أشرف ريفي للجزيرة نت: الانتفاضة اللبنانية عابرة للطائفية وستسقط حكومة دياب
عبد الحميد قطب-الجزيرة نت
حمّل وزير العدل اللبناني السابق أشرف ريفي حزب الله مسؤولية تفاقم الأوضاع في لبنان وخروج المتظاهرين في 17 أكتوبر/تشرين الأول للمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية، لافتا إلى أن القانون الانتخابي مكّن حزب الله من سحب الورقة الميثاقية من الطوائف اللبنانية السنية والدرزية والمسيحية كافة.
وتوقع ريفي أن تسقط الانتفاضة حكومة حسان دياب كما أسقطت حكومة سعد الحريري، مشددا -في الحوار التالي مع الجزيرة نت- على أن انتفاضة الشعب اللبناني عابرة للطائفية والمذهبية.
ما الذي أدى إلى انتفاضة اللبنانيين في 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.. هل فشلت الحكومة في إيجاد حلول للمشاكل الاقتصادية أو هناك أسباب أخرى؟
في الواقع، ليس مستغربا اندلاع الانتفاضة في هذا التوقيت، وإنما الغريب لماذا تأخرت؟ فلبنان بعدما تخلص من الوصاية السورية التي استمرت قرابة الـ 15 عاما، انتقل إلى وصاية أخرى أشد فظاعة هي الوصاية الإيرانية، وخاصة بعد التوصل إلى التسوية الرئاسية وتولي الرئيس ميشال عون المرشح من قبل حزب الله رئاسة الجمهورية، وهو ما أدى إلى تحكم الحزب في جميع قرارات الحكومة.
إضافة إلى إقرار قانون انتخابي تمكّن خلاله الحزب من سحب الورقة الميثاقية من الطوائف اللبنانية كافة سواء السنية أو الدرزية أو المسيحية، ومن خلالها استطاع الحزب أيضا تصعيد جميع حلفائه في البرلمان لمواجهة منافسيه.
وفي الوقت ذاته، تحكم الحزب في الاقتصاد اللبناني بوضع يده -باسم المقاومة- على مرفق بيروت، واستولى على مداخيله لصالحه، بل إنه تحكم في جميع المعابر، وباتت جميع أنواع البضائع التي تدخل لبنان عن طريق رجاله الذين يتحصلون على الأموال من أصحابها مقابل المرور.
يفهم من كلامك أن التيار الحر بزعامة الرئيس ميشال عون منح حزب الله بعد التسوية الرئاسية الغطاء للتحكم بمقاليد الدولة اللبنانية؟
نعم، فالتيار الحر تحول إلى ورقة مسيحية في يد حزب الله لتمرير المشروع الإيراني بالبلاد، في مقابل دعم الحزب للتيار ومنحه السلطة والمال، بما يعني أننا أمام طبقة سياسية "مافيوية" كل همها هو نهب المال العام وأملاك الدولة، ومع ذلك لم توفر هذه الطبقة للشعب الحد الأدنى من احتياجاته.
فمثلا أنفقت الحكومة على مرفق الكهرباء خمسين مليار دولار "ما يقارب نصف الدَّين العام"، مع ذلك لم يلمس المواطن أي تحسن في أدائها.
بعد أكثر من شهرين على الانتفاضة.. ما الذي حققته حتى الآن؟
الانتفاضة أنجزت وحققت الكثير، فقد أسقطت حكومة المحصصات، ومربعات حزب الله الطائفية والمذهبية، وتحولت إلى ثقافة عند اللبنانيين، حيث باتت قوة محاسبة تتجاوز البرلمان والمؤسسات التي أخفقت في مكافحة الفساد.
وبعثت رسالة إلى الطبقة السياسية أن الشارع اللبناني هو الرقيب على أداء الحكومة والرئاسة والبرلمان.
وأعتقد أن هذه الانتفاضة سحبت من البرلمان ومن رئيس الجمهورية الشرعية الشعبية، ولو استمرت لأسقطت السلطة بأكملها، لكنها تحتاج لبعض الوقت.
لكن هناك من يرى أنها أسقطت حكومة الحريري وجاءت بحسان دياب الذي يعتبره البعض أقرب إلى حزب الله من الحريري؟
حكومة حسان دياب لا تعبر عن الانتفاضة وليست خيارها، فحكومة دياب خيار حزب الله الذي يكابر ويرفض الاستجابة لمطالب الثوار، ويحاول خداع أتباعه وداعميه أنه ما زال يسيطر على القرار اللبناني.
وفي تقديري أن حسان دياب إذا استطاع تشكيل الحكومة، فستسقطها الانتفاضة كما أسقطت حكومة الحريري.
هذا يعني أن حسان دياب ربما لا يستطيع تشكيل الحكومة؟
حقيقة أنا شخصيا أشكك في استطاعته تشكيلها، وإذا استطاع ذلك فلن يكون بمقدور حكومته تقديم أي حل للمشكلات الحالية التي تعاني منها البلاد، وبالتالي سيسقط في الشارع ولن تكون له شرعية.
هناك من يرى أن لبنان ضحية للتدخلات الإقليمية وخاصة الايرانية والسعودية التي تناصب ثورات الشعوب العداء، مما أعاق تحقيق مطالب الشعب اللبناني؟
في الحقيقة، لا توجد مقارنة بين التدخل الإيراني والخليجي بشكل عام، فالتدخل الإيراني صدّر للبنان السلاح فقط، وأشعل الحرائق، بينما كل الدول الخليجية دون استثناء قدمت للبنان الأموال والدعم لتحقيق التنمية والاستقرار والازدهار.
هل للوضع الجاري في سوريا أي انعكاس على تفاقم الأزمة اللبنانية خاصة التدهور الاقتصادي؟
بكل تأكيد، فبحكم الجوار الجغرافي دائما ما تتأثر لبنان بالأوضاع في سوريا.
فهناك ما يقارب 35% من الشعب السوري ضيوف لدينا، وهو ما يزيد بكل تأكيد من تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية عندنا، ويؤثر على البنى التحتية، لكننا في المقابل نتمنى أن تحل الأزمة السورية في أقرب وقت، حتى يعودوا إلى ديارهم معززين مكرمين، وليسوا باعتبارهم مطلوبين، كما يريد وزير الخارجية السابق جبران باسيل.
كيف ترى الحراك العراقي، وهل مطالب الشعبين متقاربة؟
بالتأكيد، فمطالب الشعبين متقاربة إلى حد كبير، وهناك تصميم من كلتا الانتفاضتين على وقف المشروع الإيراني واستحواذه على مقدرات البلدين.
ما تعليقك على وصف الأمين العام لحزب الله "الانتفاضة اللبنانية" بانتفاضة السفارات؟
هذه انتفاضة الشباب والشابات الجامعيين، والعمال والفقراء والمحتجين على الأوضاع الاقتصادية التي أسهم حزب الله في تفاقمها، وهي انتفاضة عابرة للطائفية والمذهبية.
ونحن نقول، إذا كانت انتفاضة 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي انتفاضة سفارات، فماذا عن حزب الله الذي قال عنه حسن نصر الله بنفسه إن دعمه وسلاحه وعتاده كله من إيران؟!
في المقابل هناك من يرى أن حزب الله استفاد من الأوضاع غير المنضبطة في لبنان جراء اندلاع الانتفاضة؟
كما تعلمون فإن تفاقم الأوضاع الاقتصادية في أي مكان يزيد من معدلات الجريمة الجنائية والمنظمة، ويزعزع الأمن والاستقرار.
لذا نتمنى أن تحسم الأمور في أقرب وقت، ويحقق الشعب اللبناني مطالبه، حتى تعود الأوضاع إلى طبيعتها، بعد أن استطاع اللبنانيون بهذه الانتفاضة إسقاط مربعات حزب الله الطائفية والمذهبية.