الانتخابات البريطانية.. فوز جونسون حسم معركة البريكست

Britain's Prime Minister Boris Johnson and his girlfriend Carrie Symonds leave the Conservative Party's headquarters with their dog Dilyn following the general election in London, Britain December 13, 2019. REUTERS/Lisi Niesner
جونسون رفع شعار دعونا ننته من البريكست (رويترز)

عثمان بوشيخي-لندن
 

إنه أكبر انتصار للمحافظين منذ عام 1987 وأسوأ هزيمة لحزب العمال منذ عام 1935، وهذا يعني أن المملكة المتحدة في طريقها نحو طلاق بائن مع الاتحاد الأوروبي ولا سيما مع عزم رئيس الحكومة بوريس جونسون إعادة صفقة البريكست إلى البرلمان الأسبوع المقبل للتصويت عليها.

وقد أكدت رئاسة الوزراء في 10 داونينغ ستريت أنها ستبدأ تعديلا وزاريا طفيفا بحلول يوم الاثنين، في انتظار تعديل أكبر سيُجرى في فبراير/شباط المقبل بعد مغادرة الاتحاد الأوروبي.

هل انتهى اليسار؟
يرى الصحفي المتخصص بالشؤون البريطانية محمد أبو العينين أن نتيجة هذه الانتخابات كفيلة بإحداث تغيير عميق في الحياة السياسية بالبلاد وتشكيل جديد لليسار واليمين فيها، ولا سيما أن الاتجاهات المتشددة في اليسار ووعود رئيس حزب العمال جيرمي كوربين المعسولة والكثيرة كانت كفيلة بتقليل فرصه في هذه الانتخابات.

لكن جونسون -كما يرى أبو العينين- لن يكون رغم فوزه قادرا على القضاء على اليسار الذي ارتبط بسنوات توني بلير وغوردن براون وظل لسنوات طويلة في الحكم بعدما اصطلح عليها بسنوات "التيه".

أما الخبير الاقتصادي د. محمد حيدر، فيؤكد أن ما حدث يشكل نوعا من التحول في اختيارات البريطانيين الذين باتوا يميلون إلى حزب المحافظين الذي كان واضحا في برنامجه الانتخابي بخصوص البريكست.

ويتوقع أن يفاقم فوز جونسون من مشاكل المشهد السياسي الداخلي فضلا عن تأزيم العلاقات بالخارج، فحزب المحافظين بات يُشار إليه باعتباره يمينيا متشددا، وسيتجه نحو موقف راديكالي في مفاوضاته مع بروكسل ليكون هناك خروج صعب من الاتحاد الأوروبي، وبالتالي ففوز المحافظين قد يمثل بداية المشاكل في البلاد.

استطلاعات الرأي
منذ بدء الحملات الانتخابية حذر كثير من المراقبين من مغبة التعويل على نتائج استطلاعات الرأي باعتبار أن الناخبين قد يغيرون آراءهم كما أن بعضهم لم يحسم أمره بعد، إلا أن بعض هذه الاستطلاعات كاد يكون دقيقا ولا سيما التي أشرفت عليها مؤسسة يوغوف لقياس الرأي العام، حيث كانت توقعاتها صحيحة بالنسبة لنتيجة انتخابات 2017، إذ أشارت إلى احتمال فوز المحافظين بـ 359 من بين 650 مقعدا في مجلس العموم.

ويدافع بعض الباحثين السياسيين وخبراء الاستطلاعات عن استخدامها، مؤكدين أن المراكز المشرفة عليها تحرص على إصلاح منهجها للتعامل مع الأخطاء السابقة ومعالجتها.

لكن من أصعب الأشياء التي لا يمكن توقعها بدقة نسبة المشاركة في الانتخابات، إذ تكتفي بعض المراكز برصد نوايا التصويت. 
 
استفتاء على البريكست
كان الشعار الذي رفعه حزب المحافظين خلال الحملة الانتخابية "دعونا ننته من البريكست" مما يشير إلى الرغبة في حسم هذا الملف الشائك بعدما تأجل خروج بريطانيا أكثر من مرة.

ويعود أبو العينين مؤكدا أن الناخب كان ذكيا واستخدم قدراته في الحكم على الأشخاص، كما أن نتيجة هذه الانتخابات دليل على أنه لم يندم على نتيجة استفتاء عام 2016، وإنما كان يريد حسما لموضوع البريكست بأسرع وقت ممكن كي تتبدد الضبابية التي أحاطت بالمشهدين السياسي والاقتصادي.

لكن حيدر يؤكد أن فوز جونسون لن ينفي أن هناك انقساما شديدا بالرأي العام البريطاني بخصوص الخروج من منظومة الاتحاد الأوروبي، ولن يمحو صورة المظاهرات التي انطلقت في مدينة لندن منددة بالبريكست وداعية لاستفتاء جديد.

ويتوقع أبو العينين أن يتشدد جونسون الآن في خياراته، ولا سيما مع امتلاكه الأغلبية التي قد تمضي في اتجاه الطلاق مع الاتحاد الأوروبي.

وكان المحافظون قد تعهدوا أيضا بالتفاوض مع الاتحاد الأوروبي على اتفاقية تجارة حرة كي تدخل حيز التنفيذ عام 2021، وتقديم نظام للهجرة شبيه بالنظام الأسترالي، فضلا عن بناء مزيد من المستشفيات ورفع أعداد ضباط الشرطة والممرضين وتوسيع القدرة الاستيعابية للسجون.

المصدر : الجزيرة