4 طرق يمكنها تعزيز الصحة العقلية لكبار السن وتحسينها

كارستن وروش أستاذ علم النفس بجامعة كونكورديا الكندية: أحد أفضل العوامل التي تشير إلى الشيخوخة الناجحة هو القدرة على التحرر من الأهداف التي لا يمكن تحقيقها.

واشنطن بوست: 4 طرق تمكن الكبار في السن من تعزيز صحتهم العقلية أو تحسينها
مراجعة مسيرة الإنسان في هذه الحياة تسهم بتحسين صحته العقلية (شترستوك)

التحديات التي تأتي مع التقدم في العمر والوصول إلى سن الشيخوخة قد تؤدي للإضرار بالصحة العقلية للإنسان، ولتلافي ذلك تقدم جيلينا كيكمانوفيتش -مؤسسة ومديرة معهد "أرلينغتون" (Arlington) للعلاج السلوكي وأستاذة علم النفس بجامعة "جورجتاون" (Georgetown)- في صحيفة "واشنطن بوست" (Washington Post) الأميركية 4 طرق لتعزيز الصحة النفسية لدى كبار السن، وهي:

(بيكساباي)كيف نحمي كبار السن من عدوى كورونا
يجب عدم التركيز على الذات من خلال التواصل مع الآخرين والاهتمام بالمفاهيم الروحية أو بالطبيعة (بيكسابي)

1- راجع مسيرة حياتك

من المسلمات أنه كلما زاد المرء تقدما في العمر؛ مال لاسترجاع الذكريات والأحداث التي وقعت في الماضي.

ومن وجهة نظر علم النفس، فإن مراجعة الماضي تخدم أهدافا محددة، حيث يرى إريك إريكسون -أحد علماء النفس الأكثر تأثيرا في القرن الـ20- أن المرحلة الأخيرة من حياة الإنسان هي للتركيز على مراجعة مسيرته ودمج الذكريات الإيجابية والسلبية، والخروج بشعور عام بأنه عاش حياة هادفة. كما يرى أن الأشخاص الذين يواجهون صعوبة في هذه المرحلة قد يسلمهم ذلك للشعور بالإحباط واليأس.

ويقول الدكتور هربرت رابابورت -الطبيب النفسي الأميركي- إنه "خلال عملي مع المرضى المتقدمين في العمر، غالبا ما نتعامل مع السؤال ماذا كان الهدف من الحياة؟ ومن الأهمية بمكان مساعدتهم في تكوين قصص حياتهم ومشاهدة كيف يؤدي ذلك إلى الشعور بالسلام وقبول كل ما يأتي بعد ذلك".

وهناك أبحاث عديدة تشير إلى أن مراجعة مسيرة الإنسان في هذه الحياة تسهم في تحسين صحته العقلية.

لكن الأشخاص المصابين بالاكتئاب يجدون صعوبة في تذكر الأحداث الإيجابية أو التفكير في حياتهم بطرق غير سلبية بعيدا عن انتقاد الذات. كما يميلون إلى تذكر الأشياء بطريقة أكثر عمومية وتجريدية، دون الكثير من التفاصيل.

وهناك إستراتيجية تساعد على مواجهة تلك الميول وذلك بتعمد تذكر المواقف والأوقات الإيجابية في حياتك، وكذلك تذكر أكبر قدر ممكن من المعلومات الملموسة والحسية وفق الدكتور رابابورت.

واشنطن بوست: 4 طرق تمكن الكبار في السن من تعزيز صحتهم العقلية أو تحسينها
عالم النفس جويل فوس يقترح على كبار السن الانخراط في الأنشطة الهادفة التي كانوا يمارسونها عادة (شترستوك)

2- ابحث عن معنى لحياتك

معظم النصائح الشائعة في علم النفس والتطوير الذاتي تحثنا على اكتشاف معنى في الحياة.

ولكن عالم النفس جويل فوس -مؤلف كتاب "إيجاد معنى في الحياة: دليل قائم على الأدلة للممارسين" (Meaning in Life: An Evidence-Based Handbook for Practitioners)- يخشى من أن ذلك قد يشكل مزيدا من الضغوط على الناس، وقد يصبح مصدرا للشعور بالذنب والخجل فيشعر المرء أنه قد أخفق لأنه لم يستطع أن يجد معنى لحياته. ويقترح بدلا من ذلك أن ينخرط الناس في الأنشطة الهادفة التي كانوا يمارسونها.

وتقول الكاتبة إنها توصلت -من خلال تجربتها العملية في مجال علم النفس- إلى أن الوباء ساعد كثيرا من الناس في وضوح الرؤية بشأن الأمور الأهم في حياتهم. ويعود ذلك في الغالب إلى عدم التركيز على الذات، من خلال التواصل مع الآخرين وتحسين العلاقة بالله من خلال العبادات والاهتمام بالمفاهيم الروحية أو بالطبيعة.

وهناك مصدر آخر للسمو يتحقق من خلال إنجاز شيء ما تقدمه للعالم كإنشاء حديقة تعتني بها بشكل فائق، أو رسم لوحة فنية أو إنشاء منظمة غير ربحية تخدم المجتمع.

واشنطن بوست: 4 طرق تمكن الكبار في السن من تعزيز صحتهم العقلية أو تحسينها
كبار السن الذين يتمتعون بصحة نفسية جيدة يتحولون نحو الأشياء الهادفة التي بإمكانهم القيام بها (شترستوك)

3- تقبل القيود التي تأتي مع تقدم السن

هناك مفهوم خاطئ غالبا ما نسمعه يتردد على ألسنة الناس، يقول إن القبول يعني الاستسلام أو التخلي عن الهدف، ولكنه في الحقيقة يعني عكس ذلك تماما، فهو هنا عملية مستمرة لمواجهة القيود التي يفرضها التقدم في العمر باستخدام الشجاعة والحكمة.

وفي هذا الشأن يرى كارستن وروش -أستاذ علم النفس بجامعة "كونكورديا" (Concordia) الكندية- أن "أحد أفضل العوامل التي تشير إلى الشيخوخة الناجحة هو القدرة على التحرر من الأهداف التي لا يمكن تحقيقها".

ويقول إنه "في حين أن العزيمة والمثابرة قد يكونان أكثر أهمية بالنسبة للشباب، فإن كبار السن الذين يتمتعون بصحة نفسية جيدة يتخلون عن الأشياء التي لم يعد بمقدورهم القيام بها؛ ويتحولون نحو الأشياء الهادفة التي ما يزال بإمكانهم القيام بها".

وغالبا ما يعاني كبار السن من قيود يفرضها تراجع القدرات الجسدية أو المعرفية، مما يحد من حريتهم وقدرتهم على التحكم في حياتهم، وهذا يتسبب بشعورهم بالإحباط. ولمواجهة ذلك ينصح علماء النفس بتعديل توقعاتك لتتناسب مع الوضع الجديد والبحث عن أشياء تستطيع التحكم فيها مهما كانت صغيرة.

واشنطن بوست: 4 طرق تمكن الكبار في السن من تعزيز صحتهم العقلية أو تحسينها
الدراسات تشير إلى أن الأشخاص الذين لديهم قلق شديد من الموت يعانون من مشاكل واضطرابات نفسية (شترستوك)

4- تعامل مع القلق من الموت

مع وفاة ما لا يقل عن 750 ألف شخص بسبب فيروس كورونا في الولايات المتحدة، وجد كثير من الناس أنفسهم في مواجهة مباشرة مع الموت على نحو غير مسبوق في التاريخ الحديث. ورغم ذلك، فإن العديد من الناس يجدون صعوبة في التحدث عن الموت، ويتجنبون الأخبار التي قد تثير قلقهم بشأنه.

وتقول راشيل مينزيس -باحثة الدكتوراه في علم النفس الإكلينيكي بجامعة "سيدني" (Sydney)- "إن العديد من الدراسات تشير إلى أن الأشخاص الذين لديهم قلق شديد من الموت يعانون من مشاكل واضطرابات نفسية".

وتضيف "عادة ما ينحسر القلق من الموت خلال مراحل لاحقة من حياة الشخص، ولكن بالنسبة لبعض كبار السن فإن ذلك القلق قد يرتفع ويمكن أن يزيد ويتسبب في شعورهم بالاكتئاب والقلق".

ولمواجهة القلق من الموت تقترح مينزيس قراءة إعلانات النعي أو مشاهدة أفلام تتضمن الموت، خاصة إذا كان الشخص قد تعود على تجنب مشاهدة تلك المشاهد في السابق.

كما تنصح بزيارة المقابر ودور رعاية المسنين وغيرها من الأشياء التي تساعد على التفكير في الموت بصفته "جزءًا طبيعيًا من الحياة".

المصدر : واشنطن بوست