تخليدا لتضحياتهم.. جداريات شهداء الثورة السودانية تزين البيوت

جدارية للشهيد عبد السلام كشة صورة للجزيرة نت
جدارية للشهيد عبد السلام كشة على جدران منزل ذويه (الجزيرة)
عبد الله محمد-الخرطوم
 
نشطت مجموعات شبابية من الجنسين في نقل تجربة رسم جداريات تذكارية لشهداء الثورة السودانية إلى داخل أحياء مدينة الخرطوم، بعد تعرضها للمسح من ساحة الميدان خلال فض اعتصام القيادة.

وتولى المهمة شباب برعوا في رسم الرموز والشعارات أمام أبواب ذوي الشهداء، في حين سعى آخرون من نشطاء الثورة إلى تسمية بعض الشوارع والساحات العامة بأسماء الضحايا والمفقودين، وتخليد ذكراهم برسم صور بعضهم على جُدر مدارس مرحلتي الأساسي والثانوي.

غرافيك
الفنانة التشكيلية أصيل دياب تقيم في الخليج، ودرست تصميم الغرافيك في فيرجينا بالولايات المتحدة الأميركية هي من اخترع تجربة رسم جداريات للشهداء خلال زيارتها للسودان بعد الثورة.

إظهار ملامح صورة الشهيد مجتبى صلاح قبل رسم جدارية له(الجزيرة)
إظهار ملامح صورة الشهيد مجتبى صلاح قبل رسم جدارية له(الجزيرة)

وتتنقل أصيل بين بيوت الشهداء، وترسم صوراً لبعضهم أمام مداخل البيوت، وتقول فن الجداريات يعد شكلاً جديداً من أشكال التعبير لم تشهده الشوارع السودانية من قبل، رغم وجود أصل تاريخي له تعبر عنه منحوتات وصور على كهوف ومعابد أثرية لم تزل شاهدًا حيًّا على حضارة قديمة لشعوب السودان.

وأشارت الفنانة أصيل في حديث لإحدى الصحف إلى أنها واجهت بعض المصاعب أثناء قيامها بعملية الرسم في فضاء الشارع، كما تلقت التشجيع والمساندة من جيران وذوي الشهداء داخل الأحياء.

وانتشرت جداريات الشهداء بعد إطلاق أصيل تجربة الرسم في أنحاء العاصمة السودانية على يد عدد من الشباب، من بينهم المهندس عبد الله محمد سعد (أحد هواة الرسم) الذي رسم مع فريق لوحة للشهيد عبد السلام كشة، الذي استشهد صبيحة فض الاعتصام.

فرق من الشباب
تضم مجموعة عبد الله محمد سعد ثلاثين شابًا وشابة، تشارك منهم خمس فتيات في رسم وتحبير الوجوه والشعارات، وسط حفاوة أسر الشهداء وترحاب أهالي الحي، الذين يوفرون لهم متطلبات الرسم، ويسامرونهم خلال عملهم الجماعي.

ولفتت جدارية الشهيد كشة المرسومة أمام بيت والده القريب من ميدان الاعتصام أنظار المارة في الشارع الذي تتواجد فيه مقرات صحف سودانية عديدة، ويقول سعد إن التجربة عمقت علاقتهم بأسر الشهداء، وارتبطوا وجدانيًّا بأهل الشهيد وجيرانهم.

ويضيف أن فريقه من الشباب والشابات قاموا برسم لوحات عديدة، منها جدارية الشهيد عثمان عابدين بحي المهندسين بأم درمان، وأعدوا العدة لتزيين جدر الجامعات بوجوه الشهداء.

وكشف الفنان التشكيلي عصام عبد الحفيظ للجزيرة نت عن أن الفنانين التشكيليين عبروا عن مفاهيم الثورة السودانية بالرسوم والصور، وجسدوا أكثر من أربعة آلاف لوحة، منذ انطلاق الحراك حتى سقوط البشير في 11 أبريل/نيسان 2019، وزينوا ميدان الاعتصام بفن يعبر عن الثورة في مساحة ثلاثة كيلومترات تقريباً في قلب الخرطوم.

رسوم عديدة وجداريات أزيلت أثناء فض اعتصام الميدان(الجزيرة)
رسوم عديدة وجداريات أزيلت أثناء فض اعتصام الميدان(الجزيرة)

جريمة
ويضيف عبد الحفيظ أنه تم الاعتداء على الرسوم والإبداعات بالإزالة والمسح والتشويه في جريمة لا تقل عن جريمة قتل المتظاهرين. فرشاة الظلام اعتدت على لوحات الوعي، لكن الشباب ابتدعوا فكرة الجداريات أمام البيوت لتأكيد دور الفن في تشكيل الوعي وتجميل الحياة.

ويوضح أن انتشار الجداريات في أنحاء العاصمة القومية أكد التضامن بين قوى الثورة، وأوصل رسالة عملية بأن تضحيات الشهيد تظل محفورة في وجدان الشعب.

ويقول الصحفي المتخصص في الفنون راشد عبد الوهاب إن رسم الجداريات هو أحد فنون الشوارع، وهو في الوقت الراهن إحدى وسائل التعبير الأكثر شيوعاً بعد ثورات الربيع العربي، خاصة أنه اشتهر خلال الثورتين التونسية والمصرية، وارتبط في أميركا بموسيقى الراب.

ويضيف راشد أن نشطاء الثورة مضوا على درب الفنانة أصيل لتخليد ذكرى الشهداء عن طريق صور شخصية أمام مساكن ذويهم، وتلك التجربة حظيت بقبول جماهيري لافت، ويتنافس سكان الأحياء في توفير متطلبات رسم اللوحة التي تخطف أنظار العابرين في الشارع، وتذكرهم بأن "هذا البيت كان لشهيد ضحى بروحه من أجل الوطن".

المصدر : الجزيرة