توقف دعم المشافي يعرض 150 ألف نازح بريف اللاذقية للخطر

مرضى ينتظرون العلاج داخل مشفى الساحل بريف اللاذقية (خاصة)
مرضى ينتظرون العلاج داخل مشفى الساحل في ريف اللاذقية (الجزيرة نت)

عبد السلام حاج بكري-ريف اللاذقية

"لنا الله بس، حق دوا ما معي، والمشفى ما فيه. منين بدي جيب يا دكتور؟ والله خايفة يموت الصبي". إنها أم رامي تحمل صغيرها الذي لم يتجاوز السنتين، وقد أخبرها الطبيب بضرورة شراء دواء معالجة الربو على الفور لأنه لم يعد متوفرا في صيدلية المشفى.

هذه صورة صغيرة عن الوضع الصحي في مخيمات النازحين من ريف اللاذقية (شمال غربي سوريا)، وستزداد الصور اللاحقة قتامة ما لم تستجب المنظمات الدولية للنداء الذي أطلقته مديرية صحة الساحل بعدما أوقفت منظمات أميركية الدعم عن مشافي ريف اللاذقية وريف إدلب الغربي دون إنذار مسبق.

يبلغ عدد النازحين الذين تقدم لهم المديرية الخدمات الطبية ما يقارب 150 ألف نازح ومقيم، اعتادت مشافيها تقديم الدواء مجانا للمرضى.

لكن كل شيء توقف أو يوشك أن يتوقف، وقد أصدرت قبل أيام بيانا ناشدت فيه المنظمات الدولية تقديم الدعم اللازم لها وللمشافي كي تتمكن من تأمين العلاج للمرضى، وغالبيتهم من الأطفال والنساء.

وأكد البيان أن مديرية صحة الساحل لا تنتمي لأي فصيل عسكري أو سياسي، وتعمل على معالجة المرضى دون النظر إلى انتماءاتهم، وطلبت من المنظمات الدولية المعنية بالشأن الصحي إعادة توفير اللوجستي والمادي اللازم لتشغيل المشافي بطاقتها الكاملة.

‪الدكتور خليل آغا مدير صحة الساحل أثناء عمله في المشفى‬ الدكتور خليل آغا مدير صحة الساحل أثناء عمله في المشفى (مواقع التواصل الاجتماعي)
‪الدكتور خليل آغا مدير صحة الساحل أثناء عمله في المشفى‬ الدكتور خليل آغا مدير صحة الساحل أثناء عمله في المشفى (مواقع التواصل الاجتماعي)

توقف الدعم
وأوضح مدير صحة الساحل خليل آغا أن منظمات أميركية وألمانية كانت تقدم ما يقارب 70% من مستلزمات تشغيل المشافي أوقفت دعمها تماما دون مبرر.

وقال آغا للجزيرة نت إن النسبة المتبقية توفرها منظمات طبية خاصة، مضيفا أن ذلك غير كاف لرعاية العدد الكبير من المرضى، خاصة في العمليات الجراحية وتقديم الدواء المجاني.

وأكد أن غالبية السكان يعيشون على المساعدات، وأنه لا توجد عجلة اقتصادية متحركة في المنطقة أو مشاريع يمكنهم العمل بها.

وشدد على أن هؤلاء في أمس الحاجة لتوفير الخدمات الطبية مجانا، محذرا من أن الوضع الصحي لهذا العدد الكبير من النازحين سيسوء، لا سيما أن الدعم توقف أيضا عن المشافي في منطقتي إدلب وريف حماة المجاورتين، وقد كانتا وجهة لهم عندما يتوقف الدعم عن ريف اللاذقية.

‪سيدة سورية تتلقى العلاج في أحد المشافي بريف اللاذقية‬ سيدة سورية تتلقى العلاج في أحد المشافي بريف اللاذقية (الجزيرة)
‪سيدة سورية تتلقى العلاج في أحد المشافي بريف اللاذقية‬ سيدة سورية تتلقى العلاج في أحد المشافي بريف اللاذقية (الجزيرة)

دون حل
ويقول مدير صحة الساحل إن إغلاق الحدود من الجانب التركي يضيّق الحلول بوجه المرضى، وإن المديرية تسعى مع منظمات سورية وجهات في المعارضة لإيجاد مصدر تمويل بديل، لكنه يؤكد أنه لا مؤشرات طيبة في الأفق.

ويوضح أن أكثر الاختصاصات تضررا من وقف الدعم كانت العيادات السّنّية التي أغلق أكثرها ولم يعد المتبقي منها يقدم إلا خدمات بسيطة، وبات على المرضى إما الصبر على آلامهم أو الاستدانة لدفع تكاليف العلاج في العيادات.

بسام محمد المدرّس النازح من ريف اللاذقية يلوم مؤسسات المعارضة لتقصيرها في إيجاد مصدر تمويل مستقر لمشافي الساحل، مشيرا إلى أنها صرفت كل ما وصل للثورة من أموال بطرق وصفها بغير الشرعية.

وقال للجزيرة نت "كان على المعارضة ومؤسساتها إقامة مشاريع إنتاجية ربحية تشغل الأيدي العاملة وبذلك تغنيها عن انتظار سلة الإغاثة، وتوفر لها بعض المال لاحتياجات العلاج عند الضرورة، وتكون في الوقت ذاته مصدر تمويل للخدمات الصحية".

ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها مخيمات النازحين من ريف اللاذقية لمثل هذه الأزمة ولن تكون الأخيرة، ورغم معرفة المنظمات المحلية والدولية ومؤسسات المعارضة بالوضع، فإنها أبت إلا أن تترك المنطقة تواجه خطر النقص في الخدمات الطبية، وهي التي تعاني أصلا من القصف اليومي المتكرر يرافقه شبح اجتياح قوات النظام لها.

إضافة إلى الانفلات الأمني الذي تعيشه المخيمات بسبب تناحر الفصائل العسكرية المعارضة فيما بينها وانتشار ملثمين يقتلون ويخطفون.

المصدر : الجزيرة