ناستوبيا.. الوجه الآخر للمخيمات الفلسطينية بلبنان

ناستوبيا - ناصر01
ناصر يحاول تغيير الصورة الذهنية عن المخيمات الفلسطينية بلبنان من خلال الصورة والكلمة (الجزيرة)

محمد خالد-بيروت

يحمل الشاب ناصر قمر الكاميرا الخاصة به ويتجول داخل أزقة مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين (شمالي لبنان)، بحثا عن قصة أو فكرة، أو إحدى الحالات المبدعة، بين الطرقات تجذبه بعض القصص ويدونها ليصورها لاحقا.

يلاحظ ناصر مدى التغير الذي طرأ على المخيم، فيقرر أن ينجز تقريراً حول ذلك، ينصب كاميرته ويسأل الناس: ما الذي تغير في المخيم؟

يتهافت الناس عليه، والجميع يريد أن يدلي برأيه، يأخذ المقابلات وبعض اللقطات، ثم يقوم بعمل مونتاج ليقوم بعد ذلك بنشرها في صفحة "ناستوبيا" على فيسبوك.

قصص إنسانية
المخيمات الفلسطينية في لبنان مليئة بالقصص الإنسانية، التي ينبغي أن تسلط وسائل الإعلام الضوء عليها، الأمر الذي دفع مجموعة من الشباب الفلسطيني إلى إنشاء منصة على مواقع التواصل الاجتماعي، بتمويل من مؤسسة "أيه أر سي" (ARC) أطلقوا عليها اسم "ناستوبيا"، حيث تعني "ناس" اللاجئين، في حين تعني "توبيا" المدينة الفاضلة.

اختار القائمون على المنصة موقع فيسبوك لنشر المواد التي يقومونا بإنجازها، لتصل الى أكبر عدد من الناس، وهي مواد عديدة ومتنوعة يعملون عليها؛ كالتقارير والمقابلات والإنفو غرافيك، إضافة إلى التصوير الفوتوغرافي.

تجربة نوعية
يرى ناصر أن التجربة بالنسبة له نوعية؛ "تعلمت تقنية التصوير والمونتاج من خلال سلسلة من ورش التدريب، بالإضافة إلى اكتسابي خبرة في اختيار الصورة وكيفية إيصالها، كما أن منصة ناستوبيا أمّنت لي فرصة عمل".

لأول مرة يخوض ناصر تجربة كهذه، حيث أعطته إمكانية الاحتكاك بالناس وسماع قصصهم، إضافة إلى تعزيز ثقته بنفسه وتعزيز وجوده داخل المخيم من خلال ظهوره أمام الكاميرا.

يضيف ناصر، وهو يختار صورة مناسبة لتقريره، "أحاول من خلال المواد التي أنجزها كسر الصورة النمطية عن المخيم وأهله، وتسليط الضوء على الجانب الإيجابي، بسبب تصوير الإعلام للمخيم بشكل دائم على أنه بؤرة أمنية ومكان تكثر فيه المشاكل الخدماتية والاجتماعية".

ويشير إلى أنه يحاول التركيز على المواهب والمبادرات والنجاحات التي حققها الشباب الفلسطيني في المخيم، لنقل الصورة الواضحة عن شكله وأهله وقدرتهم على خلق التغيير كواجب وطني لإثبات دور الفلسطيني أينما وُجد.

أهداف المبادرة
تعزيز الهوية الفلسطينية الجماعية من خلال الأعمال البصرية التي تحاكي الإرث الثقافي والعادات والتقاليد التي نُقلت من فلسطين وحياة الناس اليومية في المخيمات؛ هي إحدى أهداف ناستوبيا، بالإضافة إلى تسليط الضوء على المبادرات الملهمة والإبداعية في المخيمات الفلسطينية في لبنان، وتشجيع الشباب الفلسطيني على التعبير عن آرائهم وتطلعاتهم.

أما الناشط الفلسطيني وائل فرغاوي، أحد القائمين على ناستوبيا، فيسعى من خلال هذه المنصة إلى استثمار الإعلام الرقمي والتكنولوجيا وأدوات التواصل الفعّالة للإسهام في صقل الوعي المجتمعي في المخيمات، وتشجيع الشباب المعرض للمخاطر في المخيمات للجوء إلى المساحات الآمنة، والتي تتيح لهم فرصا خلاقة.

يقول فرغاوي إنه من خلال هذه المنصة تم تشجيع الشباب على المشاركة والتعبير عن رأيهم عبر تعزيز ثقتهم بأنفسهم، وإظهارهم للمجتمع.

المنصة وفرت فرص عمل لعدد من الشباب، فأكثر من عشرين مراسلا يعملون في المنصة، موزعين على عشرة مخيمات، ويتقاضون رواتب حسب المواد التي ينجزونها، ويتمتعون بحرفية إعلامية، ولديهم قدرة التأثير في المجتمع، إضافة إلى عدد من منسقي المناطق، الذين يعملون على متابعة وتدقيق المحتوى مع المراسلين.

وتسعى المنصة إلى تسليط الضوء على قصص النجاح في المخيمات، بهدف نقل عدوى إيجابية، بالإضافة إلى تناول القضايا الإيجابية في الوقت الذي تقوم في وسائل الإعلام بنقل الواقع المأساوي ومشاكل المخيمات.

المصدر : الجزيرة