد الأوروبي المشترك للشفافية.

وشجب نواب من حزب الخضر في البرلمان الأوروبي هذا السلوك وعبروا عن انزعاجهم من قيام مؤسسات أكاديمية -بينها معهد أوروبا- بتسهيل لقاء اجتماعات للمسؤولين السعوديين مع مؤسسات الاتحاد الأوروبي.

وتأتي هذه اللقاءات بعد أربعة أشهر من مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي وحملة علاقات عامة أوسع لتعزيز صورة السعودية في جميع أنحاء العالم.

وبحسب الموقع فإن هذه الجهود تهدف إلى صرف الانتباه عما وصفه بسلوك المملكة الوحشي في حربها على اليمن وتعزيز شعبية ولي العهد محمد بن سلمان وتقديم السعودية نفسها كحليف رئيسي للغرب.

كما أنها تأتي بعد كشف ضغط الرياض على الاتحاد الأوروبي عبر شركة استشارات مقرها بروكسل.

وأبلغ مدير المعهد خيسوس بايستروس موقع "إي.يو أوبزيرفر" أن زيارة الدبلوماسيين السعوديين تندرج ضمن مهام المعهد لدعم العلاقات الجيدة بين الاتحاد وشركائه الدوليين على حد قوله، نافيا أن يكون المعهد قد تلقى تبرعات خاصة من الحكومة السعودية.

‪الصحفي خاشقجي قتل في قنصلية بلاده بإسطنبول يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي‬ (الأناضول)
‪الصحفي خاشقجي قتل في قنصلية بلاده بإسطنبول يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي‬ (الأناضول)

جيش من اللوبيات
وفي هذا السياق أيضا، ذكر موقع "ميلتيناسيونال" الفرنسي الاستقصائي أن النظام السعودي يلجأ إلى جيش من مجموعات الضغط (لوبيات) وشركات الاتصال من أجل تجميل صورته ولجم كل الانتقادات ضده بشأن الحرب التي تقودها السعودية في اليمن وملف حقوق الإنسان.

وكشف كاتب المقال أن شركة "بيبليسيس" للتواصل تتولى عملية تلميع صورة النظام السعودي على مستوى كبرى العواصم العالمية -بينها واشنطن مرورا بكل من بروكسل وباريس- مقابل أموال طائلة.

وأوضح الموقع أن شركة "بيبليسيس" الفرنسية المعروفة باتت أهم مجموعة ضغط في يد النظام السعودي على المستوى الدولي.

وذكر كاتب المقال أوليفييه بوتي جان أن الشركة باتت أداة للتأثير السياسي، وتعمل كمجموعة ضغط من أجل تجميل وجه النظام السعودي وولي العهد على المستوى الدولي، بسبب ضلوع المملكة في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في اليمن، إضافة إلى اتهام النظام السعودي بالتواطؤ مع الحركات الجهادية المتطرفة، وانتهاك حقوق الإنسان، خصوصا النساء، والوقوف وراء اغتيال الصحفي جمال خاشقجي.

وأوضح الكاتب أن الشركة الفرنسية تعمل لصالح النظام السعودي من خلال شركتها "أم.أس.أل" في كل من بروكسل وباريس، ومن خلال "كورفيس" في واشنطن.

كما أوكلت للشركة مهمة تزيين صورة السعودية عبر نشر أخبار تعتمد على "خطاب إعلامي" يقدم النظام السعودي باعتباره سدا منيعا أمام الإرهاب، ويصف الحرب في اليمن بمثابة عملية إنسانية. كما أن الشركة كانت تنشر أخبارا ومقالات صحفية كلها إيجابية عن النظام السعودي في بعض وسائل الإعلام الدولية.

وكشف الموقع أيضا أن السعودية لجأت إلى عدد من الشخصيات السياسية الأوروبية للدفاع عنها في أروقة البرلمان الأوروبي، أبرزها النائبتان والوزيرتان الفرنسيتان السابقتان رشيدة داتي وميشال أليو ماري اللتان تعتبران ضمن الشخصيات المقربة من النظام السعودي. وكانتا قد رفضتا بشكل قاطع كل القرارات والقوانين التي صدرت عن البرلمان الأوروبي التي تهدف إلى وقف ومنع بيع الأسلحة  للسعودية.

وكانت صحيفة "تشالنج" الفرنسية قد كشفت قبل أشهر أن السعودية دفعت لشركة "بيبليسيس" ما قيمته 40 ألف دولار شهريا من أجل تلميع صورتها في فرنسا، بسبب حربها في اليمن وحادث اغتيال خاشقجي ولتبرير حصارها لقطر، وذلك من خلال تنظيم لقاءات ومؤتمرات في فنادق فاخرة بحضور صحفيين ومسؤولين فرنسيين.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية