مؤسسات خيرية قطرية: التغير المناخي يضع العمل الإنساني في مهب الريح

المنظمات القطرية ساهمت بدور كبير في جهود مكافحة التصحر والجوع والفقر وتصحر المياه (الجزيرة)

دعت هيئات خيرية ومؤسسات إنسانية في دولة قطر إلى مزيد من تضافر الجهود لمواجهة الآثار الكارثية الناجمة عن ظاهرة التغير المناخي التي تسببت بمآس إنسانية لا تخفى على أحد في كل مناطق العالم.

وجاءت هذه الدعوة، أمس الخميس، خلال مؤتمر صحفي أقيم في الدوحة للاحتفال باليوم العالمي للعمل الإنساني الذي يوافق الـ19 من أغسطس/آب كل عام، بحضور مسؤولي هيئة تنظيم الأعمال الخيرية وجمعية قطر الخيرية والهلال الأحمر القطري وشركاء العمل الإنساني في دولة قطر وذلك تحت شعار "سباق من أجل الإنسانية".

وحددت الجمعية العامة للأمم المتحدة 19 أغسطس/آب من كل عام يوماً عالمياً للعمل الإنساني، وذلك لتزامنه مع الذكرى السنوية للهجوم على مقرّ الأمم المتحدة في العاصمة العراقية بغداد في عام 2003، وهي مناسبة للاعتراف بأولئك الذين يخاطرون بأنفسهم في سبيل أداء الواجب في مجال الإغاثة الإنسانية.

وقد سلط المؤتمر الضوء على العواقب المباشرة لحالة الطوارئ المناخية على الأشخاص الأضعف في العالم وضمان التعريف بهم وبمشاكلهم ووضع احتياجاتهم على رأس جدول الأعمال في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ، الذي يعقد في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

تكثيف الجهود

كما ناقش المؤتمر التحديات الإنسانية الناجمة عن التغير المناخي والمتمثلة بالنزوح واللجوء والفقر وفقدان الخدمات، حيث تم التأكيد على ضرورة تضافر الجهود، وأنه أضحى أمرا بالغ الأهمية للحد من آثار تغير المناخ على أشد الناس ضعفًا.

وأكد المؤتمر أن أزمة المناخ تؤثر في العمل الإنساني في جميع أنحاء العالم، ويجب تكثيف الجهود الجماعية وتعزيزها من أجل التصدي لهذا التحدي.

ويقول مساعد الرئيس التنفيذي لقطاع الحوكمة ومدير الشؤون الخارجية بجمعية قطر الخيرية محمد الغامدي إن الأمم المتحدة اختارت شعار "سباق من أجل الإنسانية" للاحتفال باليوم العالمي للعمل الإنساني في مختلف دول العالم، للتحذير من آثار التغير المناخي ونشر الوعي بين الناس بشأن مخاطر هذه الظاهرة على الجميع، وإدراك أن هناك فرصة لصناعة التغيير.

ويؤكد الغامدي، في حديث للجزيرة نت، أن المؤسسات القطرية تدعم هذا التحرك العالمي للتحذير من مخاطر تغير المناخ، ويرى أنه يجب التوعية بهذه القضية سواء في المجتمع القطري والمجتمعات المحيطة، ليدرك الناس أن هناك فرصة وإمكانية لإيجاد حلول لقضايا التغير المناخي وإمكانية تلافيها.

جانب من الحضور في المؤتمر الصحفي للاحتفال باليوم العالمي للعمل الإنساني (الجزيرة)

حقوق عادلة ومستدامة

ويشير الغامدي إلى أن النتائج المنتظرة من التحرك الدولي حول التغير المناخي لن تكون فورية، ولكنها ستكون بعيدة المدى وحصيلة عمل إستراتيجي لتغيير طويل المدى في وعي وفهم الناس بمشاكل التغير المناخي، وبالتالي الضغط الأكبر على صناع القرار على المستوى العالمي فيما يتعلق بتعاملهم بقضية المناخ والتلوث البيئي والإجراءات تجاهها أو حجم المساعدات المقدمة للمناطق التي تتعرض لكوارث ناتجة عن التغير المناخي.

ويوضح مساعد الرئيس التنفيذي لقطاع الحوكمة في جمعية قطر الخيرية أنه بعد مرور حوالي 37 سنة من العمل الإنساني وتقديم المساعدات للمحتاجين والمتضررين حول العالم اتضح أنها لا تكفي وحدها، وأنها فقط جزء من الحل وليست كل الحل، حيث يرى أن تغيير الواقع يحتاج لأدوات أخرى، منها الضغط و"المناصرة والتأييد"، أي ليس فقط إيصال أصوات الفقراء والمتضررين للمنصات العالمية، وإنما السعي حتى يتحقق إجراء تغيير مستدام للأفضل.

ويلفت الغامدي إلى أن تقديم المساعدات لصالح الفئات المستحقة، سواء تعليم أو صحة أو إيواء، نابع من إيماننا بحقهم في هذه الخدمات، وهذا الإيمان يعني مناصرتهم والمطالبة بضرورة توفير هذه الحقوق لهم بشكل عادل ومستدام.

ويضيف أنه رغم الخبرة الميدانية للمؤسسات القطرية الخيرية فإنها لا تزال حديثة عهد بقضايا "المناصرة"، ويقول نمتلك خبرة الوصول الميداني والقدرات المالية وحشد الموارد، فضلا عن الدراسات البحثية ولكن العاملين في المجال الإنساني بحاجة إلى بناء قدراتهم في مجال "المناصرة" وإثارة القضايا على المنصات العالمية، من أجل أن تكون مناصرتنا ليست صوتا عاليا ومرتفعا، ولكن ذات تأثير حقيقي وفعلي في القضايا التي نهتم ونؤمن بها.

المنظمات القطرية والتغير المناخي

ويؤكد الغامدي، في ختام حديثه للجزيرة نت، حرص قطر الخيرية على تطوير أدواتها وبناء قدراتها في قضايا المناصرة والتأييد، أي تسليط الضوء على قضية بعينها في وقتها ومكانها الصحيح حتى تحقيق النتائج المرجوة.

من جانبه، يقول مدير إدارة التعاون في هيئة تنظيم الأعمال الخيرية القطرية الدكتور محمد صلاح إن المؤتمر والاحتفال باليوم العالمي للعمل الإنساني هدفه التركيز على قضيتين أساسيتين، هما دعم قضية التغير المناخي ومناصرتها وتوحيد الجهود من أجل التغلب على آثارها، والأخرى هي حماية العاملين في المجال الإنساني.

ويؤكد صلاح، في حديث للجزيرة نت، أن جميع دول العالم تستهدف في اليوم العالمي للعمل الإنساني إثارة هاتين القضيتين وتسليط الضوء عليهما وحث المنظمات والهيئات العاملة في القطاع الإنساني على التقليل من آثار الناجمة عن التغير المناخي.

ونوه إلى أن المنظمات القطرية لها دور كبير في جهود مكافحة التصحر والجوع والفقر والتصحر، وهي مجالات تسد الاحتياجات التي انبثقت عن التغير المناخي، مضيفا أن هذه الجهود بمثابة واحدة من أذرع الضغط على الدول من أجل اتخاذ إجراءات مناسبة حول تغير المناخ.

ويوضح مدير إدارة التعاون في هيئة تنظيم الأعمال الخيرية القطرية أن تسليط الضوء على القضايا تتطور مع الوقت حيث كانت في الماضي تتمثل في حث الجمعيات على إقامة مشروعات ومساعدة بعض الفئات، لكن في الوقت الحالي أصبح هناك تناول مختلف من خلال إقامة ندوات وفعاليات للتركيز على بعض القضايا والتعريف بها بالمشاركة مع منظمات دولية والحديث عن الأولويات المفترض تسليط الضوء عليها.

المصدر : الجزيرة