حارة العطارين.. ألف عام من إسعاد المصريين بالتوابل

أحمد حسن-القاهرة

دون حاسة شم قوية قد يتوه الغرباء في زيارتهم الأولى، وبالعطس تكون سلامة الوصول، هذه هي الحال عندما تدخل في ممر ضيق يغوص بين دهاليز شارعي الأزهر والمعز لدين الله الفاطمي في قلب القاهرة التاريخية، إنها حارة العطارين سوق التوابل الرئيسي بمصر.

حارة أو سوق العطارين أو "الحمزاوي الصغير"، ممر ضيق لا يتخطى عرضه ثلاثة أمتار على طول امتداده، يقصده على مدار العام، وخاصة في شهر رمضان المبارك، زبائن وتجار للتزود بالتوابل والبهارات والخلطات العطرية والطبية.

بين جنبات دكان حجري يتعدى عمره ألف عام، يقف العطَّار الستيني حامد منهمكا في تحضير جملة من طلبات الزبائن الباحثين عن توابل تنعش موائدهم في رمضان. وهو يفتخر بأثرية دكانه، يؤكد العطّار المصري أن المحل يعود للعصر الفاطمي وورثه عن أبيه وجدوده.

يتحدث الرجل من خلف طاولة تتراص عليها أصناف متنوعة من التوابل غير المألوفة لمن لا خبرة له بها، على غرار الحبهان والكركم والشمر، ومن خلفه أدراج خشبية، وتحيطه أكياس تتكئ على جدران حجرية، عمرها من عمر تأسيس القاهرة، أي قبل ما يزيد عن ألف عام، وفق قوله.

أبرز التوابل التي يقدمها حامد للمشترين هي الفلفل والكمون والشطة والكسبرة والبهارات، والأعشاب الطبية والزيوت العطرية وزيت حبة البركة، مشيرا إلى أنها كلها منتجات رائجة طوال السنة، أما في رمضان فيختص محله بـ"الياميش" والأعشاب والبهارات.

تمتد سوق العطارة إلى التركيبات والخلطات الطبية والوصفات العلاجية، بحسب حامد، الذي يشير إلى بيعه خلطات يكون زيت حبة البركة عاملا مشتركًا فيما بينها، ويتم طلبها خصيصًا للعلاج من الكحة والبلغم وتقصف الشعر وسقوطه.

يعاني الرجل كغيره من المصريين ذوي الدخل المتوسط والمحدود، من زيادة الأسعار منذ أن اتجهت بلاده إلى سياسة تحرير سعر الصرف (التعويم) وتخفيض الدعم الحكومي المقدم للمواطنين في السلع والخدمات الأساسية.

بينما يعاني زبائن سوق العطارين من ارتفاع الأسعار، يعاني التجار من الكساد وضعف الإقبال (الجزيرة)
بينما يعاني زبائن سوق العطارين من ارتفاع الأسعار، يعاني التجار من الكساد وضعف الإقبال (الجزيرة)

زيادة الأسعار
يلتقط رجل طاعن في السن، يعتبرونه من "آثار" المنطقة، أطراف الحديث موضحا أن العطارة التي كانت تباع بربع جنيه تباع الآن بعشرات الجنيهات (الدولار نحو 17 جنيها).

ووفق تصريحات صحفية لرئيس شعبة العطارة باتحاد الغرف التجارية المصرية (مستقل) رجب العطَّار، فإن أسعار العطارة انخفضت هذا العام بنسبة لا تقل عن 10% مقارنة بالعام الماضي نتيجة زيادة حجم المعروض بالأسواق عن احتياجات المواطنين.

يجاور العطَّار حامد مطحنة "وجيه قدوره" التي تملأ المكان بغبار مسكون برائحة الشطة والكمون وتوابل أخرى يتم طحنها تباعا، وتعتمد المطحنة على آلتين يعمل عليهما شابان يتبادلان الأدوار بين تفريغ المحتويات المراد طحنها من الأكياس ووضعها داخل المطحنة.

ومن بين الأعشاب التي يتم طحنها وتشهد رواجا في سوق العطارة، الكمون والشاكوريا والشمر، التي تخلط وتقدم في أكياس صغيرة للتخسيس.

المصدر : الجزيرة