ميديابارت: احتجاجات العراق صرخة شباب مهمل.. ما دوافعها؟
أسئلة حاول الكاتب بموقع ميديابارت الفرنسي جان بيير بيرين الإجابة عنها. وقد أقر في البداية أن متزعمي هذا الحراك لم يتحددوا بعد، لكن ما هو مؤكد أن مسلحين نصبوا كمائن في شوارع بغداد منذ الجمعة الماضية بهدف القتل بدم بارد وبشكل ممنهج، مستهدفين شبابا بعينهم ومطلقين النار على رؤوسهم.
وهنا يقول الكاتب إن التهم توجه بوسائل التواصل لأكثر من جهة، فثمة من يتحدث عن قوات النخبة بالشرطة العراقية ومن يتهم خلايا نائمة لتنظيم الدولة، لكن الغالبية توجه أصابع الاتهام لرجال المليشيات الموالية لإيران الذين يجوبون الآن كامل أراضي العراق والذين "رأيناهم بالفعل يطلقون النار على الحشود".
وأيا كان المسؤول، فمما لا شك فيه -حسب بيرين- أن دخول القناصة في المشهد ينذر بأن يكون هذا البلد قد دخل بالفعل في دوامة من العنف تخرج شيئا فشيئا عن نطاق السيطرة.
ويضيف المقال أنه فيما عدا العدد القليل من رجال الشرطة، فإن الضحايا من شباب تلك المناطق، إذ إن السنة والأكراد لم يشاركوا في هذه الاحتجاجات.
ويرى الكاتب أن الدافع الأساسي لهؤلاء المتظاهرين هو اليأس وغياب أي أفق لمستقبل زاهر.
القشة
ويلفت إلى أن الخطأ الكبير لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي بإقالة الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي من منصبه كقائد لمكافحة الإرهاب، فقد مثل ذلك القشة التي قصمت ظهر البعير، إذ رأى فيه المتظاهرون عدم إنصاف "لبطل وطني" أثبت جدارته الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية خلال معارك بيجي وتكريت والفلوجة والموصل، وكان رأس الحربة فيها.
وينقل الكاتب -عن الباحثة الخبيرة بالشؤون العراقية في مركز البحوث والدراسات الإسلامية والعربية مريم بن رعد- قولها إن الفريق الساعدي لم يكن موضع تقدير من قبل الشباب الشيعي فحسب، بل أيضًا من السنة والأقليات عمومًا وحتى الأكراد.
ويؤكد العالم السياسي والمتخصص بالشرق الأوسط خطار أبو دياب أن "الاحتجاجات في العراق صرخة شباب مهمل يائس، إنهم عفويون وغير حزبيين ولا يمكن لأي كان التلاعب بهم، كما تحاول الحكومة أن تسوق له".
ويصف الكاتب الوضع حاليا بأنه "فظيع" إذ تصل البطالة حوالي 40%، مما يؤثر على واحد من كل أربعة شبان في بغداد، كما يؤثر انقطاع التيار الكهربائي ونقص مياه الشرب يوميا على سكان المدن الجنوبية، كما أن موظفي الخدمة يتقاضون رواتبهم بعد تأخير قد يستغرق شهورا، رغم أنهم يشكلون العمود الفقري للبلاد.
الفساد
ومما يفسر أيضا الغضب الشعبي من الفساد الذي يلتهم الطبقة السياسية برمتها، فالعراق هو البلد العاشر الأكثر فسادا.
وينضاف إلى ذلك سبب آخر وهو العنف الشديد والقمع الذي تمارسه فرق مكافحة الشغب في تصديها للاحتجاجات، فقد أطلقت النار منذ الساعات الأولى على المتظاهرين في بغداد لتفريقهم ومنعهم من الوصول إلى مقر الحكومة في "المنطقة الخضراء".
وسعيا منها لوأد الحراك الغاضب، فرضت الحكومة حظر تجول كما قطعت الإنترنت، ورد المحتجون بحرق مقرات الأحزاب السياسية والمليشيات. وما يصبو إليه هؤلاء المحتجون -حسب الباحثة بن رعد- أن يكونوا مواطنين كاملين، فهم يحسون بالغبن وبأنهم خذلوا من قبل جميع أهل السياسة الذين تولوا السلطة منذ عام 2003.
وطالبت بن رعد أن يتذكر الجميع أن القمع الحاد الذي تعرضت له المدن السنية في احتجاجاتها هو الذي تمخض عن ولادة تنظيم الدولة "والآن نحن أمام شباب شيعي ثائر ضد سلطة يقودها الشيعة، وعلينا أن نسأل أنفسنا ما الذي سيمخض عنه ذلك؟".