دار الأمان.. ملجأ الباكستانيات من الاضطهاد الاجتماعي

صورة لإمرأة تقترب من مدخل دار الأمان في مدينة روال بندي.

الدار لا تستقبل النساء إلا بتحويل من الشرطة أو المحكمة (الجزيرة نت)

مهيوب خضر-راولبندي

أمام كل أشكال وأنواع الظلم الاجتماعي الذي يقع على المرأة في باكستان والتخوف مما هو أسوأ، تلجأ آلاف النساء إلى "دار الأمان" طلبا للحماية من أقارب لا يرحمون.

فدار الأمان، وهي ملاجئ حكومية، توفر للمرأة المضطهدة الرعاية والعناية اللازمتين إلى أن تجد سبيلا للعودة إلى حياة طبيعية من جديد.

قصص كثيرة تعج بها دور الأمان المنتشرة في العشرات من المدن الباكستانية تحكي مشاهد متعددة من الظلم الاجتماعي الذي يمارس ضد المرأة في هذا البلد لا سيما من كان منه تحت مظلة أعراف لا ترحم كبيرا ولا صغيرا.

خمسة آلاف امرأة يقمن اليوم في أكثر من 34 دارا للأمان في مختلف أنحاء البلاد يزدن وينقصن من وقت لآخر فضلا عن أعداد أكبر كثيرا من هذا الرقم، فضلن الاستسلام لإرادة المجتمع وعدم إبلاغ السلطات عما حل بهن من اضطهاد نال من حقوقهن الأساسية.

الجزيرة نت زارت دار الأمان في مدينة راولبندي والتقت بعض الحالات فيها، من بينها شاهستة (24 عاما) التي أجبرها والداها على الزواج برجل لا تريده.

مجموعة نزيلات يتعلمن مهنة الخياطة (الجزيرة نت)
مجموعة نزيلات يتعلمن مهنة الخياطة (الجزيرة نت)

معاناة وألم
شاهستة فرت من منزل زوجها عقب أيام من الزواج، ولجأت إلى الشرطة التي حولت قضيتها إلى المحكمة فأحالتها بدورها إلى دار الأمان لتوفير الحماية لها كون شاهستة تطالب بتطليقها من زوجها وتخشى أن يقدم على قتلها إذا ما خرجت من الملجأ.

فدار الأمان وهي جهة حكومية لا تستقبل النساء إلا بتحويل من الشرطة أو المحكمة، وذلك في حال وجود خطر على حياتهن أو تعرضهن لتعذيب جسدي يستوجب إخراجهن من البيئة غير الصحية التي يعشن في محيطها.

الجزيرة نت التقت نزيلة أخرى تبلغ من العمر (45 عاما) فضلت عدم الكشف عن اسمها وروت قصتها بعيون دامعة وأسى على محياها.

فقد حولها زوج وعائلته إلى خادمة تضرب يوميا بما توفر من أدوات في المنزل، والسبب معايرتها دوما بأن أهلها لم يجهزوها بالجهاز المناسب يوم زواجها بما جعلها ناقصة في نظرهم.

لم تتحمل هذه المرأة ما يمارس عليها من ظلم فهرعت إلى السلطات الرسمية تطلب الطلاق تاركة ابنيها عند أهل زوجها وانتهى بها المطاف في دار الأمان التي تقول إنها تفضل قضاء بقية عمرها فيها لا سيما أن إخوتها رفضوا استقبالها في منازلهم.

أمان وتأهيل
مديرة دار الأمان في راولبندي طلعت بشير تقول إن أغلبية النساء اللواتي يحلن إلى الدار يكن في حالة يرثى لها من الخوف والاضطراب النفسي.

وتضيف بشير في حديثها للجزيرة نت أن الحكومة وخوفا على النساء اللواتي يعانين من ظلم اجتماعي من سلوك طرق تضر بالمجتمع من دعارة وتسول وغيرها فضلت إقامة هذه الملاجئ ليقمن فيها لحين تسوية قضاياهن.

ولا يقتصر الأمر على الإقامة، فإدارة دار الأمان تحاول من جانبها إصلاح ذات البين بين النزيلة وأهلها وديا.

وتحتل قضايا الزواج بالغصب من كبار في السن أو أشخاص غير موغوب فيهن رأس مشاكل النزيلات بنسبة 95% فضلا عن زوجات يهربن من أزواج منحرفين تحولوا إلى مدمنين على المخدرات أو غيرها لم تعد الحياة صالحة معهم.

وتحصل النزيلة في دار الأمان على خدمات مجانية، يتصدرها الإقامة والطعام والشراب والعلاج، وحتى دورات تدريبية على مهن مثل الخياطة لمن كن غير متعلمات وعلى الحاسب الآلي للمثقفات بما يساعدهن على الكسب والانخراط في سلك الحياة من جديد.

المصدر : الجزيرة