تايمز: العراقيون ليسوا في مزاج التسامح أو الغفران

أجواء من الفرحة بين المعتصمين في العراق بإعلان استقالة عبد المهدي
مؤسسة الحكم في العراق تتهم المحتجين بأنهم عملاء للولايات المتحدة وحلفائها (الجزيرة)

قالت صحيفة ذي تايمز البريطانية إن العراقيين ليسوا في وارد العفو أو الغفران عمّن تسببوا في قتل المتظاهرين حتى بعد تنحي رئيس الوزراء عادل عبد المهدي السبت الماضي من منصبه.

وذكرت الصحيفة أن السياسة العراقية أصبحت معقدة منذ الغزو الأميركي في 2003 أكثر مما كان عليه الوضع في عهد الرئيس صدام حسين وزبانيته العسكر الذي اتسم بالاستبداد، حسب تعبير مراسل الصحيفة ريتشارد سبنسر من العاصمة بغداد.

ويتساءل الكثير من العراقيين الذين يخشون من عودة الحرب الأهلية، عما إذا كان الجيش والشرطة متحدين، وما إذا كانا سيدعمان هذا الفصيل أو ذاك أو حتى المتظاهرين.

على أن المؤكد -وفق الصحيفة- أن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بدا "متخبطا" طيلة شهرين من المظاهرات ضد عجز حكومته واستشراء الفساد.

إستراتيجية احتواء
وترى تايمز أنه في غياب إستراتيجية احتواء راسخة أو انعدام التسلسل الهرمي للقيادة، جاء رد فعل "الشبكة المعقدة" المؤلفة من فرق الشرطة ووحدات الجيش ومليشيات الفصائل، على الاحتجاجات بالطريقة الوحيدة التي تجيدها.

وكان عبد المهدي قدّم السبت استقالته رسميا وقبلها مجلس النواب (البرلمان) اليوم التالي مباشرة.

وتقول الصحيفة البريطانية إن إيران وحلفاءها في المليشيات حاولوا إقناع عبد المهدي بالصمود في وجه الضغوط، لكنهم اضطروا للامتثال للمرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني، الذي دعا البرلمان إلى إعادة النظر في خياراته.

ونوّهت بأن عبد المهدي (87 عاما) كان عضوا سابقا في حزب تدعمه إيران، وله ارتباطات مع طهران تعود إلى عقود من الزمن.

وتساءلت زينة محمد -وهي أستاذة لمادة الفيزياء بإحدى مدارس بغداد وأشرفت على
تدريس طالب يُدعى حيدر كاظم قُتل في أثناء إحدى التظاهرات- ماذا بعد استقالة رئيس الوزراء؟

وقالت لموفد الصحيفة "ما دفعنا للاحتجاج رغبتنا في إقصاء كل الأحزاب السياسية وكل الوزراء. فالحكومة مدعومة من إيران، ولن يكون هناك مستقبل إذا لم يكن العراقيون هم من يتخذون القرارات وليس إيران ودول أخرى".

وجاء في تقرير التايمز أيضا أن مراسلها في بغداد التقى في إحدى خيام الاعتصام بساحة التحرير في بغداد بالصحفي منتظر الزيدي الذي ذاع صيته بعد رشقه الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش في أثناء انعقاد مؤتمر صحفي ببغداد في 14 ديسمبر/كانون الأول 2008.

شباب غاضب
وتشير الصحيفة البريطانية إلى أن الزيدي يمثل الآن رمزا للشباب العراقي الغاضب والعاطل عن العمل ممن لا ينتمون لأي حزب سياسي.

وتضع المظاهرات الحالية الشبان الشيعة الذين بلغوا سن الرشد في حقبة ما بعد صدام حسين، في مواجهة مع مؤسسة تهيمن عليها بشكل مطرد أحزاب تدين بالولاء لإيران، كما تفيد التايمز في تقريرها.

ويضيف التقرير أن مشاعر الازدراء لأميركا قوية بين الجيل القديم في العراق الذي عانى من ويلات الغزو، بينما كانت المليشيات الموالية لإيران تحظى بشعبية لمساهماتها في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

لكن الشباب بدؤوا ينظرون إلى تلك المليشيات باعتبارها داعمة لنظام استنزف كل موارد البلاد، على حد وصف الصحيفة.

وبالمقابل، تتهم مؤسسة الحكم في العراق المحتجين بأنهم عملاء للولايات المتحدة وحلفائها، مثل السعودية. غير أن هذا الاتهام لا يجدي فتيلا -برأي مراسل التايمز سبنسر- مع منتظر الزيدي "الرجل الذي قذف حذاءه (بوجه) أميركا".

يقول الزيدي إن "السياسيين الفاسدين يصطفون الآن بجانب إيران. فإذا كنت شيعيا فلن يصفوك بأنك داعشي كما هي الحال مع السُّنة، ولذلك يحاولون دمغ المحتجين بالانتماء لسفارات دول أجنبية".

المصدر : تايمز