في الصين الكلاب تنبح والجدل مستمر

كلاب في أحد ملاجئ الإيواء تنتظر من يعتني بها

كلاب في أحد ملاجئ الإيواء تنتظر من يعتني بها (الجزيرة نت)

عزت شحرور-بكين

بات من حق الكلاب في الصين أن تقيم الأفراح والليالي الملاح وتنبح حتى تبح حناجرها، فقد تم إنقاذ أكثر من 1100 كلب في مدينة تشونغ تشينغ جنوب غرب الصين. كانت في طريقها لتكون أطباقاً دسمة على موائد المطاعم الصينية في غمرة احتفالات الصينيين بعيد رأس السنة القمرية التي تصادف "عام التنين".

الكلاب كانت على متن شاحنة تقلها إلى أحد المسالخ في المدينة، حيث جرى إيقافها وتحرير الكلاب منها وجمعها في إحدى مزارع الخنازير المهجورة التي سارعت بعض المنظمات والنشطاء في مجال حماية الحيوانات لاستئجارها بشكل مؤقت، حتى يتسنى للسلطات الصحية التأكد من صحتها وسلامتها قبل نقلها إلى ملاجئ خاصة للاعتناء بها.

وكانت مدن صينية قد أصدرت قوانين محلية تمنع بيع لحوم الكلاب والقطط في مطاعمها. لكن ذلك الإجراء لم يصل بعد إلى درجة تبنيه من الحكومة المركزية للبلاد.

كما كانت السلطات المحلية في مدينة جينخوا في مقاطعة جى جيانغ شرق الصين قد أصدرت قرارا قبل عدة أشهر بإلغاء "عيد ذبح الكلاب".

وذكرت وسائل إعلام محلية أن قرابة عشرة آلاف كلب كان يتم ذبحها في هذا العيد سنوياً بمدينة جينخوا. وأن معظم تلك الكلاب تكون عادة من الكلاب المسروقة أو الضالة.

وقد أثارت القرارات والإجراءات الجديدة ارتياحاً لدى محبي الكلاب وجمعيات الرفق بالحيوان الذين كانوا قد تقدموا بالتماس للجنة المنظمة للعيد وللسلطات المحلية في المدينة لإلغاء العيد باعتباره تصرفا غير حضاري. وذلك في أعقاب نشر وتبادل صور على شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي تظهر بوضوح الطرق العنيفة التي يتم بها ذبح الكلاب والتعامل معها خلال العيد.

إلا أن هذا الارتياح لا يزال مشوباً بالشك والحذر. جانغ جي -وهي واحدة من أعضاء تلك الجمعيات- قالت للجزيرة نت "إن قرار إلغاء العيد لا يعني وقف المجازر المتواصلة بحق الكلاب"، وإن الأمر يحتاج إلى قوانين صارمة ومعاقبة مرتكبيها. وأضافت الناشطة "إننا عادة نقوم بجمع المال من النشطاء لشراء هذه الكلاب وجمعها في مراكز إيواء، وتوزيعها لاحقاً على من يتعهد بتربيتها والاعتناء بها".

لكن قرار إلغاء العيد وقرار منع المطاعم من تقديم وجبات لحوم الكلاب أثارا جدلاً ولغطاً واسعاً على صفحات الشبكة العنكبوتية. فقد اعتبره البعض تخلياً عن جزء من التقاليد والعادات الصينية المتواصلة عبر الزمن. بينما تساءل آخرون عن السبب الذي يجعل منظمات الرفق بالحيوان تصر على إلغاء لحم الكلاب باعتبارها حيوانات أليفة. وتتجاهل أكل لحوم حيوانات أخرى كالأغنام والأبقار والأرانب، وهي أكثر ألفة من الكلاب وفق رأيهم. ويؤكد آكلو لحم الكلاب فوائدها، إذ يعتقدون أنها تبعث الدفء في الشتاء وتؤدي إلى زيادة التعرق في الصيف.

حُمى اقتناء الكلاب ظاهرة جديدة في المجتمع الصيني (الجزيرة نت)
حُمى اقتناء الكلاب ظاهرة جديدة في المجتمع الصيني (الجزيرة نت)

ويذكر أن عيد ذبح الكلاب هو تقليد محلي لا علاقة له بقصة مجازر الكلاب وذبحها التي أمر بها الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، كما يُروى عنه. ولا علاقة لها كذلك بذبح الكلاب في قصة خريف البطريرك لغابريل غارسيا ماركيز الحائز جائزة نوبل للآداب.

القصة تعود إلى أكثر من 600 عام إبان حكم أسرة مينغ عندما حاول قائد عسكري اقتحام مدينة جينخوا تحت جنح الظلام ففضحه نباح الكلاب الكثيرة في المدينة، مما أدى إلى استيقاظ الأهالي وهزيمة المعتدين. فاضطر القائد المهاجم إلى إعادة تنظيم فلول قواته وشن معركة بدأها بمجزرة شملت كلاب المدينة قبل أن يدخلها فاتحاً. فكافأه الإمبراطور بوليمة فيها ما لذ وطاب من لحم الكلاب، ومنذ ذلك الحين بات الأمر تقليداً يحييه أهالي جينخوا كل عام.

يذكر أن حُمى اقتناء الحيوانات الأليفة كالكلاب والقطط في الصين أصبحت موضة العصر وتحولت إلى تجارة رائجة. فقد ارتفعت نسبة اقتنائها خلال السنوات العشر الأخيرة إلى 5%، وبات حوالي 8% من العائلات في المدن الصينية تقتني الكلاب والقطط. أي ما يقارب مائة مليون شخص. وأصبحت صناعة مزدهرة حيث انتشرت المطاعم والحدائق وصالات الزينة الخاصة بالكلاب. وتقدر قيمة ما ينفقه الصينيون على كلابهم وحيواناتهم الأليفة سنوياً بنحو 62 مليار دولار.

ويحاول بعض منظمات الرفق بالحيوان حث البرلمان الصيني على تبني وإقرار قوانين لحماية الحيوانات. لكنها لم تتمكن حتى الآن من النجاح على مستوى الصين سوى في استصدار قانون "الكلب الواحد" الذي أقرته بلدية العاصمة بكين عام 2006 ويسمح لكل عائلة باقتناء كلب واحد فقط.

المصدر : الجزيرة