مقبرة رمزية في بغداد تخليدا لضحايا الاحتجاجات
الجزيرة نت-بغداد
تخليدا لأسماء قتلى الاحتجاجات العراقية التي انطلقت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أقام الناشط نزار عبد الجليل مقبرة رمزية تحت نصب ساحة التحرير وسط بغداد.
وعبد الجليل -وهو من أهالي محافظة ذي قار جنوبي العراق- يقول إنه متواجد في ساحة التحرير منذ نحو شهرين لم يغادرها، بهدف المطالبة بحقوق الشعب المسلوبة "من قبل العصابات الحاكمة".
دوافع وأهداف
وعن دوافع إنشائه للمقبرة الرمزية، روى عبد الجليل أن إحدى السيدات تُدعى أم محمد زارت يوما ساحة التحرير وقرأت عبارة كانت مكتوبة على أحد الجدران فيها: "أنا الشهيد الطاح (قُتل) لأجل التغيير .. سوولي (اعملوا لي) يا عالم كبر (قبر) بالتحرير".
وتابع أن السيدة بكت كثيرا متأثرة بهذه العبارة، وطالبت زوجها -وهو رجل أعمال- أن ينشئ مقبرة رمزية لضحايا الاحتجاجات، وأضاف عبد الجليل أن بعد ذلك الموقف تم الشروع في إنشاء المقبرة.
وإلى جانب الدعم الذي قدمته أم محمد وزوجها، قام هو بالتبرع بمبلغ آخر وجمع تبرعات في ساحة الاعتصام، مما مكنهم من إنشاء المقبرة بعد جمع أسماء قتلى الاحتجاجات، موضحا أن الجهود مستمرة لتشمل الأسماء الأخرى.
وبحسب المفوضية العليا لحقوق الإنسان، فقد قتل ما لا يقل عن 490 متظاهرا في بغداد والمدن الجنوبية خلال الأشهر الثلاثة الماضية، بينما جرح أكثر من 22 ألفا آخرين.
وعما يميز هذه المقبرة، يوضح عبد الجليل أنها الوحيدة في العراق التي تحتوي على جميع الطوائف، فتضم السنة والشيعة والكرد والمسيح والتركمان، مضيفا أن جميع القوميات والطوائف شاركت في التظاهرات التي يشهدها العراق منذ ثلاثة شهور للمطالبة بإصلاح الحال.
وواصل عبد الجليل حديثه بأنه تم إطلاق مسابقة لإقامة نصب للمقبرة، وأن أكثر من ثلاثين نحاتا قدموا نماذج، وهناك لجنة تدرس جميع الطلبات للبت فيها.
ولفت إلى أن اللجنة تضم مهندسين وفنانين تشكيلين وغيرهم، "وأن النصب من المقرر أن يقسم إلى ثلاثة أجزاء: الأول القريب من الأرض ويحتوي على قوانين مسلة حمورابي، وآخر يخلد الثورة العراقية الأخيرة، والأخير يمثل شهداء الثورة".
وتواصلت الجزيرة نت مع والد المقتول في ساحة التحرير أحمد كريم الحلفي، الذي رحب بفكرة إنشاء مقبرة رمزية في الساحة لضحايا الاحتجاجات، وقال إن إقامة مثل هذه المقبرة بمثابة تذكير للشباب الثائر ضد الفساد والمحاصصة السياسية لإدامة حراكهم.
من جهة أخرى، قال الناشط المدني الصحفي علي السومري للجزيرة نت إن "الرموز في ثورات الشعوب مهمة جدا، وأنا مع إقامة أكثر من نصب لشهداء ثورة تشرين، ليس في العاصمة فقط وإنما في باقي المحافظات، لأن الدم الذي أريق في هذه الثورة سال في أغلب محافظات العراق".
وأضاف أن الأهم في مثل هذا النصب، أنه سيكون وثيقة تاريخية توثق لمرحلة مهمة مرت بالعراق، وعلى الأجيال المقبلة التعلم منها واستثمارها لصالح الوطن، ومن أجل الاستمرار في النضال ضد الفساد ورموزه ومحاكمتهم، وأيضا من أجل بناء عراق ديمقراطي حر يسع الجميع.