تبّون للجزيرة نت: أنا مرشح حرّ.. وصناعة الرؤساء في الجزائر انتهت

عبد المجيد تبون أنا حرّ...ولم ترشحني أي جهة وزمن صناعة الرؤساء في الجزائر قد ولّى (الجزيرة) .
تبّون رفض اتهام أطراف للمؤسسة العسكرية بالتدخل في السياسة بعد حراك 22 فبراير/شباط الماضي (الجزيرة)

عبد الحكيم حذاقة-الجزائر

تعهد عبد المجيد تبون -أحد المرشحين الخمسة للانتخابات الرئاسية الجزائرية- بالشروع في تعديل الدستور خلال الأشهر الثلاثة الأولى من دخول قصر المرادية حال فوزه.

واعتبر في حوار خاص مع الجزيرة نت، أن إشراف سلطة مستقلة على تنظيم الانتخابات في ظل تأكيدات قيادة الجيش بأن زمن صناعة الرؤساء قد ولى، "يشكل ضمانات كافية للثقة في نزاهة الاستحقاق المقرر في 12 ديسمبر/كانون الأول".

كما رفض اتهام أطراف للمؤسسة العسكرية بالتدخل في السياسة بعد حراك 22 فبراير/شباط الماضي، مؤكدا أنه تبنى فقط مطالب الشعب. وتاليا نص الحوار:

كيف باركتم الحراك الشعبي ثم تترشحون اليوم لانتخابات مطعون في شرعيتها مسبقا، بسبب رفض ملايين الجزائريين لها؟

قلنا إن الحراك في الأسابيع الأولى كان حراكا مباركا، لقد خرج الشعب الجزائري لإسقاط العهدة الخامسة ووضع حد للعصابة، وقد حصل ذلك، كما طالب الشعب الجزائري بتطبيق المادتين السابعة والثامنة من الدستور، وهذا يعني إعادة السلطة للشعب لممارسة حقه في انتخاب من يمثله عبر صناديق الانتخاب وفق الآلية المعترف بها عالميا.

لكن الانتخابات تنعقد خارج التوافق الوطني ودون ضمانات قانونية وإجرائية وسياسية كافية وفق المعترضين عليها، بماذا تردون على هؤلاء؟

لقد طالب الحراك بإشراف سلطة مستقلة على تنظيم الانتخابات وتمت الاستجابة لهذا المطلب، كما أعلنت مؤسسة الجيش الوطني الشعبي على لسان نائب وزير الدفاع رئيس أركان الجيش في أكثر من مناسبة أن زمن صناعة الرؤساء قد ولى، وأن الجيش يحمي الشعب ومطالب الحراك إلى غاية تحقيقها كاملة.

هل من المقبول أن تنعقد انتخابات في أعقاب ثورة شعبية يتواجد بعض رموزها في السجون، ومنهم شخصيات وطنية بارزة مثل المجاهد بورقعة؛ ما موقفكم كمرشح من ذلك؟

الحراك المبارك في الأسابيع الأولى حقق أغلبية مطالبه وما تبقى منها سيتم تلبيته من طرف الرئيس المنتخب. أما بخصوص سجن بعض الأشخاص، فالعدالة هي الجهة الوحيدة المخولة بالنظر في الأمر ونحن نحترم قرارات العدالة.

كررت قيادة الجيش مرارا حيادها في الاستحقاق الرئاسي، هل لمستم ذلك في الميدان؟ وما موقفكم من تدخلها البارز في السياسة منذ 22 فبراير/شباط؟

مؤسسة الجيش التزمت بمرافقة الحراك وحماية الشعب الجزائري إلى غاية تحقيق جميع مطالبه، أما حديثكم عن تدخل المؤسسة في السياسة فهذا يعتبر إساءة للجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني.

كل ما في الأمر أنه تبنى مطالب الحراك وقام بحمايته حتى لا تراق أي قطرة دم، ودعا إلى تنظيم الانتخابات كسبيل وحيد للخروج من الأزمة، ثم أعلن أن عهد صناعة الرؤساء قد ولى.

لكن البعض -حتى من أنصاركم- يروجون أن عبد المجيد تبون مدعوم من المؤسسة العسكرية، كيف تعلقون على ذلك؟

أنا مرشح حر، ولم ترشحني أي جهة بما في ذلك الجهة التي أنتمى إليها وهي حزب جبهة التحرير الوطني.

يشك آخرون في أنكم "المرشح الخفي" لنظام بوتفليقة، بناء على وفائكم للرئيس المستقيل غداة إبعادكم من الوزارة الأولى؟

أنا خدمت الدولة الجزائرية لمدة خمسين سنة، وعملت مع كل الرؤساء السابقين من هواري بومدين وصولا إلى الشاذلي بن جديد ومحمد بوضياف.

أثرتم مؤخرا قضية الأموال المنهوبة، هل لديكم معطيات رقمية حول حجمها أو معلومات بشأن وجهتها الخارجية؟ وكيف ستعملون على استرجاعها لو منحكم الشعب الثقة؟

قلت في أكثر من مناسبة إن استرجاع الأموال المنهوبة يتطلب وجود دولة قوية، والانتخابات هي الآلية الوحيدة لاستعادة شرعية المؤسسات التي تسمح لنا بمباشرة الالتزامات الـ54 التي تضمنها برنامجنا الانتخابي.

حمل برنامجكم "الالتزام بمراجعة واسعة للدستور من أجل بناء جزائر جديدة"، ما أولوياتكم بهذا الصدد؟

الأولوية هي الشروع في تعديل الدستور خلال الأشهر الثلاثة الأولى بعد الانتخابات الرئاسية، وهذا من خلال تنصيب ورشات قطاعية لمباشرة العملية.

و إذا منحنا الشعب ثقته فسنسعى إلى مراجعة واسعة للدستور من أجل اعتماد دستور يكرس الديمقراطية ويؤسس لفصل حقيقي بين السلطات، ويعزز الصلاحيات الرقابية للبرلمان، ويسمح بعمل متناغم للمؤسسات، ويحمي حقوق وحريات المواطن، ويُجنب البلاد أي انحراف استبدادي من خلال إنشاء سلطات مضادة فعالة، ويكرس حرمة وإلزامية تحديد فترة ولاية الرئيس لعهدة واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة، ويحدد مجال الحصانة البرلمانية واقتصارها على الأفعال الواردة في سياق النشاط البرلماني.

وفق المقاربات الجديدة للأمن القومي، ينتقد خبراء العقيدة الجزائرية في عدم التدخل خارج الحدود، هل يمكن أن يراجعها تبّون بالنظر إلى التوترات الإقليمية؟

العقيدة التي تتحدثون عنها نابعة من عقيدة ومبادئ ثورة نوفمبر/تشرين الثاني المجيدة التي لا تحبذ التدخل في شؤون الغير، هذا مبدأ لن تحيد عنه الجزائر حاضرا ومستقبلا.

طرحتم فكرة الإصلاح الشامل للتنظيم الإقليمي ولتسيير الإدارة المحلية، فهل تؤيدون اعتماد النظام الفدرالي؟

الإصلاح الشامل للتنظيم الإقليمي ولتسيير الإدارة المحلية الذي سنقوم به، يهدف إلى تعزيز الدور التنموي لكل الموارد والمقدرات التي تتوفر عليها كل منطقة، واستغلالها بشكل عقلاني مستدام يهدف إلى خلق الثروة وتحقيق التنمية والنمو وتحقيق الرفاه للمجموعة الوطنية على أساس العدل والمساواة بعيدا عن الاحتكارات والإقصاء والتهميش مهما كان نوعه أو مصدره.

ويتضمن هذا الإصلاح أيضا بإعادة تنظيم الإقليم بما يجعل الفضاء الوطني متناغما في إنتاج الثروة والقيمة المضافة، بما يضمن القضاء على الفوارق والفجوات في أي مجال من المجالات وعلى كل الأصعدة، وبالتالي فإن هذا الإصلاح لا علاقة له بما تتحدثون عنه. اعتماد النظام الفدرالي غير مطروح أصلا في رؤيتنا لتنظيم الدولة.

أكدتم على تعزيز العروبة والأمازيغية ضمن مكونات الهوية الوطنية، ما رؤيتكم لإنهاء الصراع الأيديولوجي في هذا الاتجاه؟

هذه القضية لا تعتبر مشكلة بالنسبة لنا، بما أن الدستور قد فصل فيها نهائيا، أما بخصوص القضايا اللغوية فهي مطروحة على الخبراء والمختصين للفصل فيها.

وعدتم الناخبين بتنفيذ سياسة فعالة لترقية وتمكين المرأة، فهل تقبلون بالمساواة بين الجنسين خارج أحكام الشريعة الإسلامية، لو فزتم بالرئاسة؟

المادة الثانية من الدستور واضحة وتنص على أن الإسلام هو دين الدولة، ونحن مسلمون ولا اجتهاد مع النص.

تعهدتم بإصلاح التربية والتعليم، بينما يعتبر الكثيرون أن المناهج الجزائرية مستوحاة من المدرسة الفرنسية، هل لديكم مقاربة أكثر وطنية وانفتاحا على العالم؟

مقاربتنا للتربية والتعلم العالي تقوم على نظرة شاملة وليست جزئية، ذلك لأننا نسعى إلى جعل المدرسة إطارا للتربية والإيقاظ الفكري للتلاميذ، من خلال إطلاق مراجعة بيداغوجية (تربوية) وتخفيف البرنامج الدراسي لفائدة النشاطات الثقافية والرياضية والفنية، من أجل تنمية قدرات التلاميذ وضمان تكافؤ الفرص وجعل المدرسة الوسيلة المفضلة للترقية الاجتماعية ووضع الجودة والفعالية في قلب النظام التربوي ووضع حل نهائي لمشكلة النقل المدرسي -ولا سيما في المناطق المهمشة- وترقية الرياضة المدرسية عن طريق إنجاز الهياكل الملائمة وتنظيم المنافسة الجهوية والوطنية.

على صعيد السياسة الخارجيّة، هل يشكل ملف إحياء الاتحاد المغاربي رهانا مستعجلا لديكم، وكيف ستتحركون في إطاره؟

الجزائر ملتزمة ببناء مؤسسات اتحاد المغرب العربي، ففي عصر التكتلات لا يعقل أن تبقى شعوب المغرب العربي مشتتة وهي بمقدورها أن تشكل قوة بشرية قوامها مئة مليون نسمة، وهي التي تعد قوة إنتاجية بمقدورها أن تحقق التكامل الاقتصادي بين بلدان المغرب العربي وفي نفس الوقت تشكل قوة استهلاكية نتفاوض بها مع التكتلات الدولية الأخرى.

ذلك فضلا عن العناصر الموحدة لنا مثل اللغة والدين الإسلامي وحتى المذهب والتاريخ المشترك والنضال المشترك لشعوبنا، كما أن مستقبلنا مرهون بوحدتنا، والجزائر تمد يدها للجميع في سبيل هذه القضية المبدئية.

التحاليل تؤكد أن العلاقات الجزائرية الفرنسية فاترة منذ اندلاع حراك 22 فبراير/شباط، ما تصوركم لبناء المستقبل مع المستعمر القديم؟

الجزائر تتعامل مع جميع الشركاء على قدم المساواة وفي إطار الاحترام المتبادل، ونحن نعتبر أن سمعة الجزائر خط أحمر.

والجزائر ستتعامل مع جميع الدول في ظل الاحترام المتبادل باستثناء دولة واحدة هي إسرائيل، بسبب استمرار احتلالها لفلسطين ووضع كل العراقيل أمام تطبيق الشرعية الدولية المتمثلة في قرارات الأمم المتحدة ورفض حل الدولتين.

لو فزتم بالرئاسة، هل ستستجيبون لمطالب الجزائريين بإصدار قانون لتجريم الاستعمار الفرنسي؟

الدولة الجزائرية التي ينشدها الحراك وحلم بها الشهداء هي دولة المؤسسات، وإذا صدر قانون عن البرلمان في هذا الشأن فسأكون أول من يرحب به.

الكثير من الخبراء ينتقدون تسرّع الجزائر في شراكتها مع الاتحاد الأوروبي ومنظمة التجارة العالميّة، وحتى استعدادها لدخول منطقة التجارة الحرة الأفريقية، هل ستعيدون النظر في كل تلك الخيارات؟

اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي لم يحقق كامل الأهداف المرجوة منه، وبالتالي لا نرى مانعا في طرح الموضوع على شركائنا حتى تكون الشراكة على أساس رابح-رابح، وحتى يأخذ شركاؤنا بخصوصيات الاقتصاد الجزائري.

كذلك سنتجه في المستقبل -إذا منحنا الشعب ثقته- نحو تنويع الشركاء وتنويع العلاقات الاقتصادية والتجارية مع جميع الفضاءات، سواء في المنطقة العربية أو منطقة التبادل الحر الأفريقية التي ستدخل حيز الخدمة العام القادم مع مراجعة الاتفاقات التي لا تخدم المصالح الجزائرية.

المصدر : الجزيرة