الضربات الجوية الأميركية وحركة الشباب الصومالية.. شكوك في النتائج

مقاتلون من حركة الشباب في منطقة عيلاشا جنوب العاصمة شهر فبراير
مقاتلون من حركة الشباب أثناء تنقلهم قبل سنوات في منطقة عيلاشا جنوب العاصمة الصومالية مقديشو (الجزيرة)

كثف الجيش الأميركي في العامين الماضيين ضرباته الجوية ضد حركة الشباب المجاهدين، وأكد أنه قتل العشرات من عناصرها في محاولة لإعاقتها عن تنفيذ هجمات داخل الصومال وخارجه، لكن جدوى هذه الإستراتيجية تكتنفها شكوك كبيرة مع استمرار الحركة في عملياتها الدامية.

وشهدت الغارات على حركة الشباب تصعيدا لافتا منذ تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب منصبه مطلع عام 2017، وقد رافقتها غارات نفذتها كينيا المنخرطة في الصراع الصومالي، والتي تعرضت لهجمات عنيفة عدة من حركة الشباب.

والعام الماضي شنت الطائرات الأميركية 45 غارة على مسلحي الحركة داخل الصومال بزيادة مهمة مقارنة بالعام 2017 الذي شهد 35 غارة، وفق ما قالت مؤخرا وزارة الدفاع الأميركية.

والشهر الماضي أوردت صحيفة واشنطن بوست نقلا عن قيادة القوات الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) عددا مقاربا للغارات الأميركية خلال المدة نفسها، مشيرة إلى أن تلك الضربات الجوية تُشن من قواعد في الصومال ودول مجاورة لها.

ووفق حصيلة أميركية، فقد أسفرت الغارات خلال العام الماضي فقط عن مقتل نحو 300 من عناصر الحركة التي توصف بأنها ذراع تنظيم القاعدة، وكان من بين المستهدفين قادة كبار ومسؤولون عن التمويل الذي يتأى عبر فرض الإتاوات والسلب، حسب تعبير صحيفة غارديان البريطانية.

والهدف من الغارات الجوية -كما يصفه الجيش الأميركي- هو الحد من قدرة حركة الشباب على التخطيط لهجمات يمكن أن تستهدف الأميركيين وحلفاءهم، وتقليص قدرتها على التحرك.

‪طائرة مسيرة من طراز
‪طائرة مسيرة من طراز "ريبر" تابعة للجيش الأميركي الذي يستخدم مثل هذه الطائرات في ضرباته الجوية بالصومال‬ (رويترز)

الغارات لا تكفي
وفي خضم التصعيد الأميركي ضدها، ضربت حركة الشباب مجددا منتصف الشهر الماضي في قلب العاصمة الكينية نيروبي حين اقتحم مسلحون منها مجمع فنادق، مما أسفر عن مقتل 21 شخصا.

وبالتوازي نفذت تفجيرات جديدة في العاصمة مقديشو، وهاجمت قواعد للقوات الصومالية وقافلة إثيوبية جنوبي الصومال، في حين تخوض في الوقت نفسه حربا مع فصيل موال لتنظيم الدولة الإسلامية في إقليم بنط شمالي شرقي البلاد.

وكانت كل هذه الهجمات تذكيرا بأن الحملة الجوية الأميركية لم تفلح في شل قدرة حركة الشباب، وهو ما أقر به الجيش الأميركي.

فقد قال قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا الجنرال توماس فالدهاوسر الخميس إن الحملة الجوية على حركة الشباب لن توقفها، وحث الجيش الصومالي على تحمل مسؤولية أكبر في هذه المعركة.

ويقول مركز "هيران" للأبحاث في مقديشو إن حركة الشباب تأقلمت بشكل كبير مع التهديد المتمثل في الضربات الجوية الأميركية، وهو يرى أن الغارات الجوية بمفردها ليست كافية على الأرجح لهزم الحركة.

وفي السياق، يرى لورن بلانكارد، المحلل في مركز أبحاث تابع للكونغرس الأميركي، أن الضربات الجوية التي تعرضت لها الحركة خلال العامين الماضيين يمكن أن تشتت في المدى القريب قدرتها العملياتية، لكنه يضيف أن من غير الواضح كيف ستؤثر على الجانب المتعلق بتجنيد عناصر جديدة، بل إن الحملة الأميركية قد تعلي شأن حركة الشباب بين الجماعات التي توصف بالجهادية.

ووفق صحيفة غارديان البريطانية، فإن سقوط ضحايا مدنيين في الضربات الأميركية عامل مهم للتجنيد بالنسبة لحركة الشباب.

‪جندي صومالي أصيب خلال اشتباك مع مسلحين من حركة الشباب في مقديشو عام 2015‬ (رويترز)
‪جندي صومالي أصيب خلال اشتباك مع مسلحين من حركة الشباب في مقديشو عام 2015‬ (رويترز)

حرب طويلة
أما الصحفي الصومالي هارون معروف -وهو أحد مؤلفيْ كتاب "داخل حركة الشباب"- فيرى أن حركة الشباب منخرطة في حرب طويلة.

ويقول معروف إن هذا التنظيم صبور في التخطيط لعملياته حتى إن الإعداد لبعض العمليات يمكن أن يستغرق عاما بأكمله، ويعتبر أن عدم التعامل بجدية مع التهديد الذي تمثله حركة الشباب يعني تأخير الحل وصرف الانتباه عن الحركة.

وقبل أيام نقلت وكالة أسوشيتد عن خبراء أن هزم حركة الشباب يستدعي ما هو أكثر من الغارات الجوية.

وفي السنوات القليلة الماضية، نفذت القوات الأميركية عمليات خاصة (كوماندوز) عدة ضد "الشباب" داخل الصومال، لكن لم يكن لها -فيما يبدو- تأثير كبير على تماسك الحركة التي تضم آلاف عديدين من المقاتلين.

وقبل شهر، أوردت شبكة "أن بي سي" الأميركية أن واشنطن تخطط لتقليص وجودها العسكري في الصومال وضرباتها الجوية ضد حركة الشباب المجاهدين بحجة أنها لم تعد خطيرة على الولايات المتحدة، رغم أنها لا تزال تمثل تهديدا للحكومة الصومالية والدول المجاورة، ويعني تنفيذ الخطة أن الحملة الأميركية على الحركة قد تفقد المزيد من فاعليتها.

يذكر أن هناك نحو 500 عسكري أميركي في الصومال، ومعظم هؤلاء من القوات الخاصة ويتمركزون في عدد من القواعد، ورغم أن مهمتهم تكمن أساسا في تدريب القوات الصومالية، فإنهم نفذوا عمليات عدة ضد الحركة التي تسيطر على مناطق ريفية واسعة وسط وجنوبي الصومال رغم طردها من المدن الرئيسية هناك.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية