مشاهد من يوم تاريخي ببريطانيا.. شكسبير يتلقى لقاح كورونا ومارغريت المحظوظة تنسي جونسون هموم بريكست

هذه أفضل هدية عيد ميلاد مبكرة".. مسنة بريطانية أول شخص في العالم يحصل على لقاح "فايزر-بيونتيك" المضاد لكورونا
السيدة مارغريت تعتبر نفسها "محظوظة" لتكون أول شخص يستفيد من لقاح كورونا (الجزيرة)

هذا يوم اختلطت فيه مشاعر الفرح بالأمل والفخر عندما نقلت عدسات الكاميرا حقن أول سيدة في بريطانيا وفي العالم بلقاح "فايزر-بيونتك" (Pfizer-BioNTech)، في لحظة تمثل أول خطوة في مشوار الألف ميل للقضاء على فيروس كورونا.

ولأن الحدث مهم والأمر جلل، فقد دبت الحركة في جنبات مستشفى "كوفنتري" وسط لندن في الساعة السادسة صباحا بتوقيت غرينتش، إيذانا بوصول اللقاح ووصول أول سيدة تتلقى اللقاح. وفي ظل تصفيق العاملين في المستشفى الذين أقاموا ممرا شرفيا، تقدمت السيدة مارغرت كينان البالغة من العمر 90 سنة لتلقي أول جرعة من اللقاح.

وبهدوء تقدم السيدة التسعينية ذراعها للممرضة لحقنها بالجرعة الأولى، في انتظار 21 يوما قبل العودة لتلقي الجرعة الثانية من اللقاح.

فرح وأمل

الملايين حول العالم كانوا ينتظرون هذه اللحظة، أن يسري لقاح في العروق يقي من فيروس أوقف حركة العالم وخلف عشرات الآلاف من الوفيات والملايين من الإصابات.

تعي مارغريت أو ميغان كما تطلق عليها أسرتها، أهمية وخصوصية هذه اللحظة، معتبرة نفسها "محظوظة" لتكون أول شخص يستفيد من اللقاح، وقالت ميغان إن "هذه هي أفضل هدية لعيد ميلادي ولم أكن لأنتظر أفضل منها لدخول عامي الواحد والتسعين".

سعادة ميغان مبررة بعد أن قضت سنة تقريبا وهي تعزل نفسها ولا تخرج إلا قليلا، كما أنها كانت بعيدة عن أسرتها، وها هي اليوم قريبة من الاجتماع بأسرتها وأصدقائها، "لقد قضيت العام بأكمله تقريبا لوحدي ولا ألتقي بأحد خوفا من العدوى".

حالة ميغان تلخص معاناة الملايين من كبار السن الذين وجدوا أنفسهم في عزلة لأنهم الطرف الأكثر هشاشة في المعركة ضد كورونا، ولهذا كان القرار هو البداية بهم وتحصينهم ضد الفيروس.

لم تكن ميغان الوحيدة في تلك الصورة التي ستخلد هذه اللحظة التاريخية، بل كانت معها الممرضة بيرسون التي قالت إنها "جد فخورة بالقيام بدور في هذه اللحظة التاريخية بعد كل هذه الأشهر العصيبة، الآن يمكن القول إن هناك نورا يلوح في نهاية النفق".

شكسبير يتلقى اللقاح

ولأن الحدث تاريخي، والمكان هو بريطانيا، فلا يمكن الجمع بين الصفتين، دون أن يكون لاسم شكسبير نصيب من هذا اليوم، ذلك أن من بين من تلقى اللقاح رجلا اسمه ويليام بيل شكسبير، بل أكثر من هذا هو مقيم في الحي نفسه الذي كان يقطنه الكاتب ويليام شكسبير.

هكذا هو مكر التاريخ أو مصادفاته التي يكون لها دلالة، فكما بعث شكسبير الأدب الإنجليزي، كذلك يبعث شكسبير المعاصر الأمل في أنفس الملايين عبر العالم، كما أنه يشهد على التقدم العلمي والطبي في بلاده.

وتفاعل الكثير من المغردين مع حادثة تلقيح شكسبير البالغ من العمر 81 سنة، إذ كتب أحدهم تعليقا على الحادث قائلا "المريض أكون أو لا أكون" في إحالة لعبارة شكسبير الشهيرة "أكون أولا أكون".

وبالفعل فالسؤال حاليا في بريطانيا والعالم "هل نكون أو لا نكون؟ في مواجهة هذه الجائحة مع بداية عملية التلقيح؟

قلق وترقب

بالموازاة مع تلقيح كبار السن، انطلقت أيضا عملية تلقيح العاملين في دور رعاية كبار السن والقطاع الصحي، وكان أول المستفيدين من هذه العملية الممرضة جوان سلون، التي عبّرت عن امتنانها لتلقي اللقاح.

وتصف سلون مشاعرها قبل تلقي اللقاح بأنها كانت مزيجا من القلق والترقب، قبل أن تتغلب على هذه المشاعر بالتفكير بأن هذه المرحلة هي الأهم في مواجهة الفيروس، مضيفة أن القطاع الصحي والعاملين فيه نالوا نصيبهم من المعاناة مع هذا الفيروس سواء في العمل أو فقدان الأقارب وزملاء العمال، "وأخيرا نحن في مرحلة القضاء على الفيروس".

وبعثت برسالة طمأنة للجميع بأنها لم تشعل بأي آلام خلال تلقي اللقاح، ولم تشعر بأي تغيير بعد تلقيها الجرعة الأولى.

سعادة جونسون

ووجد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون متنفسا من ضغط مفاوضات البريكست المتعثرة مع الأوروبيين، فخرج على مواطنيه مبشرا بأول خطوة في حرب طويلة للقضاء على الفيروس، وبدا جونسون في تصريحه لوسائل الإعلام منشرحا سعيدا بالإنجاز الذي حققته بلاده.

وبلغة متحدية، أكد جونسون مباشرة بعد أول عملية تلقيح في بلاده ضد فيروس كورونا، أن "البريطانيين سوف يهزمون كورونا وسينتصرون"، دون أن يغفل الدور الذي يقوم به العاملون في القطاع الصحي والعلماء لجعل لحظة كانت تبدو قبل أشهر من الحلم البعيد المنال متوهجة ولا تخطئها عين، حيث يتابعها الملايين عبر العالم.

ولأن اللحظة كانت مفعمة بالأحاسيس الإنسانية والتأثر، فقد ألقت رئيس وزراء أسكتلندا نيكولا ستارجن بكل مطالب الانفصال عن المملكة المتحدة جانبا، وعبّرت عن سعادتها الغامرة لانطلاق عملية التلقيح.

وبشرت ستارجن مواطنيها بأن التلقيح سينطلق اليوم أيضا في أسكتلندا، مؤكدة أن هذا اليوم "سيبقى علامة فارقة في التاريخ بعد سنة صعبة على الجميع".

ولأنه يوم الأمل بامتياز، فلم يتمالك وزير الصحة البريطاني مات هانكوك نفسه، فأعلن أن الحياة ستعود لطبيعتها في الربيع، متخليا عن لغته الحذرة طيلة أشهر هذا الوباء.

المصدر : الجزيرة