الطفل البطل.. حقق لموريتانيا أول ميدالية ذهبية في تاريخها بلعبة الشطرنج ونال وسام نجمة القدس

بعد أن أصبح أول موريتاني يحصد ميدالية ذهبية رياضية على الإطلاق، أصبح الحلم الأول للبطل عبد الرحيم أن يكون أول موريتاني ينال رتبة ولقب أستاذ دولي كبير، وهو أعلى رتبة في عالم الشطرنج.

طفل موريتاني بطل في لعبة العباقرة الشطرنج
البطل عبد الرحيم أحمد الطالب أدخل إلى موريتانيا أول ذهبية في تاريخها على مستوى الرياضة بصفة عامة (مواقع التواصل)

نواكشوط – استطاع الفتى الموريتاني البطل عبد الرحيم أحمد الطالب، الذي لم يكمل عامه الـ14 بعد، خطف الأنظار والفوز ببطولات محلية وقارية في لعبة الشطرنج أهلته لخوض نهائيات عالمية.

الفتى الموريتاني الصغير عبد الرحيم، بطل أفريقيا في الشطرنج والفائز بميداليتها الذهبية، يدخل السرور من جديد على الجماهير الموريتانية بفوزه ببرونزية أفريقيا، فزاد تصنيفه العالمي بـ50 نقطة.

وتوّج اللاعب بالميدالية البرونزية في بطولة أفريقيا تحت 20 عاما، والتي احتضنتها ليبيريا، متفوقا على لاعبين أكبر منه سنا، وبعد هذا الإنجاز تم استقبال البطل في جو احتفالي في مطار أم التونسي الدولي استقبالا رسميا وشعبيا، وسط احتفاء به في مواقع التواصل الاجتماعي.

البطل الصغير في تصريح له بعد وصوله للمطار، قال إن هدفه لم يكن البرونزية وإنما كان الذهب، "كان أملي أن أفوز بالذهبية في البطولة ولكن المخاطرة في إحدى الجولات كانت السبب في عدم إحرازي المرتبة الأولى"، معلنا عن إهداء ميداليته للشعب الموريتاني وإلى مدربه مولاي بن بيدي.

وحقق عبد الرحيم بمفرده إنجازات لم يستطع فريق كرة القدم أن يحققها، ولا حتى فرق الرياضات الأخرى في موريتانيا. الطفل الصغير شارك في بطولات قارية ودولية، حصد خلالها جوائز وميداليات ذهبية وبرونزية، ورفع اسم موريتانيا في المحافل الدولية، وبات أول لاعب موريتاني ينال شرف التضامن مع فلسطين المحتلة بانسحابه من بطولة عالمية، رافضا مواجهة ممثل إسرائيل، "الدولة الوهمية"، حسب قوله.

صعود مبكر

كانت بداية صعود الموهبة عام 2013 عندما كان الطفل الصغير يشاهد مباريات أبيه مع أصدقائه، بدأ الطفل في عامه السادس يسأل أسئلة عميقة عن اللعبة، وهو ما نال إعجاب الأب وأصدقائه، وكانت تلك هي بداية اكتشاف الموهبة، ليبادر الأصدقاء بعدها مباشرة بتطويرها وصقلها بإشراف من الأب المهندس الطالب أحمد عضو الفريق الوطني للشطرنج ونائب سابق لرئيس الاتحادية الموريتانية للشطرنج، إضافة إلى المدرب عبد الرحيم مولاي بن بيدي.

ويتحدث محمد سالم إيّاهي نائب رئيس اتحادية الشطرنج  نائب رئيس اتحاد الشطرنج في موريتانيا للجزيرة نت عن بدايات عبد الرحيم قائلا "اكتشفنا منذ سنوات أن هناك مواهب وطنية قابلة للنبوغ إذا استثمر فيها، وابتداء من السنوات القليلة الماضية بدأت الاتحادية بخطة تركز على الأجيال الصاعدة، بخطط علمية تدريبية على مقاييس معروفة عالميا، واكتشفنا عبد الرحيم في وقت مبكر، وفي سن السابعة وضعناه في الرعاية اللازمة لتطوير مهاراته، وخصص له مدرب، ووضعت الاتحادية تحت تصرفه البرامج الحاسوبية".

واضاف أن نقطة التحوّل كانت في عام 2018 حينما أرادت الاتحادية أن تضمه لفريق الكبار الوطني المشارك في أولمبياد الشطرنج في جورجيا، ليحتكّ ويأخذ التجربة في المنافسات الدولية، وبالفعل حقق نتائج جيدة، وبدأت رحلة تميزه منذ ذلك الوقت.

الطفل الموريتاني الصغير عبد الرحيم بطل إفريقيا في الشطرنج
البطل عبد الرحيم أحمد الطالب  ظهرت موهبته واهتمامه بلعبة الشطرنج منذ صغره (مواقع التواصل)

مشاركات مكثفة

وقبل أن يكمل عقده الأول، بدأ بمقارعة الأبطال في مختلف البطولات المحلية والقارية، وفي عامه التاسع تحديدا شارك في أول بطولة خارجية له، وكانت تونس حينها هي ميدان التحدي، حيث شارك في بطولة العرب للشطرنج تحت 10 سنوات، ونال المرتبة الثانية محققا الانتصار في 5 جولات، وتعادل في واحدة، مقابل 3 خسارات.

وفي عام 2021 تمكّن لاعب الشطرنج الموريتاني الفتى البطل عبد الرحيم أحمد الطالب من بلوغ ربع نهائي بطولة العالم للشطرنج للفئات العمرية، وفي مواجهته اللاعب الروسي مورزين فولودار، خسر اللاعب الموريتاني بعد النقلة الـ49.

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، حقق لاعب الشطرنج الموريتاني عبد الرحيم الميدالية الذهبية لبلاده في البطولة الأفريقية للشطرنج للفئات العمرية أقل من 14 عاما، ولم يخسر أي مباراة في تلك البطولة التي احتضنتها غانا. وضمن الذهبية لموريتانيا في إنجاز تاريخي بعد أن فاز في مباراته على منافسه الجنوب أفريقي.

ويؤكد أحمد سالم بباهي أن "هذا الإنجاز تاريخي بالنسبة لموريتانيا، إذ لم يسبق لرياضي موريتاني أن أحرز ميدالية ذهبية، فهي أول ميدالية ذهبية على مستوى الرياضة بصفة عامة في البلاد، والدولة أدركت ذلك واستقبلته استقبال الأبطال".

مواقف تاريخية

وخلال مشاركته في بطولة العالم للناشئين التي كان ينافس فيها على التأهل، كان عبد الرحيم على موعد مع قرار تاريخي سيتخذه في هذه البطولة، إذ قرر الانسحاب من البطولة بعد أن وضعته القرعة في الجولة الأخيرة مع لاعب من دولة الاحتلال، رافضا مواجهة "ممثل دولة وهمية" دعما لفلسطين المحتلة.

وصرح حينها "قررت الانسحاب لأنني أرفض اللعب مع ممثل لدولة وهمية غير موجودة في الحقيقة".

خطوة جريئة وشجاعة جعلت صيت اللاعب الصغير يتخطى حاجز البلاد، ولاقت استحسانا وإشادة واسعة على الصعيدين المحلي والعربي، وبعد تضامنه مع فلسطين، وبأمر من الرئيس الفلسطيني محمود عباس منحته سفارة فلسطين في موريتانيا وسام نجمة القدس.

السفير الفلسطيني يسلم الطفل عبد الرحيم وسام نجمة القدس (المصدر مواقع التواصل)
السفير الفلسطيني في نواكشوط يكرم لاعب الشطرنج البطل عبد الرحيم أحمد الطالب  بوسام نجمة القدس (مواقع التواصل)

تكريم فلسطيني

يقول عبد الرحيم "لقد تم منحي قبل 3 أشهر وبأمر من الرئيس الفلسطيني محمود عباس وسام نجمة القدس، وأحتفظ بهذا الوسام لأنه أفضل من كل الأوسمة والجوائز"، مضيفا أن "هذا الوسام من أرفع الأوسمة الفلسطينية، ومن أبرز الحائزين عليه الملك عبد الله الثاني بن الحسين عام 2011، والملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود عام 1998".

 

 

 

طموحات وآفاق

شكلت نتائج عبد الرحيم البطولية حافزا قويا للاتحادية الموريتانية للشطرنج لتستثمر في أمثاله من الناشئين ولتتخذ منهجا جديدا في التكوين والتدريب، يقول أحمد سالم بباهي "مستوى الشطرنج اليوم في موريتانيا أصبح منافسا على المستوى الوطني وحتى على المستوى القاري، في تقدم كبير" للعبة.

وبما أن لعبة الشطرنج تعتمد أساسا على اكتشاف المواهب في وقتها، ولا تحتاج إلى موارد مالية ضخمة وبنى تحتية كبيرة مثل الرياضات الأخرى، فإن الاتحادية -كما يقول بباهي- "الآن تركز على الشطرنج المدرسي والفئات العمرية الصغيرة، ولدينا أكاديمية جديدة ستكوّن جيلا كاملا من صغار السن"، مضيفا أنهم مصرون على مواكبة هذه المواهب لتحقيق مزيد من الألقاب.

ويبقى الآن الحلم الأول للبطل عبد الرحيم أحمد الطالب هو أن يصبح أول موريتاني ينال رتبة ولقب أستاذ دولي كبير (International Grand Master)، وهو أعلى رتبة يحملها لاعب شطرنج، ويمنحها الاتحاد الدولي للشطرنج مدى الحياة لمن يستوفي الشروط اللازمة، وذلك بعد أن بات أول موريتاني يحصد ميدالية ذهبية رياضية على الإطلاق.

المصدر : الجزيرة