حمدوك في زيارته الأولى لواشنطن.. معضلات وشروط ومساومات محتملة

epa07815125 Sudanese Prime Minister Abdalla Hamdok speaks during a press conference with German Foreign Minister Heiko Maas in Khartoum, Sudan, 03 September 2019. Maas is on an official visit to Sudan, the first by a European foreign minister since the uprising that led to the ouster of President Omar Hassan al-Bashir in April 2019, and the formation of a civilian military transition council on 17 August 2019. EPA-EFE/MARWAN ALI
حمدوك أشار سابقا إلى أن رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب الأميركية بات وشيكا (الأوروبية-أرشيف)

محمد المنشاوي-واشنطن

تزامنا مع مرور مئة يوم على بدء رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك مهامه، تستقبل واشنطن الزيارة الأولى من نوعها لرئيس حكومة سودانية منذ العام 1985.

ويُتوقع أن تشهد الزيارة -التي بدأت السبت وتستمر ستة أيام- مناقشة ملفات ثنائية عدة، والتطرق لقضايا إقليمية هامة لمصالح واشنطن في منطقة شرق أفريقيا والقرن الأفريقي. ويواجه حمدوك معضلات سياسية وهيكلية كبيرة خلال زيارته، على رأسها إخراج السودان من القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب.

ولم يعلن البيت الأبيض حتى الآن عن جدول لقاءات الرئيس دونالد ترامب للأسبوع الجاري. وتزيد التكهنات باحتمال عقد حمدوك لقاءات داخل البيت الأبيض، إلا أنه لم يتم تأكيد عقد لقاء يجمعه بالرئيس ترامب.

وتدشن زيارة رئيس الوزراء السوداني لواشنطن مرحلة جديدة في العلاقات السودانية الأميركية، إذ لم تعرف هذه العلاقات زيارات على هذا المستوى منذ عدة عقود. لكن لا ينتظر أن تشهد الزيارة "تغييرات فورية واسعة في بنية العلاقات الأميركية السودانية" كما قال دبلوماسي أميركي سابق للجزيرة نت.

وتاريخيا لم تكترث واشنطن كثيرا -رسميا أو إعلاميا- بالتطورات السودانية، ثم تغير الأمر بعدما انتقل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن إلى الخرطوم في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي. وبقي الاهتمام الأميركي محصورا في ملف مكافحة الإرهاب، إضافة إلى اهتمام بعض دوائر واشنطن اليمينية المحافظة بسعي جنوب السودان للانفصال، وهو ما تم دعمه إلى أن تحقق عام 2011.

قضايا الإقليم
قبل أيام، غرد تيبور ناجي مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية مهنئا حمدوك على رئاسته منظمة التنمية في شرق أفريقيا (إيغاد)، وعبّر عن تطلع بلاده للعمل مع السودان في القضايا الإقليمية، وخص بالذكر عملية السلام في جنوب السودان.

ويعكس محتوى رسالة الخارجية الأميركية اهتمام واشنطن الكبير بالأوضاع في جنوب السودان، خاصة بعد استدعاء وزير الخارجية مايك بومبيو السفير الأميركي لدى جوبا قبل عدة أيام للتشاور وتقييم العلاقات مع دولة جنوب السودان.

وتعهد بومبيو بالعمل مع الدول المجاورة لدعم عملية السلام والانتقال السياسي في جنوب السودان. وقال دبلوماسي أميركي سابق للجزيرة نت إن "واشنطن تعول كثيرا على دور الخرطوم في دعم واستقرار جنوب السودان".

من ناحية أخرى ينتظر أن تتطرق مباحثات رئيس الوزراء السوداني في واشنطن إلى قضية سد النهضة الإثيوبي ونهر النيل، حيث أخذت واشنطن زمام مبادرة التوسط بين السودان ومصر وإثيوبيا لحل الأزمة، واستضاف الرئيس ترامب وزراء خارجية الدول الثلاث في البيت الأبيض قبل عدة أسابيع.

قائمة الإرهاب والعقوبات
وقال الدبلوماسي الأميركي السابق للجزيرة نت إن "أهمية السودان لواشنطن حاليا تنبع من دور إيجابي يجب أن تلعبه تجاه حل الصراع في جنوب السودان. أما قضية رفع اسم السودان من قائمة الدول الإرهابية فما هي إلا مسألة وقت فحسب".

وكان مجلس الشيوخ الأميركي قد تبنى قرارا قبل تشكيل الحكومة السودانية الحالية جاء فيه "إلى أن يتم الانتقال إلى حكومة مدنية ذات مصداقية وتعكس تطلعات الشعب السوداني، فإن عملية النظر في إزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ورفع العقوبات المتبقية على السودان، أو تطبيع العلاقات مع حكومة السودان، ستظل معلقة".

من هنا ترتفع توقعات الجانب السوداني بشأن منطقية أن يطلب من الكونغرس الوفاء بوعوده، خاصة بعدما تم الاعتراف بشرعية عملية الانتقال الديمقراطي في السودان.

ويعتقد البروفيسور جيسون بلازكيس من معهد ميدلبري للدراسات الدولية أن واشنطن تستطيع اكتساب نفوذ في الشأن السوداني، باستغلال "تصنيف السودان كدولة راعية للإرهاب" كمحفز من أجل الدفع لتأسيس دولة ديمقراطية تتمكن من محاربة الإرهاب.

من ناحيته وخلال زيارته للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك في سبتمبر/أيلول الماضي، أشار حمدوك إلى أن قرار رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب بات "وشيكا".

غير أن تيبور ناجي رد على حمدوك حينذاك وقال إن الرفع "ليس قرارا بل عملية"، وهو الأمر الذي يعني أنها ترتبط بإجراءات وقرارات تتوقعها واشنطن من الخرطوم.

مخاطبة الرأي العام الأميركي
من المقرر أن يشارك رئيس الوزراء السوداني في ندوة مفتوحة أمام المجلس الأطلسي بالعاصمة واشنطن يوم الخميس المقبل. و"ستعد هذه الفعالية اختراقا سودانيا لبعض الدوائر في واشنطن" كما يرى الدبلوماسي الأميركي السابق الذي تحدث للجزيرة نت.

وسيوفر المجلس الأطلسي -وهو منتدى لقادة الرأي- منصة هامة ليتحدث منها رئيس الوزراء السوداني مباشرة إلى الرأي العام الأميركي، وأولئك المهتمين بالشأن السوداني والشؤون الأفريقية داخل الإدارة الأميركية وخارجها.

وطالب خبير الشؤون الأفريقية بالمجلس الأطلسي كاميرون هدسون إدارة ترامب باتخاذ خطوات أكبر تجاه السودان بدلا من اتباع سياسة "لننتظر ونرَ".

وقبل أيام من زيارة حمدوك لواشنطن، قررت إدارة ترامب تمديد حالة الطوارئ الوطنية للولايات المتحدة تجاه السودان، وهو ما يعد قرارا روتينيا متوقعا منذ فرضها عام 1997. إلا أن بعض الخبراء اعتبر تلك الخطوة علامة على عدم تقدم العلاقات بين الطرفين نحو الأفضل بعد سقوط نظام الرئيس عمر البشير.

وذكر بيان البيت الأبيض أن التمديد جاء نتيجة "للإجراءات والسياسات التي تنتهجها الحكومة السودانية، والتي لا تزال تشكل تهديدا استثنائيا للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة".

وتقف عدة قضايا عالقة بين الخرطوم وواشنطن كعقبات أمام التطبيع الكامل للعلاقات الثنائية. ويعد التعاون في مكافحة الإرهاب والالتزام بقرارات مجلس الأمن الدولي تجاه مقاطعة كوريا الشمالية ضمن تلك القضايا التي "لم تحسمها الخرطوم بصورة كاملة بعد"، على حد قول الدبلوماسي الأميركي السابق للجزيرة نت.

المصدر : الجزيرة