هل حضارتنا بالفعل على شفا انهيار شامل؟ سبع فرضيات لعلم الانهيار
وفي هذا السياق، عرضت مجلة لنوفيل أوبزرفاتور الفرنسية هذه المخاوف البيئية على مجموعة من الأخصائيين، واستعرضت آراءهم في مقال بقلم إريك أيشيمان.
وأوضح الكاتب أن علماء يطلقون على أنفسهم "علماء الانهيار" تنتشر اليوم أطروحاتهم كالنار في غابات كاليفورنيا، يقدمون سيناريو متطرفا مقتضاه أن الإنسانية تعرض وجودها للخطر، مغيرين لغة التحذير من أسلوب الشرط إلى المستقبل الواقع لا محالة، مؤكدين أن درجة الحرارة سوف ترتفع، وأن الجليد قد بدأ ذوبانه وأن عدد الحشرات والطيور قد انخفض بشكل حاد.
ولإعطاء صورة أوضح، يعرض أيشيمان الفرضيات الرئيسية السبع لعلم "الانهيار" أمام المتخصصين بالمجالات المختلفة المعنية من أجل اختبارها، علما بأن هذه الفرضيات تمزج بين تخصصات غاية في عدم التجانس، كعلم المناخ والعلوم الطبيعية والاقتصاد وتقنيات الطاقة أو العلوم السياسية التي لديها قدرات تنبؤ متغيرة للغاية.
وللحد من هذه العواقب، والحفاظ على هدف باريس المتمثل في +1.5 درجة مئوية بحلول عام 2050، ينبغي خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 45% بحلول 2030 والوصول إلى حياد الكربون بعد عشرين سنة، وهو ما يراه الخبراء بعيد المنال إذا سارت الأمور على ما هي عليه.
2. وداعا للنحل والطيور والعوالق
ويختصر العلماء الموضوع في مثال انهيار سمك القدّ تحت الصيد المكثف، معتقدين أنه يمكن توسيع هذا السيناريو ليشمل النظم البيئية المختلفة التي توفر للبشر خدمات لا حصر لها، كالعوالق والغابات المطيرة والنحل الذي يلقح الحقول والبحيرات الحاملة للأسماك.
ويختم هؤلاء العلماء بأن ما يقام به هنا وهناك من مشاريع إعادة التوازن البيئي لا يمكن قياسه بما "كان يحدث منذ آلاف السنين، لأنه لا يعطي الأنواع وقتا للتكيف".
3. العودة للعربات المجرورة
ونظرا لما يثيره الموضوع من مخاوف، فقد أحدث عالم الانهيار إيف كوش ضجة جديدة الأشهر الماضية بدعوة كاميرات التلفزيون إلى منزله بولاية بريتانيا الفرنسية، حيث وضع كل ما يمكن أن يحتاجه، بما في ذلك مركبته والحصان الذي يجرها.
وعليه، تساءل الكاتب: هل من الضرورة أن نؤمن بالانهيار؟ ليقول له الخبراء إنه لا داعي لإثارة القلق بما قد يتسبب في ارتفاع الأسعار وتعريض الشركات "الصناعية المعتمدة على الطاقة الحرارية " للخطر، ولكن من حيث المبدأ "يجب أن يكون تقليل الفائض أسهل من تعويض النقص".
4. صنابير جافة ورفوف فارغة وخطوط مقطوعة
ويصر بابلو سيرفيني، مؤلف كتاب "كيف ينهار كل شيء" والشخصية الرمزية لعلم الانهيار، على هشاشة التدفقات التي يقوم عليها النشاط الاقتصادي، خاصة أن العواصم ليس لديها سوى ما يكفي لبضعة أيام من الطعام.
ويؤكد إريك فيدالينك أن موجات الحرارة ستؤدي إلى أعلى استهلاك "خاصة إذا لم يكن هناك إعداد وتوقع مسبق، حيث سيتسابق الأفراد للشراء في اللحظة الأخيرة" وبالتالي "ستكون هناك توترات ونقاط ضعف، ولكن لن يحدث توقف مفاجئ" حسب الخبير أديمي.
5. دول في خطر
يقول يانيك بلانك إن هذه الرؤية منهجية أكثر من اللازم، إذ إننا "نسلط الضوء على الترابط بين هذه العناصر ونخلص إلى أننا إذا أزلنا واحدا منها فكل شيء سيتصدع، ولكن في الواقع لا شيء يسير كما هو متوقع، لأن هناك حرية الإنسان وقدرته على الرد واتخاذ القرارات".
بارو: لا أرى انهيارا عالميا شاملا، لكن الحضارة الصناعية التي تعتمد على الطاقة الحرارية ستخضع لتغييرات، بعضها سيكون مؤلما |
6. الإنسان الأخير
ويقول الكاتب فريد فارغاس "زيادة الحرارة بدرجة ونصف درجة مئوية سيجعل نصف الإنسانية (أربعة مليارات شخص) في خطر، فإما أن يموتوا من الجوع أو العطش أو الأوبئة.
والغريب -حسب الكاتب- أن سياسيا اشتراكيا مثل ميشال روكار (ليس صاحب نظرية انهيار ولا خبيرا بيئيا ولا عالم مستقبليات) يقول "طرح احتمال انهيار النوع البشري سيحول عملياتنا البطيئة والمعقدة إلى أولويات. وفي حالة الذعر، سيتجاهل الغرب قيم الحرية والعدالة".
7. فات الأوان
وحسب الأمم المتحدة، ارتفعت الكميات المستخرجة من الأرض من 22 مليار طن عام 1970 إلى سبعين مليارا عام 2010، وقد تصل إلى 180 مليارا بحلول 2050، إذ استهلكت الصين من الإسمنت في ثلاث سنوات ما استهلكته الولايات المتحدة في قرن.
وقال عالم الفيزياء الفلكية أوريليان بارو "أي إنسان له عقل لم يعد يشك في حصول الكارثة" إلا أن زكاوي يوضح قائلا "لا أرى انهيارا عالميا شاملا، لكن الحضارة الصناعية التي تعتمد على الطاقة الحرارية ستخضع لتغييرات، بعضها سيكون مؤلما".
وبالفعل -يقول الكاتب- بعد أن كانت نظريات علماء الانهيار تثير ابتسامة هزء، أصبحت اليوم مثار اهتمام وجد، إذ كرست لها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ندوة، وستقوم مجلة العلوم السياسية "فوتيريبل" بإنشاء مجموعة عمل حول هذا الموضوع، ويفكر علماء النفس في "القلق البيئي" كما بنى بعض الأغنياء لأنفسهم مستودعات في نيوزيلندا والدول الإسكندنافية.