دعوات للحوار في الجزائر.. هل يفك تبون عقدة الحراك؟

Newly Elected President of Algeria Abdelmadjid Tebboune- - ALGIERS, ALGERIA - DECEMBER 13: Newly Elected President of Algeria Abdelmadjid Tebboune holds a press conference in Algiers, Algeria on December 13, 2019. In a landslide victory, Tebboune secured 58.15% of the votes, said Mohammed Sharfi, head of the Algerian Electoral Authority, in a news conference in the capital Algiers.
دعوة تبون للحوار مع الحراك هي المحاولة الثالثة بعد مبادرة وجهود سابقة لم يكتب لها النجاح (الجزيرة نت)

 

عبد الحكيم حذاقة-الجزائر

"أتوجه مباشرة إلى الحراك الذي سبق لي مرارا وتكرارا أن باركته، لأمدّ يدي له بحوار جادّ، من أجل الجزائر والجزائر فقط". شكلت هذه الفقرة أبرز تصريحات الرئيس الجزائري المنتخب عبد المجيد تبّون.

وقال تبون إن "الوقت قد حان لتكريس الالتزامات دون إقصاء أو تهميش أو نزعة انتقامية، وللعمل مع الجميع بعقلية ومنهجية جديدة".

وتأتي دعوة الرئيس المنتخب للحوار مع الحراك كثالث محاولة، بعد مبادرة فاشلة في 22 أبريل/نسيان الماضي، أطلقها حينها رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح، وكذلك جهود "هيئة الحوار والوساطة" السداسية برئاسة كريم يونس في يوليو/تموز الماضي.

السلطة تركز على اختيار ممثلين لقبول الحوار من أجل اختراق الحراك وفق مراقبين (الجزيرة نت)
السلطة تركز على اختيار ممثلين لقبول الحوار من أجل اختراق الحراك وفق مراقبين (الجزيرة نت)

الأغلبية ترحب
وأثار خطاب تبّون ردود فعل متباينة، وإن بدت أغلب الأطراف جاهزة للحوار، بما فيها جهات مقاطعة للاستحقاق الرئاسي، إذ رحّب حزب العدالة والحرية بالدعوة إلى "طي صفحة الماضي لتجاوز حالة الانسداد القائمة"، على أن يشمل "الحوار كل القوى السياسية والاجتماعية الفاعلة". 

وأكدت جبهة العدالة والتنمية على "حوار شامل حول الإصلاحات اللازمة، وشروط حماية إرادة الشعب وصونها وحفظها".

واعتبرت حركة مجتمع السلم أن الخطاب الأول للرئيس جاء جامعا، وسيساعد في حال تجسيده على التخفيف من التوتر ويفتح آفاق الحوار لتصحيح الأخطاء، وتحقيق التوافق الشامل حول رؤية وآليات وممارسات المستقبل.

وثمّن التحالف الوطني الجمهوري سياسة "اليد الممدودة من أجل حوار جاد، واقعي وبنّاء"، وهو الأمر الذي يستوجب على الحراك الشعبي الانتقال من قوة رفض في الشارع، إلى قوة اقتراح ومشاركة في دوائر صناعة القرار، على حدّ تعبيره.

‪تبون فاز بالانتخابات الرئاسية التي أجريت الخميس الماضي بحصوله على 58% من الأصوات‬ (رويترز)
‪تبون فاز بالانتخابات الرئاسية التي أجريت الخميس الماضي بحصوله على 58% من الأصوات‬ (رويترز)

شروط
من جهة أخرى، حذرت جبهة القوى الاشتراكية من "محاولة تنظيم حوار مزيف غير سيادي"، مشترطة "التبني المشترك لجدول الأعمال واختيار المشاركين والطبيعة السيادية وشفافية الحوار، واعتماد برنامج للخروج من الأزمة بالإجماع".

والتقت أغلب الأحزاب في الدعوة إلى تهيئة الأجواء لضمان شروط نجاح هذا المسعى، من خلال التعجيل باتخاذ إجراءات تهدئة، تشمل أساسا إطلاق سراح معتقلي الرأي وفتح الساحة الإعلامية والكف عن تقييد الحريات.

وعلى مستوى مكونات الحراك، تباينت كذلك المواقف بين التثمين والتشكيك، حيث اعتبر الناشط عبد الفتاح جحيش أن "الدعوة للحوار في هذا الوقت بالذات تكشف حجم عبثية ما ترتبت عليه الانتخابات الرئاسية".

وقال في تصريح للجزيرة نت إنه "من البديهي والحال هذه أن يبحث الرئيس عن الجزء المهم من الشرعية المنقوصة، وإذا خلصت النيات، فإن الأمور ستسير إلى الأحسن، أما سوى ذلك فقد يكون دعوة لتقسيم الحراك".

وشدّد الصحفي عثمان لحياني على أن "أي حوار تطرحه الظروف يجب ألا يتحول للعبة سياسية لترميم شرعية معطوبة، أو مهرجان صور للحصول على تزكية لمخرجات انفرادية، كحوار 2012 ومشاورات 2016".

وطالب الناطق الرسمي باسم الشبكة الوطنية لفعاليات الحراك يحي جعفري بأن يعرب الرئيس صراحة أن عهدته انتقالية تأسيسية، مع بسط ظروف تهدئة حقيقية.

وأكد جعفري للجزيرة نت أن يكون تعديل الدستور في إطار نقاش مجتمعي واسع، مع إعادة النظر في تركيبة السلطة المستقلة للانتخابات هي العناوين الكبرى لمخرجات الحوار.

بدوره، قال عضو الأمانة الوطنية لحركة عزم فيصل عثمان إن الحوار من حيث المبدأ مطلوب، لكن يجب ضبط المقصود منه وموضوعه وأطرافه. ورفض عبر الجزيرة نت أيّ "مسعى من أجل المحاصصة وتقسيم الغنائم مع بقايا الكيان الموازي".

 

دواعي الحوار
وعن ضرورات وظروف الحوار المبتغى، قال أستاذ علم الاجتماع بجامعة وهران محمد طيبي إن "مفهوم الحراك كمحرك مخاض، ورغم تلويناته وتدويناته فهو ليس لعبة ملائكة، وإنما هو تصادم مشاريع وتداخل مصالح، ظاهرها مطلبي شعبي دهمائي، وباطنها سياسي".

وأضاف للجزيرة نت أنّ "الحوار الآتي وجوبا يدخل في التوافق على برنامج إصلاح وتطهير شامل، تتكفل به مؤسسات شرعية تمثيلية، بعيدا عن تقاسم المناصب وتحقيق المغانم"، معتبرا أن الجزائر أمام مخرج إستراتيجي سيجعلها قوة جيوسياسية، وهو الأمر الذي قد يقلق من أخطأ في حساباته لجهله بالتاريخ القريب، أو لخطئه في قراءة المشهد، على حد قوله.

ورأى زميله ناصر جابي أن الحوار ضروري بين الجزائريين مهما كانت ظروف الأزمة الحالية، واعتبر الأمر "إستراتيجية تثير الشكوك، بأن الهدف المرجو منها هو منح صفة التمثيل لمجموعة أشخاص من أجل اختراق الحراك وتكسيره".

وختم جابي كلامه بالقول إن شروط نجاح المسعى تبقى ناقصة، في ظل وجود معتقلين، واستمرار النظام في إغلاق الساحة السياسية والإعلامية، والتنادي للحوار من قبل رئيس "منقوص الشرعية"، على حد وصفه.

المصدر : الجزيرة