موقع إيطالي: حل الأزمة الليبية الآن بين يدي روسيا وتركيا

يقول تقرير نشره موقع أجنسير الإيطالي إن الحرب الدائرة حاليا في ليبيا بين قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر والقوات الداعمة لرئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج، تدل على مدى اتساع الأزمة الليبية عبر دخول دول أجنبية لا تطل حتى على البحر المتوسط.

ويرى الموقع أنه منذ سقوط الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي في 2011، فإن ليبيا صارت بالنسبة للعديد من الأطراف الإقليمية والقوى العالمية موقعا جيوسياسيا هاما جدا، ولذا فقد سعت هذه الأطراف إلى التأثير على مستقبل هذا البلد نظرا لثروته النفطية الهائلة.

وينقل التقرير عن ميكيلا ميركوري، المحللة والأستاذة بجامعة ماشيراتا، أن التدخل المباشر لروسيا وتركيا في ليبيا يعمل حاليا على تغيير توازنات هناك.

وأوضحت المحللة الإيطالية في حديث للموقع ذلك بالقول "مع التدخل الروسي والتركي فإن الأزمة الليبية من الممكن أن تأخذ منحنيين متباينين، التصعيد للنزاع المسلح أو اتفاق روسيا وتركيا لتقسيم ليبيا إلى مناطق نفوذ"، متسائلة عن دور الجهات الدولية الفاعلة الأخرى ضمن هذا الاتفاق المحتمل.

روسيا وتركيا
وأضافت ميركوري أنه لا توجد على المحك فقط مليارات صفقة بيع منظومة الصواريخ الدفاعية الروسية لتركيا من طراز إس-400 المتطورة جدا، بل أيضا خط أنابيب "تركيش ستريم" الذي سيسمح للإمدادات الروسية بالوصول إلى تركيا مباشرة عبر البحر الأسود.

الدور الإيطالي
وتضيف المحللة أن إيطاليا تقوم بجهود دبلوماسية متأخرة ولكنها مهمة بالتأكيد، لا سيما أنها حافظت على إبقاء قنوات الحوار مفتوحة مع طرفي النزاع في ليبيا ومع جميع الأطراف الفاعلة الداعمة للفرقاء الليبيين.

غير أنها تعتقد أن هذه الجهود الدبلوماسية لن تفضي إلى حسم حقيقي للأزمة ما لم تقرر روسيا وتركيا التفاوض مع الأطراف الإقليمية والدولية الأخرى على حل للأزمة برعاية من الأمم المتحدة.

وترى ميركوري أن حل النزاع الليبي -سواء كان عبر الخيار الدبلوماسي أو العسكري- لن يعتمد بعد اليوم على إيطاليا أو على الاتحاد الأوروبي بل على إرادة اللاعبين الدوليين المعنيين، روسيا وتركيا.

عملاق الطاقة
وفيما يتعلق بظروف عمل عملاق الطاقة الإيطالي (إيني) في ليبيا، فترى ميركوري أن إيني كانت لها قنوات دبلوماسية مستقلة في ليبيا على مر السنين، وأنها قامت في كثير من الأحيان بدعم السياسة والدبلوماسية الإيطالية.

ويضيف الموقع أن إيني تستمر في استخراج عدد كبير من براميل النفط رغم الخلافات المتفاقمة بين المليشيات المحلية، وهذا بفضل سلسلة من العلاقات الوثيقة والاتفاقيات النافذة مع القبائل الليبية بغض النظر عن الوضع السياسي الداخلي.

مذكرتا تفاهم
غير أن ميركوري تؤكد في هذا السياق أن مذكرتي التفاهم اللتين وقع عليهما السراج في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي مع تركيا، واللتان سينشأ بموجبهما منطقة اقتصادية حصرية، وتعزيز للتعاون العسكري لصالح أمن واستقرار البلدين، يمكن أن تخلق مشاكل كبيرة لشركة إيني في المستقبل.

الحراك الأوروبي
وحول حراك الاتحاد الأوروبي ومناشدته لجميع الأطراف الليبية لوقف العمل العسكري واستئناف الحوار السياسي، ترى ميركوري أن الاتحاد الأوروبي يعمل على حلّ للأزمة الليبية من خلال حراك دبلوماسي واسع ومناهض لتركيا خشية من سيطرة أنقرة على بعض مصادر الطاقة في ليبيا.

نشر قوات
وفيما يتعلق بمدى فعالية الاقتراح الذي رشح من مصادر أوروبية بخصوص نشر قوة عسكرية فاصلة بين قوات حفتر وقوات السراج، تقول ميركوري لا أعتقد أن الأمر سينجح، وسيكون من الصعب تحقيق ذلك لأنه يجب أن يحظى على الأقل بدعم من روسيا، فضلا عن الدور الأميركي الغائب حتى الآن.

مؤتمر برلين
وعن النتائج المتوقعة من مؤتمر برلين المعتزم تنظيمه الشهر القادم حول ليبيا، قالت المحللة الإيطالية "يمكن أن يكون ناجحا فقط إذا كان الاتحاد الأوروبي قادرا على تقديم مشروع سياسي جاد وملموس تشترك فيه روسيا وتركيا".

ففي حال تمكن الاتحاد الأوروبي من إشراك هذين البلدين وجعلهما يجلسان حول المائدة نفسها، مقترحا عليهما خارطة طريق لحل الأزمة الليبية، فإن ذلك سيعني ليس فقط نجاح بروكسل في استعادة وحدة وجهات النظر الأوروبية حيال الأزمة الليبية، بل أيضا استعادة مساحات هامة للمناورات والنفوذ الأوروبي في ليبيا.

وخلصت ميركوري إلى القول "خلافا لذلك فإن جميع الجهات الفاعلة التي أرادت رمي معمر القذافي من النافذة والإطاحة بنظامه للتمكن من تقاسم الكعكة الليبية، ستضطر في النهاية إلى القبول بالفتات".

المصدر : الجزيرة + الصحافة الإيطالية