كيف يغير العمل من المنزل طريقة سفرنا بشكل دائم؟

تقنيات العمل عن بعد أكبر صانع تغيير في طرق السفر، وربما تكون أكثر أهمية من ظهور القطارات البخارية أو الرحلات التجارية للسفر

العاملون عن بُعد يمثلون سوقا جديدة بالكامل لصناعة السفر بحسب خبراء هذه الصناعة (شترستوك)

أسهم العمل من المنزل في فتح الباب أمام العمل من أي مكان يتوفر فيه متصفح جيد وشبكة إنترنت أفضل، لعرض تطبيقات الاتصال عن بعد مثل "زووم" (Zoom).

وأوضح الكاتب نيكي إيكستين -في تقرير نشره موقع "جابان تايمز" (Japan Times)- عن العمل من المنزل وكيفية تغييره طريقة السفر بشكل دائم، مشيرا إلى أن ذلك يسهم في ازدهار صناعة السفر وتنشيط حركة السفر على نطاق العالم.

الوضع الجديد سهّل على العاملين عن بعد السفر بشكل متكرر ولفترات أطول (شترستوك)

سفر وعمل

وأضاف أن سياسات المكتب الأكثر مرونة في ما يتعلق بالحضور تعني أن العديد من العاملين يمكنهم السفر في أي وقت، حتى في أثناء أسابيع العمل المزدحمة، ما دام أنهم يستطيعون إنجاز مهام عملهم من أماكن بعيدة.

وأشار إلى أن الوضع الجديد سهّل على الأشخاص السفر بشكل متكرر ولفترات أطول، وأحيانا يشجعهم على فتح وجهات جديدة، وأن ذلك ساعد بشكل كبير شركات الطيران على تعويض حركة المرور المفقودة في أثناء إغلاقات كوفيد-19.

ونقل عن كريس ليهان -الرئيس العالمي للسياسة والاتصالات في شركة "إير بي إن بي" (Airbnb Inc) لتأجير المساكن قصير المدى للمسافرين وغيرهم- قوله إن فك القيود عن العاملين "ليس مجرد اتجاه، إنه دائم. إنه نمط دائم وكان سيحدث في النهاية مع تقدم المجتمع، حتى بدون جائحة".

تطبيقات الاتصال

ووصف ليهان ظهور التقنيات التي غيرت السفر، مثل تطبيقات الاتصال عن بعد، بأنه ربما يكون أكثر أهمية بالنسبة للسفر من ظهور القطارات البخارية أو الرحلات التجارية، مضيفا أن البنية الكاملة للسفر هي في خضم التغيير الآن.

وقال الكاتب إن هذا هو السبب الذي جعل شركات كبيرة لتجارة السفر تصف استمرار العمل عن بعد بأنه أكبر صانع تغيير في السفر لعام 2022.

تطبيقات الاتصال عن بعد غيرت البنية الكاملة للسفر والعمل (شترستوك)

المزيد من الرحلات

وتحدث الكاتب عن كيفية تأثير ذلك على تجاربنا الخاصة بعد نهاية الوباء، فوفقا لتوقعات صناعة السفر لعام 2022 من شركة "ديلويت" (Deloitte)، فإن الأشخاص الذين لديهم نية لملاءمة العمل مع رحلاتهم سيسافرون مرتين أكثر من أولئك الذين ينتظرون وقت الإجازة.

وتقول إيلين كراولي، رائدة السفر في شركة ديلويت، إن المسافرين الذين يعملون من بعد ينفقون أكثر.

ويتفق الرئيس التنفيذي لشركة كاياك، ستيف هافنر، مع ذلك قائلا "عندما تعمل من أي مكان، فهذا يعني المزيد من السفر الترفيهي. إذا تحررت من المكتب، يمكنك الذهاب إلى الكثير من الأماكن الأخرى".

تجارب سفر

ويستمر الكاتب معددا التغييرات على تجارب المسافرين، قائلا إن القدرة على العمل في المكان الذي تريد عائلتك الذهاب إليه يعني أنه يمكنك الآن تنظيم حياتك العملية وعائلتك في المركز، بدلا من العمل مع عائلتك حول وظيفتك.

وهذا أيضا يفيد الفنادق والوجهات، إذ أصبحت أقل اعتمادا على فترات الذروة المزدحمة للغاية والتي يُنظر إليها تقليديا على أنها أوقات مناسبة للسفر، على سبيل المثال، أسابيع الإجازة المدرسية. كما أصبحت الإقامة أطول أيضا؛ ففي تقرير تضمن أحدث البيانات ارتفع طول الإقامات في 2021 عن 2019 بنسبة 40%.

أماكن الإقامة ستتسابق لتلبية احتياجات المسافر الذي يعمل عن بعد بتقديم عروض خاصة لإقامة طويلة الأمد (شترستوك)

قد يبدو فندقك مختلفا

ونظرا لأن العاملين عن بُعد يمثلون سوقا جديدة بالكامل لصناعة السفر، فإن موفري أماكن الإقامة سيتسابقون لتلبية احتياجاتهم، إذا لم يفعلوا ذلك بالفعل. بالنسبة إلى أجهزة الكمبيوتر المحمولة، فإن تأجير المنازل له اليد العليا، كما يقول الكاتب، لأنها توفر مساحة للتوزيع وفصل العمل عن اللعب.

وقد نشأت الشركات الناشئة، التي تتقاضى 199 دولارا سنويا من المستخدمين للوصول إلى مجموعة عالمية من خيارات التأجير لمدة شهر، لتلبية طلب "البدو الرحل الرقميين".

تحاول شركات الفنادق العودة إلى تلك المنطقة أيضا؛ فعلى سبيل المثال، أنشأ "سيتزن إم" (Citizen M) برنامج عضوية يوفر أسعارا ليلية ثابتة وخصومات على عروض الأطعمة والمشروبات عندما يلتزم الرحل الرقميون بإقامة لمدة شهر؛ يصل سعره عادة إلى 1500 دولار شهريا حتى في أسواق العقارات باهظة الثمن، مثل نيويورك أو أمستردام أو باريس.

لن تُعتبر خدمة "الواي فاي" المجانية في الفنادق بعد اليوم رفاهية على الإطلاق (شترستوك)

وأعلنت فنادق "هوكستون" (Hoxton) عن أسعار خاصة للمسافرين الذين يحتاجون إلى المبيت بالقرب من المكتب، في حين أن "ماندراين أورينتال" (Mandarin Oriental) في واشنطن العاصمة هي من بين الفنادق التي تقدم أسعارا يومية للعاملين من المنزل، بحثا عن مساحة إضافية. وسيتبعهم المزيد بالتأكيد.

وفي أماكن أخرى، تعيد الفنادق التفكير في مركز الأعمال القديم؛ إذ يقوم البعض بتحويل كبائن حمامات السباحة إلى محطات عمل داخلية وخارجية، أو إضافة مجموعة واسعة من اللوازم المكتبية (وخدمات الطباعة) إلى مكتب الغرفة القياسي.

وفي الوقت نفسه، تنتقل المنتجعات في الوجهات الفاخرة لتشمل المكاتب المنزلية وغيرها من المساحات المرنة التي يمكن تجهيزها، على سبيل المثال، بمعدات اللياقة البدنية أو معدات الحضانة. وسيتم تصميم المباني الجديدة لتضم عددا أقل من الغرف التي تشبه الصندوق وأجنحة أكثر اتساعا. ولن تُعتبر خدمة "الواي فاي" (Wifi) المجانية بعد اليوم رفاهية على الإطلاق.

المصدر : مواقع إلكترونية