القرصنة والتشارك يغزوان الفضاء الرياضي

تصميم حول قرصنة القنوات الرياضية

undefined

طارق آيت إفتن-الجزائر

أمام ظاهرة التشفير التي حرمت ملايين الفقراء من متابعة مبارياتهم المفضلة، لم يجد متابعو الشأن الرياضي في بعض بلدان العالم العربي بدًّا من سلوك طرق لم تكن دائما قانونية في سبيل تمكنهم من متابعة تلك المباريات.

فإذا كانت المتابعة المفضلة والمريحة لدى الجماهير لا تتحقق من دون دفع حقوق اشتراك أو شراء بطاقات خاصة بفتح باقات القنوات الرياضية، فإن ثمة من يعجزون عن ذلك. وهنا جاءت فكرة القرصنة أو التشارك (شيرينغ) التي انتشرت بشكل لافت في بعض البلدان، ومنها الجزائر.

وتتيح "سيرفرات الشيرينغ" متابعة المباريات بتكلفة أقل بالمقارنة مع اقتناء بطاقة لباقة عربية أو أجنبية واحدة.

وبالرغم من أن "السيرفرات" تبدو حلا أمثل لعشاق الساحرة المستديرة إلا أنها لا تضمن المشاهدة المتواصلة على مدار مدة الاشتراك، إذ إن فتح القنوات المشفرة بواسطة "الشيرينغ" يعتمد على استقرار الاتصال بشبكة الإنترنت بالنسبة لصاحب "السيرفر" والمشترك على حد سواء، بالإضافة إلى وجوب امتلاك جهاز استقبال من نوع خاص بالنسبة للزبائن.

وقد تتعرض حواسيب بعض المشاهدين إلى القرصنة أحيانا عندما يختارون مشاهدة المباريات مجانا عبر الإنترنت، وذلك بالضغط على وصلات مفخخة.

وقبل انتشار "الشيرينغ" كانت قرصنة القنوات الرياضية الأجنبية سيدة الموقف، إذ كان القراصنة (الهاكرز) يحرصون على كسر تشفير باقات القنوات الأجنبية رغم حرص هذه الأخيرة على التعاقد مع أكبر شركات أنظمة التشفير العالمية والتي تطور تقنياتها في كل مرة.

توظف بعض القنوات قراصنة محترفين وأصحاب سيرفرات للعمل سرا على الإطاحة بقنوات منافسة

حرب فضائيات
وفي رأي الكاتب المختص في الإعلام عمار عبد الرحمن فإن "الفضائيات الرياضية العالمية والعربية دخلت في حرب فيما بينها تتخللها المنافسة بنوعيها الشريفة وغير شريفة، إذ توظف بعض القنوات قراصنة محترفين وأصحاب سيرفرات للعمل سرا على الإطاحة بقنوات منافسة".

وأضاف الأستاذ الجامعي في كلية العلوم السياسية والإعلام بجامعة الجزائر وصاحب كتاب "جمهورية فيسبوك-السلطة الافتراضية" أن "الحرب لا تنحصر بين القنوات الفضائية والشبكات التلفزيونية فحسب، بل حتى الشركات التي تقوم بصنع أجهزة الاستقبال توظف هاكرز وتتعاقد مع بعض القنوات بطرق غير قانونية لتروج لأجهزتها على أساس أنها تفك تشفير تلك القنوات لمدة معينة من الزمن".

ويضيف عبد الرحمن في تصريحه للجزيرة نت أن "هناك عددا من القراصنة لديهم تحديات ذاتية تكمن في كسر شفرات القنوات الرياضية الكبرى، ولا يقومون بذلك من أجل المال أو الشهرة بل من أجل تحقيق رغبات شخصية غامضة".

رقابة غائبة
وكشف الصحفي المتخصص في القنوات الرياضية الفضائية بجريدة الشباك الجزائرية وليد العاقل؛ للجزيرة نت أن ظاهرة القرصنة والمشاهدة غير الشرعية تعود لغياب الرقابة ووجود ثغرة قانونية يقابلها إهمال وعدم مبالاة من جانب السلطات المعنية.

ظاهرة القرصنة والمشاهدة غير الشرعية تعود لغياب الرقابة ووجود ثغرة قانونية يقابلها إهمال وعدم مبالاة من جانب السلطات المعنية

من الخاسر؟
ويتصور كثيرون أن القنوات الرياضية التي تقترح بطاقات واشتراكات مقابل المال تتكبد خسائر فادحة بسبب القرصنة و"الشيرينغ"، إذ إنها تفقد عددا كبيرا من زبائنها الذين يفضلون الطرق البديلة والأقل سعرا، لكن عمار عبد الرحمن يرى الأمر من زاوية مغايرة، ويقول إن القنوات الرياضية الكبرى كالجزيرة الرياضية لا تسعى إلى تحقيق الربح عندما تصرف أموالا طائلة لشراء حقوق بث البطولات، مشيرا إلى أن الأرباح المحققة من خلال بيع البطاقات لا يمكن أن تغطي 1% من مصاريف القناة.

ويضيف أنها تقوم ببيع البطاقات "من باب الاحترافية واحترام شروط حقوق البث، وليس من أجل تحقيق الأرباح".

من المستفيد؟
ويكشف حمزة.ك (كما طلب أن يدعى) وهو أحد أصحاب "سيرفرات الشيرينغ" بالجزائر للجزيرة نت أن الأرباح التي يحصل عليها تصل إلى عشرة آلاف دولار أميركي سنويا، أي ما يقارب 650 دولار شهريا، ويفوق ذلك متوسط الدخل الشهري للعامل الجزائري بأضعاف.

وبفضل المستحقات التي يدفعها المشتركون الـ60 في "السيرفر" الخاص به، والتي تفوق بقليل عشر دولارات شهريا عن كل مشترك، يحقق حمزة أرباحا مالية معتبرة.

وأكد حمزة (22 عاما) أنه دخل هذا المجال منذ ثلاث سنوات، وأنه يملك "سيرفرا" خارجيا (في بي أس) ولم يتعرض لأي مضايقات أو متابعات من السلطات بخصوص نشاطه التجاري غير شرعي على غرار جميع أصحاب "السيرفرات" بالجزائر ومختلف الدول العربية.

المصدر : الجزيرة