ناشيونال إنترست: انسحاب ترامب من سوريا.. ماذا يعني للشرق الأوسط؟

قوات أمريكية خاصة قرب الرقة
قوات أميركية قرب الرقة السورية (الجزيرة-أرشيف)

تساءل مقال في مجلة ناشيونال إنترست عما يعنيه انسحاب الرئيس دونالد ترامب من سوريا للشرق الأوسط، وهل يمكن أن يقود هذا الانسحاب إلى انفراج بين طهران والرياض بشأن دمشق؟

وأشار كاتب المقال أليكس فاتانكا -وهو زميل بمعهد الشرق الأوسط ومؤسسة جيمس تاون في واشنطن ومتخصص في السياسات المحلية والإقليمية الإيرانية- إلى أن قرار ترامب سحب القوات الأميركية من سوريا لا يزال محيرا في واشنطن، وينظر إليه على نطاق أوسع بأنه يعطي اليد العليا لثلاث جهات فاعلة رئيسية منخرطة في الحرب السورية هي روسيا، وإيران وحلفائها، وتركيا.

وذكر فاتانكا أنه في حالة إيران يبدو الكثير من النقاد في واشنطن متأكدين من أن انسحاب الولايات المتحدة من سوريا لن يؤدي إلا إلى إثارة شهية طهران لمزيد من المغامرات الخارجية في سعيها إلى تعزيز أجندتها الإقليمية، وقد تثبت صحة ذلك على المدى الطويل، لكن على المدى القصير من الواضح أن الإيرانيين قلقون نوعا ما من التطورات ومصيرهم في سوريا.

وبالنسبة لرد فعل طهران من الانسحاب يشير الكاتب إلى أن العديد من المعلقين الإيرانيين وصفوا القرار بأنه مجرد خطوة سياسية لرئيس أميركي مكروه يحب أن يعطي نفسه فرصة للمقاومة للفوز بفترة رئاسية ثانية عام 2020.

وهذه المدرسة الفكرية في طهران ترى ترامب كشخص يعلم أن أي التزام عسكري أميركي مفتوح تجاه سوريا أمامه الكثير من العثرات، ليس أقلها أن لديه إمكانية تقليل فرص إعادة انتخاب ترامب إذا ما اضطرت واشنطن إلى توسيع عملياتها العسكرية في سوريا.

وجهات نظر إيرانية
وهناك اعتراف أيضا بأن قرار ترامب يحظى بتأييد واسع في الولايات المتحدة، ومع أن العديد من الأميركيين لا يؤيدون إجمالا سياسة ترامب الخارجية لكنهم يعتقدون أن الجيش الأميركي ليس لديه سبب إستراتيجي مقنع للبقاء في شرق سوريا.

وبعبارة أخرى، فإن قرار ترامب في سوريا لم يكن صدفة، ومن غير المرجح أن ينقض.

ويرى الكاتب أن هذه القراءة في طهران تتطابق مع العديد من التقييمات المتاحة في الولايات المتاحة بشأن قرار ترامب في سوريا.

ومع ذلك، هناك وجهات نظر إيرانية أخرى -التي قد يتشاركها كثيرون في أعلى المناصب بالنظام الإسلامي في طهران- ترى أن قرار ترامب ليس عملية حسابية مفاجئة أو سياسية وبالتالي تستند إلى حكم إستراتيجي ضعيف، وبدلا من ذلك ينظر إليه على أنه جزء من خطة أميركية حكيمة لإطالة أمد الحرب السورية.

ويعتقد هؤلاء المراقبون أن ترامب ينسحب من سوريا في إطار خطة لكسر الشراكة بين إيران وتركيا وروسيا من خلال إخراج أنقرة من الوعد الأميركي بمنحها حرية التصرف بقوة ضد الأكراد السوريين الأعداء الرئيسيين لتركيا في سوريا.

وبناء على وجهة النظر هذه فإن قرار الانسحاب من سوريا لم يكن مجرد حالة من الأداء المسرحي السياسي من جانب ترامب، بل يقدم كمخطط أميركي لإطالة أمد الحرب السورية وحرمان إيران وروسيا ونظام بشار الأسد من فرصة حل النزاع سياسيا الآن، وقد قبلت المعارضة إلى حد كبير الهزيمة في ساحات المعارك. 

الخطة البديلة
واستعرض الكاتب تقييما إيرانيا يرى أنه أكثر دقة كان يمكن أن يشير بدلا من ذلك إلى واقعين لا يمكن انكارهما، أولا: أن واشنطن لم تكن لديها إستراتيجية سورية من أي مضمون منذ اندلاع الحرب عام 2011، وهو ما استفادت منه طهران كثيرا بلا شك، وهذا ينفي الحجة القائلة إن إطالة أمد الحرب هي أساس ترامب لسحب القوات الأميركية، وكان هذا يتطلب نوعا من المخيلة السياسية التي لم تكن واضحة في التصرفات الأميركية في سوريا.

وثانيا: الإيرانيون محقون في رؤية عدم وجود تحرك أميركي في سوريا لتمهيد الطريق لمقاربة جديدة من العالم العربي تجاه دمشق، وهذا الأمر يقلق طهران بحكم تنافسها مع قوى عربية مثل السعودية والإمارات على النفوذ الإقليمي.

وأشار فاتانكا إلى تحرك الإمارات لإعادة فتح سفارتها في دمشق ومشاركة السعودية في إعادة الإعمار وزيارة الرئيس السوداني عمر البشير لدمشق بأنها جميعا تسير في اتجاه ما يمكن أن يطلق عليها "الخطة باء" (البديلة) بعد أن أدركت الدول التي كانت مناوئة لنظام الأسد أن الولايات المتحدة لا يمكن الاعتماد عليها، وأن المجهود العسكري الروسي الإيراني لإنقاذ نظام الأسد من المرجح أن يسود.

وبالتالي -وفقا للكاتب- فإن هذه الخطة ترجو منها دول مثل السعودية والإمارات أن تلعب دورا جوهريا في جهود إعادة الإعمار بعد الحرب للبقاء في اللعبة السورية.

وختم مقاله بأن طهران ملتزمة علانية بإيجاد طرق لتقليل التوترات مع منافسيها العرب الخليجيين، ولم يكن الانفراج الخليجي الإيراني هدفا لترامب عندما سحب قواته من سوريا، وبتنحية روسيا وتركيا جانبا فإن إيران وخصومها العرب الخليجيين يمكن أن ينظروا إلى هذه اللحظة على أنها فرصة لعدم تكرار أخطاء السنوات الثماني الماضية من الحرب في سوريا.

المصدر : ناشونال إنترست